أيها الشيخ العجوز &
ها أنت قاربت التسعين!&
تساقطت أسنانك وأنت تمضغ ظلام المنافي، والحجرات المقفلة! &
اختفى شعرك في غبار طرقات عبثا تلاحقها فهي تزوغ عنك إلى مدن العالم المضيئة! &
بان من وراء جلدك هيكلك العظمي كأنه في تابوت!
وأنت لا زلت تحدق في المرآة معجبا بنفسك.&
تحلم بعشيقات، ومخادع حريرية ،ودنان خمر!
أي حكمة حصدتها من تلك الحقول الخضر التي مررت بها&
فصارت رمادا؟
أنت الذي جعلت خطاك لعنات وحرائق،&
قبعتك المزوقة بأحلى الكلمات، وأشدها غضبا،كانت فقط لتهييج النسور والثيران كي تلاحقك، وتنهش رؤوس أبنائك المساكين؟
&كم سجنهم المجانين القساة، ليس فقط لأنهم قساة ومجانين فقط، بل&
&لأنك وضعت حتى في قدح الشاي، وقارورة العطر ، &ذرة بارود!
&ما لم تفعله في شبابك!
&هل تستطيع أن تفعله في شيخوختك؟&
قطعت الشجرة الخضراء التي كانت قد بدأت تمنح ثمرها، وعطرها ينعش الصدور!
هدمت البيت الذي كان يصعد عاليا!
أردت لكل شيء أن يطابق خريطتك المرسومة بثلج السراب!&
شجرتك الموعودة يجب أن تشرب دموع الأمهات أولاً!&
دماء أجمل الشبان والفتيات ثم بعد &كل هذا؛ تقطع ليصنع منها كرسي لرجل غريب!&
القلب والروح في علبة ثقاب!&
ساعتك التي وعدت أنها ستدق بلحظة &محتمة!&
سابقة ديكة الفجر&
وأبواق الجنود
بيعت في سوق الهرج ولم تسد رمق عائلة!&
&أبناؤك الطيبون صبروا عليك طويلا
&منحوك أحلى أعمارهم&
وأنت سادر لا تقرأ سوى وجهك في المرآة
ساحر بدائي &يقرأ في جلد الأفعى&
تاريخ قبيلته!
أبناؤك، أحفادك، &الطيبون، البلهاء، المغفلون، الحالمون، النرجسيون مثلك، السكارى، الصاحون أكثر مما يجب، المشاكسون عبثا، ظلوا يصلون لك،&
يعبدونك!
قدموا سماءهم سجادة تحت قدميك
عصروا عقولهم في كأس خمرك المضللة!
ثقبوا أرواحهم بإبرة ساعتك التي ظلت لا تقدم ولا تؤخر، لكنها تدق أعلى من أبراج الكنائس، وناطحات السحاب!
وأنت سادر في البحار بعيداً بعيداً
حيث الصقيع وعواء الذئاب.
أبناؤك يلحقون بك، أعضاؤهم الممزقة، تمخر الأمواج المتلاطمة ،تابعة أخشاب السفينة المحطمة، أرواحهم تتقافز أسماكا صغيرة بين الكواسج والحيتان!
وأنت كما أنت منذ أول يوم مولدك.&
تضع أكاليل غار وأغصان زيتون على مهدك!
ترقب سفينتك تكبر بتوابيت أبنائك وأحفادك!
منتظرا الحمامة الزاجلة تأتيك بتلك الرسالة التي لن تصل أبدا، فقد مات المرسلون منذ أمد بعيد!
مراياك الكثيرة محطمة على الشاطئ المهجور مع الأصداف والقواقع!
متى أيها الشيخ &العجوز تخرج من مرآتك الأخيرة؟&
& تجلس لحظة ، لحظة واحدة، وتقول الحقيقة، حتى ولو لنفسك فقط ،
&ولمرة واحدة في حياتك!
&