أسامة مهدي: احتجت حكومة اقليم كردستان العراق على تخفيض حصة الاقليم المالية في موازنة العراق العامة لعام 2018 من 17 بالمائة الى 12 بالمائة، معتبرة ذلك مخالفة دستورية داعية الى مشاركتها في اعداد هذه الموازنة. فيما تحدت قوات البيشمركة الكردية القوات العراقية مؤكدة انها ستتصدى لأي تقدم لها يستهدف شعب كردستان، واصفة الاتهامات التي وجهتها لها القوات بالتنصل من اتفاق بينهما بأنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة.

وقالت حكومة كردستان في بيان صحافي اطلعت عليه "إيلاف" اليوم، انها ترحب باشارة حيدر العبادي رئيس وزراء العراق الى استعداد الحكومة الاتحادية صرف المستحقات المالية لموظفي ومنتسبي اقليم كردستان.

وقالت إن هذه المبادرة تقضي بتأمين المستحقات المالية لموظفي الاقليم الذين يقدرعددهم بـ(1.249.481) موظفاً وتساوي مستحقاتهم مبلغاً قدره 897 ملياراً و500مليون دينار (حوالي 800 مليون دولار) بموجب التسجيل الحقيقي لكافة موظفي ومنتسبي اقليم كردستان حسب نظام البايومتري المعمول به في الاقليم.

ودعت حكومة الاقليم الحكومة العراقية الى عدم المصادقة على مسودة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2018 التي اعدت من دون مشاركة اقليم كردستان.

واشارت الى انه للمرة الاولى منذ عام 2003 يتم تغيير عبارة (اقليم كردستان العراق) الواردة في الدستور من مسودة قانون الموازنة وتم بدلا منه استخدام عبارة (المحافظات التابعة لاقليم كردستان)، وتعد هذه مخالفة واضحة للمادة (121) للدستور الذي اقر عند نفاذه باقليم كردستان وسلطاته القائمة اقليمًا اتحاديًا كما منح لسلطات الاقليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كاقليم وليس كمحافظة.

واوضحت انه تم تخفيض حصة اقليم كردستان من الموازنة الاتحادية للمرة الاولى منذ عام 2005 من نسبة (17%) الى نسبة (12.6%) في مخالفة للمادة (121) من الدستور ، التي تنص على انه على الحكومة الاتحادية تخصيص حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحاديا لاقليم كردستان آخذاً في الاعتبار نسبة سكان الاقليم، وبما انه لم يتم اجراء الاحصاء العام في العراق لحد الآن، فقد تم تحديد نسبة السكان في الاقليم بـ (17%) باتفاق الطرفين وعلى هذا الاساس تم اقرار هذه النسبة في قانون الموازنة العامة الاتحادية السنوية منذ عام 2006 دون ان يستلم اقليم كردستان كامل هذه النسبة فعليا في أي عام وذلك بسبب الزيادة المستمرة للنفقات السيادية سنويًا من دون ان يكون لاقليم كردستان دور في تحديد هذه النفقات، او ان تكون له حصة فيها، مشددة على ان تخفيض حصة الاقليم الى 12,6% ليس له أي سند دستوري ويعد خرقاً للاتفاقية المشتركة بين الطرفين لعام 2006.

واضافت حكومة الاقليم انه تم منح صلاحيات مباشرة لمحافظي اقليم كردستان في قانون الموازنة الاتحادية والتعامل مع محافظات اقليم كردستان كمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وليس كاقليم اتحادي يخالف المادتين (117) و(121) من الدستور.

وشددت على ان الدستور يمنع اي تعديل دستوري فردي يؤدي الى انتقاص صلاحيات اقليم كردستان منوهة الى انه إضافة الى وجود مشاكل السنوات السابقة نفسها في الموازنة الاتحادية، فقد تمت اضافة النقاط الجوهرية المخالفة للدستور المذكورة اعلاه في مسودة قانون الموازنة الفدرالية لسنة 2018.

ودعت حكومة الاقليم الحكومة الاتحادية الى اتاحة فرصة للتفاوض مع مجلس وزراء اقليم كردستان بغية اعادة صياغة مسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018 على اساس المبادئ الواردة في الدستور وبما يضمن حصة عادلة لاقليم كردستان العراق.

يذكر ان القيمة الإجمالية للموازنة العامة للعراق لعام 2018 قد بلغت حوالي 85.33 تريليون دينار ( 71.65 مليار دولار)، بعجز وصل الى 22.78 تريليون دينار ( 19.13 مليار دولار). وكشفت وثائق مسودة مشروع قانون الموازنة عن تخفيض حصة إقليم كردستان من إجمالي الموازنة من 17 % الى 12.67%، مرصودة للنفقات الجارية والمشاريع الاستثمارية بمحافظات الإقليم. وأوضحت الوثائق أن الموازنة تضمنت سعر 43.4 دولاراً لبرميل النفط الواحد، بطاقة إنتاجية بلغت 3.89 ملايين برميل لتتصدر الإيرادات النفطية والثروات المعدنية الإيرادات مقتربة من 73 تريليون دينار عراقي (70 مليار دولار).
وكان العبادي قد وصف في وقت سابق الموازنة المقبلة بأنها تقشفية موجهاً بتخفيض النفقات الحكومية للرئاسات والوزارات وتأمين أجور ورواتب العاملين بالدولة.

البيشمركة تتحدى القوات الاتحادية

تحدت قوات البيشمركة الكردية القوات العراقية، مؤكدة انها ستتصدى لأي تقدم لها يستهدف شعب كردستان، واصفة الاتهامات التي وجهتها القوات لها بالتنصل من اتفاقهما بأنها بعيدة عن الحقيقة.

وقالت وزارة البيشمركة في بيان اليوم تابعته "إيلاف"، انه "خرجت علينا قيادة العمليات المشتركة ببيان بعيد كل البعد عن الحقيقة والادعاء بالوصول الى اتفاق مع الوفد الفني المفاوض للاقليم، غير ان كل ما في الامر كان ارسال رسالة من طرف القيادة المشتركة ردًا على مقترح الاقليم بايقاف اطلاق النار وفصل القوات وبدء حوار سياسي جاد وبناء على اساس الدستور لحل جميع المشاكل العالقة، ومن ضمنها موضوع جبهات القتال غير الدستوري والمفروضة على البيشمركة وشعب كردستان".

واعتبرت وزارة البيشمركة ان رد القيادة المشتركة، اضافة الى اسلوب التعالي والغرور المتسم به، فإنه "يتضمن مطالبات غير دستورية وغير واقعية تشكل خطراً على اقليم كردستان ومواطنيه ومتضمنة زوراً وبهتاناً اتهامات باطلة لقوات البيشمركة مع العلم إن القوة المعتدية بالمدافع والصواريخ والتي تحاول التقدم محتمية بالأليات الاميركية الصنع هي قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي خلافاً للدستور العراقي الذي يمنع اشراك الجيش واستعماله لحل الخلافات الداخلية".

وقالت وزارة البيشمركة في الختام "إننا في الوقت الذي نعلن فيه عن استنكارنا ورفضنا لهذا البيان شكلاً ومضمونًا، نوكد على ان قوات اقليم كردستان صامدة في مواقعها الدفاعية ولكنها لن تتردد في الدفاع عن حياة ومصالح أبناء شعب كردستان الدستورية المشروعة ونؤكد مرة اخرى بأن طريق حل المشاكل الوحيد هو الحوار السياسي البناء وليس لغة الاكاذيب والتهديد والوعيد الفارغة".

وكانت قيادة العمليات المشتركة للقوات العراقية قد اتهمت "قيادة اربيل" بالتراجع عن مسودة الاتفاق على انتشارها والقيام بتحريك قواتها وبناء دفاعات جديدة لعرقلة الانتشار مهددة بمطاردة هذه القوات.

ووصفت القيادة التراجع الكردي بأنه "لعب بالوقت"، وان "ما قدموه بعد كل تلك المفاوضات والاتفاقات وفي اللحظة الاخيرة هو عودة الى ما دون المربع الاول ومخالف لكل ما اتفقوا عليه، وان ما قدموه مرفوض بالمطلق".. وأكدت "ان الاقليم يقوم طول فترة التفاوض بتحريك قواته وبناء دفاعات جديدة لعرقلة انتشار القوات الاتحادية وتسبب خسائر لها، وعليه فانه لا يمكن السكوت عن ذلك ومن واجبنا حماية المواطنين والقوات".

وأمس أكد العبادي ان قوات بلاده مصممة على الانتشار على الحدود وداخل حدود اقليم كردستان. واشار الى ان الاقليم طلب التفاوض "وشروطنا هي ان يكون التفاوض تحت ظل الدستور والعراق الموحد والغاء نتائج الاستفتاء". 

وتمكنت القوات العراقية من السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط في 16 من الشهر الماضي دون مقاومة، لكن قوات البشمركة بدأت بالقتال في الطرف الشمالي الغربي، حيث تدافع عن المعابر الحدودية مع تركيا وسوريا ومركز نفطي يتحكم في صادرات الإقليم من النفط الخام.