&


حين أكتب قصيدةً
تتهاوى الأقمار السوداء
ويفرح أطفالٌ، لا آباء لهم، على حافة الويل،
ويتجشأ استاذٌ جامعي؛
ينزّ القملُ من عينيه
يتحدث عن فلسفة الرواقيين
يصبحُ ديوجين
لكنه لا يكون بطاً برياً أبدا
ولا حتى شمعةً ملعونة.
حين أكتبُ قصيدةً
يصيرُ النهرُ قشّة في حقيبةٍ مدرسية
ويتناثر القوادون على ضفاف الفضيلة كنمل مكتمل الحياة
تتشوّه بيوضاتٌ ليست مخصّبة
ويتعثرُ حاكمٌ بخطاباته المكررة.
حين أكتبُ قصيدةً
يرقصُ معطفٌ وحيدٌ في وسط شارع مُبْتَل،
والشاعرةُ التي ماتت قبل عشراتِ السنين تُطلّ من نافذتها على الحشود، وتقرأُ قطيعاً من كلماتها العتيقة.
يبتهجُ وسيطُ سلامٍ بمزيدٍ من الجثث
ويلوّح لمستقبله المزدهر.
حين أكتب قصيدةً
يبدو التفجيرُ القادمُ ورداً
والنساء محطاتُ عبور
ويستمعُ القادةُ في معاركهم لأغانيَ وطنيةً بطعم القمح
يستمرون في القتل كآلاتٍ نتنة
ويدَّعون التدين.
حين أكتب قصيدةً
تغرق أرضٌ محايدةٌ في وحل الاستعارات
وتمطرُ الحقيقة ديدانَ رطبة
يصدقها الصيادون في المتوسط
يجعلون منها طُعماً وحكايات.
حين أكتبُ قصيدةً
يترجّل جنديٌ عن بطولاته الزائفة
ويتعوذُ الجنرالاتُ بالحزن
في أطماعهم تتوالدُ أوطانٌ مقززة
وفي انقلاباتهم تتبخر حريةً لا يعرفونها.
حين أكتبُ قصيدةً
مدنٌ لا حصرَ لها تنكفئ على أخاديدَ وعودٍ كاذبة لسياسيين طيبين وقتلة،
وقراصنةُ المياه المالحةِ يلوذون بصلواتٍ تشبه خطايا بدائية
يطلقون مدافعهم على الجحيم
ويغنون كلماتٍ عاهرة حول مواعيد الوصولِ إلى يابسةٍ شديدة الْخِزْي.
حين أكتبُ قصيدةً
مدانونَ سابقونَ يصبحونَ رعاةً،
وينتفضُ طفلٌ في رحم أمه في انتظارِ رقصةً عرجاءَ،
ويغفو لقطاء مترفي العصر على أكاذيبَ يتداولونها كنبوءاتٍ من أزمانٍ غابرة.
حين أكتبُ قصيدةً
يتبرأ الشعراءُ من الخِسّةِ
ويتلاشى ما علمه القُصّاصُ من خرافاتٍ لأبنائهم،
ويتحدثُ المأفونون عن حلولٍ مبتكرةٍ لمشاكل هذا العالم.
حين أكتبُ
يتحول العالم إلى مقصلة
والشعراء إلى مَصَارع.
&