أقر البرلمان البولندي يوم الجمعة، 26 يناير 2018م، مشروع قانون يقضي بمعاقبة أي شخص يشير إلى أن معسكرات الموت الألمانية النازية كانت بولندية، ويتضمن مشروع القانون بندا يطبق عقوبة الغرامة أو السجن لمدة ثلاثة أعوام على أي شخص ينسب "المسؤولية أو جزء من المسؤولية إلى الأمة أو الدولة البولندية" فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت من قبل الرايخ الثالث في ألمانيا أو غيرها من الجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب. وقد أقر مجلس الشيوخ يوم الخميس الأول من الشهر الحالي القانون الذي سيطبق على البولنديين والأجانب على السواء، ودائما ما يطلب المسؤولون البولنديون بشكل مستمر من السياسيين والإعلام العالمي التصحيح عند وصف معسكرات الموت بانها "بولندية"، مثل "اوشيفتز" الذي اقامه الالمان في بولندا خلال فترة الاحتلال.

كعادتهم في كل مناسبة يثار فيها موضوع المحرقة المزعومة، شن المسؤولون الإسرائيليون حملة انتقاد وتشهير ضد المسؤولين البولنديين، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"في بيان له: "أعارض هذا القانون بشدة. لا يمكن لأحد أن يغير التاريخ ولا يمكن إنكار المحرقة". وقال وزير شؤون التعليم والشتات "نفتالي بنينت": "هذا تجاهل مخزٍ للحقيقة، إنها حقيقة تاريخية في ان كثيرا من البولنديين ساعدوا في قتل اليهود وتسليمهم وتعذيبهم، وحتى قتلهم إبان وبعد المحرقة".

ومن اجل تكريس هذه الحكاية، التي يشكك بها البعض، يحيي الإسرائيليون كل عام ذكرى ما يطلقون عليه "الهولوكوست"، التي يدعون انه راح ضحيتها ستة ملايين يهودي قضوا في الحرب العالمية الثانية على أيدي النازيين والمتعاونين معهم حسب اعتقادهم، حيث يتم إنزال الأعلام في جميع المؤسسات العامة، وتدوي صفارات الإنذار في جميع مدن ومستوطنات دولة الكيان الإسرائيلي لدقائق صمت على أرواحهم وغيرها من الفعاليات في ذكرى هذه القصة.

بسبب هذه الواقعة، مثار التشكيك، حصلت إسرائيل طبقا لإتفاقية دفع التعويضات الألمانية "اتفاقية لوكسمبورج" الموقعة في شهر سبتمبر 1952م على ما يقدر بثلاثة مليارات مارك الماني غربي من جمهورية المانيا الاتحادية في غضون 12 عاما (ما بين عام 1953م و1965م)، كذلك التزمت الحكومة الألمانية بدفع معاش شهري لكل يهودي - أينما كان - إذا أثبت تعرضه لمطاردة الحكم النازي في أوروبا منذ العام 1933م وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

بعض الباحثين كشف، حسب الوثائق التي تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، أن ألمانيا النازية قد تعاونت مع الحركة الصهيونية لإشعال الكراهية ضد الساميين من أجل تهجير اليهود الى فلسطين لتأسيس الدولة الإسرائيلية، فقد سهلت البنوك الألمانية تسريب أموال اليهود الألمان من ألمانيا الى بنوك يهودية في فلسطين. وقد قامت الصهيونية العالمية بنشر معاداة السامية في جميع الدول الأوروبية وفي شمال إفريقيا، وشجعت بعض الأعمال الإرهابية ضد تجمعات اليهود من أجل إقناعهم ودفعهم لهجرة البلاد التي كانوا يسكنوها وكانوا مواطنين فيها وذلك لدفعهم للهجرة الى فلسطين.

 في عام 1960م أكد الدكتور "كوبوفي"من مركز تل أبيب للتوثيق عدم صحة "الهولوكوست"، وأنه لا توجد وثيقة موقعة من طرف "هتلر" أو أي مسئول سامي من النازيين أو المقربين من "هتلر" في ذلك الوقت تتحدث عن إبادة اليهود، كما أنه ينفي مقتل ستة ملايين يهودي، إذ يذكر أن العدد الحقيقي يقارب الواحد وثمانين ألف شخص فقط قضوا بفعل الحرب والأمراض وليس داخل "غرف الغاز" كما يزعم اليهود ومن ورائهم الغرب.

المفكر الفرنسي "روجيه جارودي" اجرى دراسة قيمة ونشرها في كتابه المعنون "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" وذلك في فصل كامل أسماه "اسطورة الملايين الستة – الهولوكوست"، ناقش فيها الادعاءات اليهودية المحاولة لترويج هذه الفكرة، وان الهدف من هذه الأسطورة ك هو التبرير الأيديولوجي لإنشاء دولة إسرائيل، مفندا بشكل علمي وعملي الادعاءات والوثائق اليهودية، مؤكدا انه لا توجد وثائق يقينية بأنه تمت إبادة ستة ملايين يهودي في معسكرات الإبادة والاعتقال أيام حكم النازيين في المانيا. وعن فكرة "افران الغاز" يقول: هذه الفكرة غير ممكنة التنفيذ من الناحية الفنية، وان أحدا لم يوضح حتى الآن كيف كانت تعمل هذه الأفران المزعومة، وما الدليل على وجودها.

اما "دوجلاس ريد" الذي يعد واحدا من ابرز الصحفيين البريطانيين الذين غطوا الحرب العالمية الثانية، فقد استوقفته بعد الحرب أسطورة "المحرقة النازية" والترويج لها خصوصا في الولايات المتحدة، حيث صدر له كتاب في الولايات المتحدة في عام 1947م بعنوان "بعيدا وواسعا –Far and Wide". فند "ريد" في كتابه هذه الواقعة معتمدا على الأرقام ودلالتها التي لا تكذب، حيث أشار الى إحصاء "عصبة الأمم" عن عدد اليهود في العالم عام 1938م، وهو آخر تقرير سنوي لهذه المنظمة الدولية قبل الحرب العالمية الثانية، ثم قارنه بما ورد في اول إحصاء أصدرته "الأمم المتحدة" التي حلت محل "عصبة الأمم" بعد الحرب، وقد أظهرت المقارنة ان عدد اليهود في العالم بعد الحرب التي استغرقت حوالي ست سنوات (1939 –1945) بقي بعدها كما كان قبلها في حدود 11 مليون شخص.وهناك مفكرون وباحثون غربيون آخرون (لا تسع هذه المقالة القصيرة لذكرهم) فندوا هذه القصة.

أتساءل: لماذا لا يحي العرب والفلسطينيين ذكرى المذابح الحقيقية التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، وهي: مذبحة بلدة الشيخ 1947، ودير ياسين 1948، وقرية أبو شوشة 1948، والطنطنورة 1948، وقبية 1953، وقلقيلية 1965، وخان يونس 1965، والمسجد الأقصى 1990، ومذبحة الحرم الإبراهيمي 1994، ومخيم جنين 2002م؟