خان يونس (الاراضي الفلسطينية): تحاول فنانة تشكيلية هولندية اصلاح ما خربته الحرب محولة الى تحفة فنية بقايا ركام منازل دمرها القصف الاسرائيلي العام 2014 في خان يونس في قطاع غزة المحاصر. عملت الفنانة التشكيلية الهولندية ماريان تويين (52 عاما) بمساعدة مهندسين وفنيين فلسطينيين على "تحويل دمار البيوت الى نحت جميل" ضمن مبادرة لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني. فاحالت منزل ابو احمد شعث الذي تعرض للقصف المدفعي العام 2014، الى ما يشبه متحفا صغيرا يؤمه الزوار. وتقول تويين التي ارتدت قميصا وسروالا اسود انها اعادت استخدام بقايا حجارة واعمدة وسقف المنزل المتضرر نتيجة لغارة اسرائيلية وحولتها الى اشكال فنية لافتة وجذابة. والنتيجة غرف مفتوحة قبالة صالة واسعة محاطة باعمدة حجرية ورخامية داخل المنزل في خان يونس. وكانت الفنانة معتادة على العمل على ابنية بصدد الهدم لاقامة معارض موقتة فيها ولا سيما في هولندا وروسيا وجنوب افريقيا. وهي تقول "المجيء الى غزة شكل مرحلة جديدة . فللمرة الاولى اعمل على ابنية دمرتها الحرب". وتضيف "الحرب فوضى تامة (..) فهنا نرى المكان الذي دخلت منه القذيفة (..) انا رتبت الغرف والحجارة الصغيرة والركام". واقامت جدرانا جديدة بدل تلك التي انهارت بفعل القصف. والى جانب قطع من الحجارة الصخرية التي جمعت من بين الركام، نجحت عملية النحت اليدوي خلال المشروع الذي استغرق انجازه ثلاثة اشهر، في عكس صورة جمالية متكاملة. واعادت تويين استخدام البلاط والغرانيت المهشم في زخرفة الارضيات المتصدعة.وحرصت الفنانة الهولندية على تثبيت اعمدة حديد بطول ستة امتار تقريبا ربطت بجسور علوية لتشكل واجهة المنزل الذي كان يستعد مالكه لجرفه بغية اعادة بنائه. وتقول تويين "المنزل تعرض للقصف وهذا امر سلبي لكني اظن اني نجحت في تحويله الى شيء ايجابي. ففي الوقت الراهن لا وجود للفوضى". اشرف اربعة فنيين يعاونون تويين على اغلاق فتحة كبيرة في واجهة المنزل بالطوب المصفوف بطريقة هندسية من دون الحاجة الى الاسمنت القليل في غزة فيما اشعة الشمس تخترق فتحة في السقف العلوي للمنزل وتنعكس على زجاج اختلط بالحجارة المصفوفة على الجدران. واستخدم الفريق الواحا خشبية لتثبيت الحجارة. لكن العمل لم ينته بعد على الواجهات الخارجية للمنزل الذي يبدو طلاؤه القديم باللونين الابيض والاخضر شاحبا، وتظهر اثار القصف عليه.

&رسالة الى العالم&
دمر الجيش الاسرائيلي في حرب صيف العام 2014 التي استمرت 50 يوما، اكثر من مئة وعشرين الف منزل جزئيا او كليا في القطاع المحاصر منذ عشر سنوات. وادت الحرب الى مقتل 2251 فلسطينيا و73 اسرائيليا بحسب وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا). وقال الناطق باسم الاونروا كريس غانيس ان 71 الف منزل اصلح ولا يزال 57 الفا اخر بحاجة الى ترميم او اعادة بناء. واوضح عدنان ابو حسنة الناطق الاخر باسم وكالة الاونروا "تمت اعادة اعمار 650 منزلا حتى الان من بين تسعة الاف دمرت كليا". وتأمل تويين ان يبقى هذا البيت صامدا، وهي تحث المواطنين لزيارته. وتؤكد "الشعب الفلسطيني رغم الحصار والحرب يحب الفن والجمال والحب والحياة. لا يأس رغم كل المشاكل والمتاعب التي يواجهونها في فلسطين". ويصف محمد ابو دقة احد معاوني تويون المنزل بحلته الجديدة ب"لوحة فنية جميلة". ويتمنى ابو دقة "ان تصل الرسالة للعالم حول معاناة اهل غزة ليتم وضع حد لجرائم الاحتلال المتواصلة". وتؤكد تويين من جهتها ان المشروع في غزة "خطوة جديدة ستنقل جانبا من معاناة غزة للعالم".
وشهد قطاع غزة البالغ عدد سكانه 1,9 مليون نسمة، والذي تسيطر عليه حركة حماس ثلاث حروب في غضون ست سنوات. وهو خاضع ايضا لحصار اسرائيلي صارم منذ عقد من الزمن فيما تبقي مصر حدودها وهي المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، مغلقة بشكل شبه دائم. وقد اتى عشرات من الجيران وسكان القطاع لزيارة المنزل. ويقول محمد النجار (40 عاما) من سكان بلدة خزاعة شرق خان يونس " لا ازال انتظر اعادة بناء منزلي الذي اصيب باضرار كبيرة في قصف مدفعي اسرائيلي". ويضيف "اعجبتني الفكرة باللمسات الغربية، واتمنى ان اجد من يساعدني لبناء بيتي مثله".
&