فعاليات أكاديمية مختلفة تشارك فيها نخبة كبيرة من أهل الاختصاص
أدنبرة - ايلاف: انتهت صباح يوم الجمعة، سلسلة من الندوات والفعاليات الفكرية والادبية الدولية، استضافتها جامعة ادنبره في اسكتلندا هذا الشهر،&ناقش فيها&المشاركون&العديد من
الدكتور ياسر سليمان (تصوير صموئيل شمعون)
الموضوعات الهامة، منها، &الرحلة الى مصر والشرق الادنى -(11 الى 15 تموز (يوليو)&و مؤتمر الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الاوسط (15- 18 تموز / يولبيو) ومؤتمر دراسات الجزيرة العربية الذي بدء يوم 12 تموز وانتهى الخميس 19 منه). ويشارك في هذه المؤتمرات اكثر من 500 باحث وباحثة من بلدان مختلفة من العالم وذلك في اطار الاحتفال بمرور 250 عاما على تدريس اللغة العربية والعلوم الاسلامية في هذه الجامعة العريقة.

ولعل اكبر هذه المؤتمرات جميعا مؤتمر الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الاوسط الذي يشرف على تنطيمه البروفسور ياسر سليمان مدير معهد ادنبره لدراسات العالم العربي والاسلام. ولم يتمكن الدكتورعزمي بشارة، العضو الفلسطيني في البرلمان الاسرائيلي، من الحضور لالقاء محاضرة المؤتمر الافتتاحية الاولى،&نتيجة &المضايقات التي تعرض لها من قبل السلطات الاسرائيلية مؤخرا.
وقال الدكتور ياسر سيلمان ل، "ايلاف" ان الاوراق التي قدمت في هذه الفعاليات الاكاديمية والفنية، غطت موضوعات عدة شملت السياسة والاقتصاد والمياه والتاريخ والقانون والادب والترجمة والعولمة والفن الاسلامي، بما في ذلك التطريز الفلسطيني حيث اقيم معرض صغير لهذا الفن على جانب اعمال المؤتمر. وتناول اوراق المؤتمر كافة دول المنطقة، كما اقيم معرض للمخطوطات الاسلامية ومعرض للكتاب واخر للسجاد الشرقي على جانب اعمال المؤتمر"
ومن الفعاليات التي لاقت نجاحا كبيرا، يقول الدكتور ياسر سليمان الأمسية الشعرية التي أحياها الشاعر العراقي سعدي يوسف والشاعر الاردني أمجد ناصر والشاعر الليبي الاميركي خالد مطاوع، قدمتهم مارغريت أوبانك ناشرة ومحررة مجلة "بانيبال" المختصة بنشر الأدب العربي باللغة الانكليزية. (ستبث قناة ايلاف القصائد التي قرأها الشاعر سعدي يوسف).

تاريخ اللغة العربية والاسلاميات في ادنبره

وقد احتفلت جامعة ادنبره في العاصمة الاسكتلندية هذا العام بمرور مئتين وخمسين سنة على تدريس اللغة العربية والدراسات الاسلامية عندما ابتدأ البروفسور جيمس روبرتسون، استاذ الدراسات الشرقية، بتدريس العربية والقرآن الكريم لطلابه لاول مرة عام 1715 في هذه الجامعة التي يعود تاريخ تأسيسها الى 1583. ولم ينقطع الاتصال الفكري بالعالم العربي والاسلامي حتى يومنا هذا، بل تعمق وتنوع ليصل الى ذروته خلال السنوات الاخيرة بتأسيس معهد ادنبره لدراسات العالم العربي والاسلام الذي يرأسه البروفسور ياسر سليمان، الذي يؤدي دورا رياديا في اوروبا بتنشيط الدراسات اللغوية الاجتماعية والسياسية في سياق الشرق الاوسط حيث تشمل ابحاثه المتميزة مواضيع تتعلق باللغة والهوية القومية واللغة والصراع السياسي، مطبقا هذه الابحاث على اللغات العربية والكردية والبربرية والعبرية، هذا بالاضافة الى اهتماماته بالترجمة والهوية القومية والترجمة والرقابة.
ولجامعة ادنبره باع طويل في تطوير دراسات الشرق الاوسط والدراسات الاسلامية في بريطانيا والغرب على وجه العموم. فبالاضافة الى تاريخها في تدريس اللغات العربية والفارسية والتركية، تقوم هذه الجامعة العريقة بتدريس الشريعة الاسلامية والفن الاسلامي والعمارة الاسلامية فضلا عن التاريخ الاسلامي والتاريخ الحديث والادب، بشقيه القديم والحديث، والترجمة والسياسة والفلسفة الاسلامية والانثروبولوجيا كما ويهتم اساتذة هذه الجامعة بدراسة تاريخ الطب الاسلامي والقانون والموسيقى وتاريخ ماليزيا واسيا الوسطى والعلاقات الاسلامية المسيحية. ويفوق عدد اساتذة الجامعة المختصين في هذه المجالات 25 استاذا حصلوا على شهاداتهم العليا من ارقى الجامعات في العالم.
وعلى مدار هذه السنوات لمعت اسماء عديدة تحمل اسم هذه الجامعة كعنوان على ريادتها العلمية. ففي القرن التاسع عشر لمع اسم البروفيسور وليام ميور، الذي كان يعد في زمانه شيخ اساتذة التاريخ الاسلامي في الغرب قاطبة، والذي شغل فيما بعد منصب رئيس الجامعة في ما بين 1885 1903 اما في القرن العشرين فقد لمع اسم البروفيسور وليام مونتغمري واط الذي اشتهر بمؤلفاته العديدة والمتنوعة والذي شق طريقا اكثر فهما وتفهما للاسلام والتاريخ الاسلامي، حائزا بذلك على قصب السبق على من عاصروه، ولعل ذلك يعود الى السنوات التي قضاها هذا الاستاذ، الذي جاوز عمره التسعين، في مدينة القدس قبل قيام اسرائيل، فحبه لهذه المدينة بقي عالقا في نفسه ونفس زوجته التي كانت تكتب الشعر بالانكليزية، والتي تغنت في بعض قصائدها المنشورة بجمال فلسطين وطيبة اهلها، ملمحة للخطر القادم الداهم على هذا البلد وعلى اهله.
ومن الاسماء التي لمعت في النصف الاول من القرن العشرين اسم الدكتور ريتشارد بيل، استاذ البروفسور مونتغمري واط. فقد كان لريتشارد بيل دور قيادي في الغرب في مجال الدراسات القرآنية حيث ما زالت دراساته، على ما فيها من آراء قد لا يتفق البعض معها، مرجعا حتى يومنا هذا. وقد ارتبط اسم جامعة ادنبره ايضا باسم الاستاذ الوين ساتون الذي قدم دراسات ريادية انصبت جلها على الفارسية.
وتفخر جامعة ادنبره بخريجيها الذين شغلوا مراكز هامة اكاديميا، ومنهم البروفسور هاميلتون جيب الذي شغل كرسي الدراسات العربية في اكسفورد، ومن ثم في هارفرد، والبروفسور بوب سارجنت الذي شغل كرسي الدراسات العربية في مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية في لندن ومن ثم كرسي الدراسات العربية في جامعة كامبريدج والبروفسور ادموند بوزورث الذي كان يشغل كرسي الدراسات الاسلامية في جامعة مانشتسر حتى تقاعده قبل عدة سنوات. ومن طلبة هذه الجامعة المتفوقين في السنوات الاخيرة الليبي الدكتور محمد علي يونس، الذي فاز عام 1997 بجائزة افضل رسالة دكتوراه في دراسات الشرق الاوسط في بريطانيا، والبريطاني وليام دونالدسون الذي فاز بالجائزة نفسها عام 2000.

اكاديميون مرموقون ومخطوطات نادرة

ومن الاساتذة المعاصرين الذين ترتبط اسماؤهم باسم جامعة ادنبره، اضافة الى البروفيسور ياسر سليمان الذي نشر كتابا عن التعليل في الفكر النحوي العربي قبل عام تقريبا، هناك البروفسورة كارول هيلينبراند المختصة بالتاريخ الاسلامي والتي نشرت مؤخرا كتابا قيما عن الحروب الصليبية من وجهة نطر المؤرخين العرب والمسلمين، وزوجها البروفسور روبرت هيلنبراند احد اشهر المختصين بالفن الاسلامي والعمارة الاسلامية، الذي حاز كتابه عن فن العمارة الاسلامية المنشور قبل سنوات على عدة جوائز.
ويعمل في جامعة ادنبره ايضا الدكتور ياسين داتون المختص بالدراسات الاسلامية والذي نشر مؤخرا كتابا عن موطأ ابن مالك، والدكتور آندرو نيومان الذي الف كتابا عن الصفويين نشره قبل شهور، والدكتور بيل دونالدسون الذي نشر قبل سنة كتابا عن المزارعة في اليمن، كما يعمل في ادنبره ايضا الدكتور ابراهيم مهوي المختص بالفولكلور الفلسطيني، الذي قدم لها ترجمة رائعة الى الانكليزية لكتاب محمود درويش "ذاكرة النسيان" كما قام ايضا بترجمة بعض اعمال زكريا تامر وامجد ناصر الى اللغة نفسها. وهناك ايضا الدكتورة سيلفيا اوولد المهتمة بتاريخ عمارة بيت المقدس، والدكتورة ايريس جين كلاين المختصة بالانثروبولوجيا الفلسطينية، والدكتورة باربرة كروفارد المختصة بعلم التنمية، ومجال اختصاصها اليمن، والبروفسورة باتريشيا جيفري المختصة بموضوع المرأة المسلمة في شبه القارة الهندية، والبروفسور ديفيد كير المختص بتاريخ الكنيسة المارونية والعلاقات الاسلامية المسيحية والدكتور مارك تروين المختص بالموسيقى.
ومن الاساتذة الذين التحقوا بجامعة ادنبره في العامين الفائتين الدكتور ياسين نوراني المختص بالادب الحديث وادب عصر النهضة، وله فيهما دراسات قيمة، والدكتور جون تشالكروفت المختص بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي لمصر بالقرن التاسع عشر. وكان جون تشالكروفت قد حاز هذا العام على الدكتوراه بامتياز من جامعة نيويورك ومنح جائزة احسن شهادة دكتوراه تقديرا للتفوق الذي حققه. ويلتحق بمعهد ادنبره لدراسات العالم العربي والاسلام برتبة زميل كل من البروفسور بيل روف اشهر الاختصاصيين في العالم بتاريخ ماليزيا الحديث. والسيد بيتر هينشكلف سفير بريطانيا الاسبق في الكويت والاردن الذي يلقي محاضرات عن الدبلوماسية البريطانية في الشرق الاوسط. ومن العاملين بجامعة ادنبره ايضا الدكتور بول ليلور المهتم بالسياسة الاردنية والصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وتمتلك جامعة ادنبره مكتبة عربية واسلامية متميزة تضم اكثر من الفي مخطوط، بعضها غاية في الندرة، كجامع التوازيخ الذي الفه الامير فضل الله رشيد الدين بن عماد الدولة المتوفى سنة 1318 ميلادية، يعود تاريخ هذا المخطوط اليتيم الى 1306 ميلادية ويحتوي على سعبين مصورا على حالة عالية من الجودة ونضارة الالوان، وهناك مخطوط بعنوان اخبارمكة للامام ابي الوليد الغساني الازرقي المكي المتوفي سنة 858 ميلادية، اما تاريخ هذا المخطوط فيعود الى عام 1485 ميلادية. وبالاضافة الى الكتب الحديثة والمعاصرة، اغتنت مكتبة الجامعة مؤخرا بهبات رائعة شملت مكتبتي الاستاذين روبرت سارجنت وويليام مونتغمري واط، ومجموعتين ثمينتين من الصور يبلغ محتوى احداهما اكثر من 20 الف صورة يعود تاريخها الى بداية القرن الماضي.
أنشطة احتفالية
واحتفالا بهذا التاريخ العريق نظم معهد ادنبره لدراسات انشطة احتفالية العالم العربي والاسلام هذا العام مجموعة من الفعاليات ضمت حفلات موسيقية، سبقتها في بعض الاحيان محاضرات عن الموسيقى في العالم العربي وبعض الدول الاسلامية.
كما تم تنطيم سلسلة من المحاضرات العامة، تحت عنوان شهادات الاساتذة اصحاب الكراسي، القاها اساتذة الدراسات العربية والاسلامية ودراسات الشرق الاوسط في الجامعات البريطانية، كان الهدف منها القيام بمراجعات نقدية للمسائل والمنهجيات المتعلقة بهذه الدراسات.
وقد غطت هذه المحاضرات ميادين السياسة والادب والانثربولوجيا والحدود هو المياه والاقتصاد والعولمة واللغة والترجمة والموسيقى والاسلام.
وقد شارك في هذه السلسلة كل من البروفيسور توني الن واوين رايت وريتشارد تابر من مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن، وكل من البروفيسور رشيد العناني وتيم نبلوك واديريان جلي وجيمس موريس من جامعة اكستر، وكل من البروفسور يوان ادندرسون ورودني ويلسون وجيالد بليك وانوش اهتشامي من جامعة درم، والبروفيسور كلايف هولز وزميله رضا شيخ الاسلام من جامعة اكسفورد، والبروفسور هيو كندي وزميله ريموند هينوبوش من جامعة سانتاندرروز. كما وشارك ايضا في هذه السلسلة البروفسور فريد هاليدي من جامعة لندن، والبروفسور طريف الخالدي من جامعة كيمبرح، والبروفسور ايان نتون من جامعة ليدز، والبروفسور يورغن نيلسون من جامعة بيرمنغهام، والبروفسورة منى بيكر من معهد العلوم والتكنولوجيا في مانشستر، والبروفسور ديفيد وينز من جامعة لانكستر. ومن المؤمل ان يتم نشر هذه المحاضرات في المستقبل في كتاب تذكاري. باعتبارها وقفة تأمل اكاديمية تتزامن مع نهاية القرن العشرين ومطلع الالفية الثالثة.
وفي خارج اطار الجامعة نطم نادي السنيما في ادنبره مهرجان سينما البلدان العربية المطلة على البحر المتوسط، بدعم سخي من الاتحاد الاوروبي، وذلك ما بين 9-22 شباط (فبراير).
وقد شمل هذا المهرجان اكثر من 35عرضا سينمائيا لافلام من مصر ولبنان وفلسطين وتونس والجزائر والمغرب. وقد تلت هذه العروضات مناقشات شارك فيها ضيوف من فلسطين ومختصون من بريطانيا نفسها. واصدر نادي السينما كتابا تذكاريا بهذه المناسبة سرعان ما نفدت نسخة.