القاهرة: شهدت مكتبة الإسكندرية انطلاق احتفالية "شكسبير 400: إلى أبد الآبدين 2016"، التي تنظمها في الفترة من 23 إلى 27 إبريل 2016، بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني في مصر، وذلك بمناسبة مرور 400 عام على وفاة الكاتب المسرحي والأديب الشهير وليم شكسبير (1564-1616) حيث تحتفل المكتبة على مدار الأيام الخمسة بالتراث الذي خلفه وليم شكسبير للإنسانية جمعاء، وذلك من خلال مؤتمر أكاديمي دولي، ومهرجان يضم مئات الفعاليات الفنية والثقافية.&

وبدأت فعاليات اليوم بالمؤتمر الأكاديمي، وافتتحه كل من د.إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وجيف ستريتر؛ مدير المجلس الثقافي البريطاني، وهبة الرافعي؛ مدير إدارة العلاقات العامة والاتصالات الدولية بمكتبة الإسكندرية، ود.مارك ثورنتون برنيت؛ أستاذ دراسات النهضة بجامعة كوينز ببلفاست.

وفي كلمته، أعرب جيف ستريتر؛ مدير المجلس الثقافي البريطاني، عن سعادته لحضور هذه الاحتفالية نيابة عن السفير البريطاني في مصر، جون كاسن، وعن الشعب البريطاني كله، فاليوم هو ما يطلق عليه "يوم شكسبير". وأضاف أنه يشعر بالفخر لمشاركته في احتفالية مكتبة الإسكندرية "شكسبير 400: إلى أبد الآبدين 2016"، والتي تأتي في إطار عدد كبير من البرامج والفعاليات المقامة حول العالم على مدار العام، احتفالاً بمناسبة مرور 400 عام على وفاة الكاتب المسرحي والأديب الشهير وليم شكسبير.

وأكد أنه على الرغم من مرور 400 عام إلا أن أعمال شكسبير لازالت حية حتى الآن، وهناك عدد من الجهات التي حرصت على إحياء أعماله وتراثه هذا العام من خلال إعادة إنتاج أعماله في صور فنية مختلفة.

وشدد على دعم المجلس الثقافي البريطاني لاحتفالية مكتبة الإسكندرية التي استطاعت أن تقدم برنامجًا ثقافيًا وفنيًا ثريًا لعرض أعمال وتراث شكسبير، ما بين عروض أفلام ومسرح ومعارض وحفلات موسيقية، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الأكاديميين والباحثين المهتمين بأعمال شكسبير، وحضور خاص من الممثل والمؤرخ الموسيقي سايمون روسل بييل؛ وهو أحد المواهب الأشهر في التمثيل في المسرح البريطاني.

وأضاف أن العلاقة بين "شكسبير ومصر" تمتد لسنوات طويلة، فقد تم تقديم أول عرض مسرحي لواحدة من أهم أعمال وليم شكسبير "هنري الخامس" في الثلاثينيات، كما قدمت "حلم ليلة منتصف الصيف" عام 1975 في الأهرامات والمنتزه، وغيرها من العروض التي قدمت في مصر بدعم من المجلس الثقافي البريطاني وصولاً إلى يومنا هذا.

وأكد أن أعمال وليم شكسبير لها تأثير عالمي، فقد استطاع أن ينقل الحالة الإنسانية بشكل واقعي ويعبر عن عواطف متعددة، كما تناول عدد من المشاكل التي أهمته بشكل شخصي كتفشي الفساد وعدم احترام القانون. وأضاف أن شكسبير له تأثير كبير أيضًا في اللغة الإنجليزية، حيث قام بابتداع أكثر من 3000 كلمة من الكلمات التي تستخدم الآن ضمن اللغة الانجليزية.

ولفت إلى أن تأثير شكسبير يتعدى كل ذلك، ويتحول إلى تأثير شخصي في حياة كل من يهتم بقراءة أعماله، والتي اعتبرها "تجربة ثرية تزيد من فهمنا لأنفسنا". &&

من جانبه، تحدث الدكتور مارك ثورنتون برنيت؛ أستاذ دراسات النهضة بجامعة كوينز ببلفاست، عن أحدث أعماله، وهو كتاب يتناول تجسيد شخصية هاملت في السينما العالمية. وأكد أن شخصية هاملت تم تجسيدها في أعمال مترجمة كما هي أو مأخوذة عن المسرحية.

ولفت إلى أنه قام بتقديم هذا العمل من خلال تقسيم الأفلام وفقًا للمنطقة الجغرافية. ومن خلال سبعة فصول استطاع أن يقدم تحليلًا للأعمال المستوحاه من مسرحية هاملت، والكشف عن الجزء الغير مستكشف من شخصية هاملت، وتحليل النص وكيفية المزج بين القديم والجديد.

وأكد أن هذه الدراسة تثبت أن أعمال وليم شكسبير عابرة للحدود الجغرافية، كما استطاعت أن تتخطى حدود اللغة، وتلغي حواجز اختلاف الثقافات. &&

من جانبه، قال د.إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، أن احتفالية مكتبة الإسكندرية تأتي لتؤكد أن أعمال وليم شكسبير استطاعت أن تتخطى حاجز الزمن واللغة، وعلى قدرته الاستثنائية على مخاطبة أجيال وثقافات مختلفة عبر اختلاف الزمان والمكان.

وأضاف: "ها نحن هنا بعد 400 عام، لازلنا ننبهر بعبقرية وليم شكسبير، وقدرته الاستثنائية على استخدام اللغة، ورسم شخصيات متعددة الجوانب، ونقل المشاعر الإنسانية بأجمل الكلمات والعبارات".

ولفت إلى أن وليم شكسبير كان لديه مهارة تتمثل في غموض كلامه، حتى يتمكن من إشراك القارئ في فهم القصة، ومن هنا استطاعت أعماله أن تصل لقراء من خلفيات ثقافية مختلفة، وأضاف أن هناك أيضًا عامل التناقض الذي مازال يذهلنا ويفتح المجال لتفسيرات جديدة ومختلفة لإبداعاته.

وتناول سراج الدين في حديثه مسرحية "ريتشارد الثالث"، والتي رأى أنه لم يتم دراستها بالشكل المطلوب. وتتناول المسرحية آخر عامين في حكم الملك ريتشارد الثالث، وتدهور حكمه حتى انتزع الملك هنري السابع الحكم منه. ولفت إلى أن المسرحية حققت نجاحًا كبيرًا &بالرغم من كونها تتناول موضوعًا سياسيًا شائكًا.&

وأضاف أن هذه المسرحية تعد واحدة من أجمل أعمال شكسبير وأكثرهم تعبيرًا عن عبقريته، فقد استطاع من خلالها أن يخاطب نوعين مختلفين من الجمهور؛ وهم الطبقة الراقية المتعلمة والجمهور العام، كما تمكن من جذب انتباه الجمهور وتفاعله من خلال التعبير عن الجوانب المختلفة لشخصية الملك، وتمكن من تناول حقبة تاريخية مهمة من خلال أفكار عميقة ولغة سلسة وجميلة وأسلوب شعري بديع. &

وفي الختام، أكد سراج الدين أن الهدف من هذه الاحتفالية هو نشر أعمال وإبداعات شكسبير بين الجمهور المصري بمختلف قطاعاته، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات المختلفة من خلال مناقشة هذه الأعمال وعرضها فنيًا، وإتاحة الفرصة للتعلم والمعرفة من خلال أنشطة وفعاليات متنوعة ومعدة خصيصًا لإفادة جمهور متنوع كالأطفال، الأكاديميين، ذوي الاحتياجات الخاصة، والجمهور العام.

جدير بالذكر أنه بالرغم من مرور 400 عام على وفاته، فإن شكسبير لا يزال أعظم الأدباء وكتاب المسرح والشعراء في العالم؛ حيث لاتزال أعماله تتمتع بشعبية واسعة، كما تُدرَّس ويعاد تفسيرها باستمرار عن طريق تجسيدها في عروض مسرحية في سياقات ثقافية وسياسية مختلفة. لذلك، قامت مكتبة الإسكندرية، التي تعتبر إعادة أحياء للمكتبة القديمة كمركز للفكر الحر، والنقاش، والسعي إلى المعرفة، بدعوة علماء وفنانين لحضور مؤتمر يعقد على مدار يومين؛ لإلقاء الضوء على شكسبير من وجهات نظر مختلفة. وسيتناول المؤتمر الموضوعات التالية: ترجمة شكسبير، النقد وشكسبير، شكسبير على المسرح والشاشة، شكسبير: تاريخ وسياسة.

يشارك في المؤتمر عدد كبير من الخبراء والباحثين والمهتمين بأعمال وليم شكسبير ومنهم الدكتور محمد عناني؛ أستاذ الأدب الانجليزي بجامعة القاهرة وأستاذ الترجمة، المترجم والناقد نيلز برونس، الناقد والكاتب الروائي رفيق دراجي، الدكتور أحمد الشيخ؛ أستاذ اللغة الإنجليزية المشارك، الدكتورة نازك فهمي؛ أستاذ الأدب الأمريكي بجامعة الإسكندرية وعميد كلية اللغات والترجمة بجامعة فاروس بالإسكندرية، الدكتور سامح حنا؛ محاضر في الأدب العربي والترجمة بجامعة ليدز، الدكتورة كاثرين هينيسي؛ زميل بحوث في برنامج جلوبل شكسبير بجامعة وارويك وجامعة الملكة ماري بلندن، كينجزلي جيمس؛ فنان ومؤسس شركة شكسبير للهيب هوب، جابريال مالكوم؛ كاتبة محترفة ومحررة وزميل بحوث زائر في اللغة الإنجليزية بجامعة كانتربري كرايست تشيرش، الدكتورة أميرة نويرة؛ أستاذ الأدب الإنجليزي، الدكتورة شورميشثا بانجا؛ أستاذ اللغة الإنجليزية ومدير معهد التعليم المستمر بجامعة دلهي بالهند، سايمون روسل بييل؛ ممثل ومؤرخ موسيقي، ديفيد شالكويك؛ استاذ اللغة الإنجليزية والمدير الأكاديمي لجلوبال شكسبير، نهاد صليحة؛ أستاذ الدراما والدراسات المسرحية المتفرغ، وبونام تريفيدي؛ أستاذ اللغة الإنجليزية.

وستشهد الاحتفالية عدد كبير من الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تشارك فيها كافة قطاعات مكتبة الإسكندرية للاحتفاء بحياة وأعمال وليم شكسبير من خلال أشكال الفنون المتنوعة؛ كالعروض المسرحية وعروض الأفلام والمعارض الفنية.&
&