ثلاثون عامًا عصفت فيها موجة التطرف في السعودية وجعلت منَّا قطيعًا مسيرًا ومبرمجًا بدعاة الضلالة فعاثوا في حياتنا حتى أوهمونا أن كل شيءٍ بآرائهم وفتاويهم التي ليس لها مرجع ديني من الأساس، إن الدين عند الله الإسلام المعتدل وليس لهيب التشدد والتطرف والإكراه، فقد حاولوا توليد كراهيةٍ بين أهل المذاهب ونزع ثقافة التعايش ، واتخذوا أسلوب الترهيب والتخويف في دعوتهم حتى تفاقست لدينا أجيالًا بعد أجيالٍ ينهون عن المنكر بطريقة فظّة وكأنهم أولياء على الناس، رُهبان الدين هم من يسير الناس وراءهم دون التفكُّر بالعقل والمنطق وينسى البعض أنهم بشر مثلنا يخطئون وليسوا ملائكة منزلةً من السماء، فقد قدَّس هذا المجتمع شخصية الداعية أكثر من عالم الدين والشيخ والأول أحيانا لا يملك سوى الجهل بالدين والعبث بالأحكام الدينية ووضع الفتاوى التي تقعر من شأن الانسان وتحارب الحياة الطبيعية لأيَّةِ مجتمع، حاولوا بكل جهدٍ تغليف المجتمع وجعل الناس مخلوقين لا للاستمتاع بالحياة بل لدفن الإنسانية وبث الكراهية.

إن هذه الفئة التي ولَّدت عقول الناس بالصحوة تستمد مناهجها وشرائعها من جماة الإجرامية التي تدعى "جماعة الإخوان" فهي راعية وتتبنى كلَّ فتاويهم فهم أشد كفرًا ونفاقًا ، جذور الصحوة مازالت جذورها ساريةً بعدما عثوا في حياتنا وأشعرونا أن التعايش حرامٌ مع الأديان الأخرى وبأننا مستهدفين في عقديتنا فأيُّ استهداف والغرب منشغلٌ في توليد علماءٍ جدد واكتشافات ترفع من قيمتهم كبشر ، وهؤلاء أشغلونا في تأليف فتاوى جديدة مسيلةٍ للضحك ، فحرَّموا مشاهدة المباراة الأجنبية وكان شبابنا إذا أرادوا متابعتها كأنهم في حربٍ ونضالٍ عند البحث عن هذه القنوات في أماكن أخرى تبث المباريات للمشاهدة فقد عانى جيل الستينات والسبعينات ميلاديًّا واندفنوا مع عقد الصحويين .

والمرأة لها نصيب منهم فقد تمت شرنقتها بأحكامٍ مزيَّفةٍ وجعلوها مخلوقًا ناقصة عقلٍ ودينٍ فقد كانوا يستدِلُّون بأحاديث ضعيفة لتقوية حججهم التي ليست من ديننا الإسلامي ، فأقاموا عليها حبل الوصِيِّ بتهمة سوء ظنهم بها ، فكانوا يرون أنها هي المصيبة وهي الجريمة وهي الحرمة والله تعالى كرَّم الإنسان وليس بظلام للعبيد بأن يجعل المرأة ناقصة!، كيف هي ناقصة والجنة تحت قدميها !.

 مايثير الدهشة أيضًا كانت في زمننا القريب قيادة المرأة للسيارة محرَّمة والعلَّة بأن هنالك داعيةٌ قال بتحريمها وأنَّ قيادتها للسيارة تُسبب أذًى في مبايضها!! فهذه من الفتاوى التي هوَّشت الكتب الدينية وما دعاتنا من أمثال هؤلاء إلَّا عالةُ علينا فجميع العرب المسلمين لم يعترفوا بأمثالهم فأصبحنا مقيدين بهم 30 عامًا واستعمرت هذه الفئة المتطرفة الحسبة وجعلت الأمر بالمعروف بالضرب والنهي عن المنكر بالتشهير والإهانة وكانوا يجرُّون بعض الشباب إلى الحلاقة لقص شعره بالقوة والإكراه وذلك لأن هذه القصة فيها تشبُّهٌ بالكفار..! فيا لحسرة ذلك الجيل المُتروِّع والمتجرِّع من بعض الإهانات والانتهاكات منهم فمن يعتذر لهم ويعوِّضهم .!

هذه الفئة المتطرفة بكامل الأسف مازالت جذورها حيَّة وقابلة للنمو في التعليم وإذا أردنا أن نقتلع التطرُّف من جذوره علينا أن نغيِّر ونعمل على تحوّلٍ جذريٍّ لبعض المناهج وأيضًا إعادة التوظيف لبعض كوادر التدريس فتربية هذا الجيل بدون عقد الصحوة من الضرورات حتى نستطيع أن نرتقي بهذا المجتمع وننهض بهوية الإسلام المعتدل الصالح الخالي من أفكار شياطين التطرف .

والضحايا الذين وقعت عليهم شباك الصحوة من جيل السبعينات والثمانينات يحتاجون إلى تعويضٍ نفسيٍّ عن كل الخرافات التي كمَّمتهم عن سير الحياة بشكل طبيعيٍّ فمقولة مدمِّر الصحوة أمير الشباب سيِّدي الأمير محمد بن سلمان شافيةٌ لتعافي المجتمع من وَهَم الصحوة حين قال :

" 70 في المائة من الشعب السعودي هو أقل من 30 سنة وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرِّفة ، سوف نُدمِّر المتطرفين اليوم وفورًا " .

كاتبة سعودية