صدر عن دار السرداب الفرنسية، ديوان عبد القادر الجنابي "بلدٌ لن أرى" باللغتين العربية والفرنسية، قام بترجمته أنطوان جوكيه. وقد ضم الديوان ستين قصيدة كتبت ما بين 2000 و2015، وسبق ان نشرت في كتب الجنابي العربية وفي جرائد ومواقع الكترونية. فعنوان الديوان هو عنوان قصيدة تم نشرها في ملحق النهار الثقافي شباط 2003. وقد كتب الشاعر الفرنسي سلفستر كلانسييه كلمة على الغلاف الأخير جاء فيها:&

"... القصائد التي تؤلف هذا الكتاب تخاطب الشاعر الذي يخفيه القارئ في روضه السري. فإذا كانت الكلمات هي بقايا حياة لم تعد، وإذا كانت قصيدة النداء والتمرد التي كانت بإمكانها جعل الإنسان كائنا بشريا، قد ماتت مع رامبو منذ زمن طويل، فإن عبد القادر الجنابي لن ييأس من أنّ طفولتنا تستفيق، في مطلع الألفية الثالثة هذه، بهيةً ومتألقةً... كلمات الشاعر تتشبث كما الشاعر بسراب. فهو والكلمات في موعد دائم مع صفاء الذهن وما هو إنساني، على الجهة الأخرى من الألم. هذا هو سر شرارة القصيدة في رواق الكلمة المعتم، هذا هو حجر شاعر الضفتين هذا".&
&
هنا قصيدة من الديوان:

55
بأيّ وحيٍّ كُتِبَت القصيدة
ليقترف الشاعرُ&
جريمةَ الفرح اللانهائي؟

المدينة عائمةٌ&
في عين عابر السبيل&
تتفرّع منها
أبنيةٌ،
موتى،
وأقلام.

ما أشدَّ ازدحام هذا الحشد&
من كائنات الهواءِ
الصّاعدين إلى السّماء&
لحراسة المكان الذي ضاع.

أسمعُ أندريه بروتون يقول لي في المنام:
"آن أوان البحث عن فردوسٍ لا صلةَ له
&لا بالأرضِ ولا بالسماء،&
بل بما يتلألأُ
من حينٍ إلى حين
فوق غُصنٍ بَليل&
عند الأماسي
حول النار".

قسْ كلماتك قبلَ أن تستنجدَ الأسلوبَ ليهبَّ...
لن نحتاج إلى صورته
لنعرف أنَّ الشِّعر يملكُ نعمةً أبويّة.

"أقولُ لربّة الشعر:&
أأنتِ من أملتْ على دانتي
صفحاتِ الجحيم؟&
فتجيبُ: أنا".

للرّياح مأوى يسكنُه المطر
تحرسُه قبضةُ السَّيل
عندما تتلاشى الشَّمس.

للرّياح هبوبٌ
له قصدٌ لا غير:
& & & & &محو أثرِ كلِّ وصيّةٍ على الأرض.

أتذكّر مُعادل اليوت الموضوعي
أتذكّر تدميرَ الأشكال،
وأجهزةَ حاكي الجحيم في الدماغ.
أتذكّر أشجارَ السماء&
الغزيرةَ النموّ
في أسيا وحوض الشرق.
أتذكّر المدينةَ&
نائمةً طيّ الأوراق.

النَّبعُ المبين&
يجفُّ الآن عند عمودِ التلغراف،
والشِّعرُ يُثمر من نفسِه
مع الصخور
& & & & & والأحجار
& & & & & & & & & والأشجار.
&