إيلاف من القاهرة: يسارع الأزهر الى اتخاذ قرارات عملية وفورية للرد على قرار الإدارة الأميركية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

وشملت القرارات التي اتخذها شيخ الأزهر أحمد الطيب رفض طلب نائب الرئيس الأميركي مقابلته في العشرين من ديسمبر الجاري بمشيخة الأزهر، ودعوة هيئة كبار العلماء ومجلس حكماء المسلمين لاجتماع طارئ لبحث التهديدات الخطيرة التي تواجه القدس.

ولقيت دعوة شيخ الأزهر بتخصيص خطبة الجمعة بجميع المساجد لدعم القدس استجابة واسعة في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، كما ودعا الطيب الشعب الفلسطيني إلى القيام بانتفاضة ثالثة.

ومن ضمن القرارات الهامة التي قررها الإمام الأكبر، ولقيت اهتمامًا واسعًا في العالم الإسلامي، دعوته إلى عقد مؤتمر عالمي لمناصرة القدس، وذلك لتشكيل لوبي إسلامي عربي دولي ضد قرار ترمب.

المؤتمر سيعقد في يناير المقبل بالقاهرة، بالاشتراك مع مجلس حكماء المسلمين، حيث يحرص الأزهر على دعوة كبار رجال الدين والثقافة والسياسيين المعنيين بالقضية للمؤتمر، من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، وذلك للخروج بقرارات عملية تتناسب مع التحديات الخطيرة التي تهدد المقدسات، والتحذير من إشاعة الكراهية بين الشعوب عبر هذه "القرارات الظالمة".

وثيقة الأزهر 

ونشر الأزهر وثيقة صادرة عنه عام 2011، قدم خلالها الأدلة والمواثيق على الأصول العربية لمدينة القدس، حيث ذكرت الوثيقة أن القدس "بناها العرب اليبوسيون في الألف الرابع قبل الميلاد، أي قبل عصر النبي إبراهيم بـ21 قرنًا، وقبل ظهور اليهودية بـ27 قرنًا"، ولفتت الوثيقة إلى أن "الوجود العبراني في مدينة القدس لم يتعد 415 عامًا بعد ذلك، على عهد داود وسليمان في القرن العاشر قبل الميلاد، وهو وجود طارئ وعابر حدث بعد أن تأسست القدس العربية، ومضى عليه ثلاثون قرنًا من التاريخ".

وأشارت الوثيقة إلى أن "تاريخ القدس قد شهد العديد من الغزوات والغزاة، وإن عبرة التاريخ تؤكد دائمًا أن كل الغزاة قد عملوا على احتكار هذه المدينة ونسبتها لأنفسهم دون الآخرين، وقد صنع ذلك البابليون والإغريق والرومان وكذلك الصليبيون، ثم الصهاينة الذين يسيرون على طريق هؤلاء الغزاة، ويعملون الآن على تهويدها واحتكارها والإجهاز على الوجود العربي فيها". أضافت: "القدس ليست فقط مجرد أرض محتلة، وإنما هي - قبل ذلك وبعده- حرم إسلامي مسيحي مقدس، وقضيتها ليست فقط قضية وطنية فلسطينية، أو قضية قومية عربية، وفوق كل ذلك قضية عقدية إسلامية، وإن المسلمين وهم يجاهدون لتحريرها من الاغتصاب الصهيوني، فإنما يهدفون إلى تأكيد قداستها، ويجب تشجيع ذلك عند كل أصحاب المقدسات كي يخلصوها من الاحتكار الإسرائيلي والتهويد الصهيوني". 

تابعت الوثيقة: "الأزهر يناشد كل أحرار العالم أن يناصروا الحق العربي في تحرير القدس وفلسطين، كما يدعو كل عقلاء اليهود للاعتبار بالتاريخ، الذي شهد على اضطهادهم في كل مكان حلوا به، إلا ديار الإسلام وحضارة المسلمين".

قرارات صادمة 

من جانبه، أكد وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان أن "الأزهر أول من وقف عمليًا ضد قرار الإدارة الأميركية بنقل السفارة إلى القدس، حيث دعا يوم الأربعاء الماضي بتنظيم أكبر مظاهرة ضد القرار تخرج من جامع الأزهر عقب صلاة الجمعة، كما خرج الإمام الأكبر ببيان طالب فيه الشعب الفلسطيني القيام بانتفاضة ثالثة لإجبار ترمب على العدول عن قراره، كما رفض الطيب لقاء نائب الرئيس الأميركي، وهو القرار الذي وقع على الإدارة الأميركية كالصدمة، وقد تبعه اتخاذ الكنيسة والرئيس الفلسطيني نفس القرار".

وقال شومان لـ"إيلاف": "إن المؤتمر الدولي المنتظر عقده في يناير سوف يتخذ قرارات تصب في صالح مناصرة القدس، وحماية المسجد الأقصى من العدوان الصهيوني الغاشم، حيث ينتظر تقديم المؤتمر الأدلة والبراهين التاريخية التي تثبت عروبة القدس وكشف كذب الادعاءات الإسرائيلية الأميركية بخصوص يهودية مدينة القدس، كما سيقدم المؤتمر الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه وعروبة القدس".

أضاف: "الأزهر سوف يقوم بإصدار العديد من القرارات الأخرى خلال الفترة المقبلة للرد على قرار الإدارة الأميركية، منها رفض مقابلة شيخ الأزهر أي مسؤول دولة يعترف بالقرار الأميركي أو يقرر نقل سفارة بلده للقدس على غرار القرار الأميركي، كما سيرفض الطيب لقاء أي مسؤول أميركي أو نواب من الكونغرس خلال الفترة المقبلة". مشيرًا إلى أن الأزهر يسعى لتكوين لوبي إسلامي عربي دولي ضد قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس.

لوبي إسلامي 

في السياق ذاته، أكد الدكتور محيي الدين العفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن "الأزهر سوف ينظم أكبر حملة دعوية يقودها كبار العلماء للقيام برحلات خارجية لمختلف دول العالم للتأكيد على عروبة مدينة القدس، والعمل على خلق ضغوط دولية لرفض قرار الإدارة الأميركية بنقل السفارة للقدس، كما سيقوم الأزهر من خلال مبعوثيه المنتشرين في دول العالم الأوروبية والأفريقية على تكوين رأي عام عالمي ضد قرار ترمب، وكشف العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى وكافة المقدسات الإسلامية في المدينة الفلسطينية التاريخية للمسلمين والمسيحيين أولًا". 

وطالب العفيفي في حديثه لـ"إيلاف" جميع المجمعات الفقهية في العالم بتوحيد الصفوف بجانب الأزهر لتكوين لوبي إسلامي قوي ضد قرار ترمب واسرائيل.