واجهت دولة الإمارات كوارث وفواجع في سبعينيات القرن الماضي، لعل ابرزها كان خطف مسلحين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين طائرة لوفتهانزا وارغامها على الهبوط في الامارات حيث كان فريق متخصص بمكافحة الإرهاب مستعدا لاقتحام الطائرة، لكن الخطة لم تُنفذ بعد أن غادرت الطائرة الامارات وهبطت في العاصمة الصومالية مقديشو حيث نُفذت عملية الاقتحام بنجاح.
ويعتبر استتاب الأمن في الإمارات شهادة على نجاح الدولة في تأمين سلامة المواطنين والمقيمين. وهذا ما نوّه به محرر كتاب يستعرض بعض التحديات الأمنية التي واجهت الامارات في عقد السبعينات. 

ويتيح كتاب "كوارث وحوادث سقوط طائرات في الإمارات: تقارير صحافية من السبعينيات" Catastrophes, Crashes & Accidents in the UAE: Newspaper articles of the 1970s (منشورات المدينة؛ 192 صفحة) الذي حرره الأكاديمي في جامعة خليفة اثول ييتس، استنادًا إلى تقارير صحف صادرة بالانكليزية في سبعينيات القرن الماضي إلقاء نظرة على حوادث وقعت حينئذ بما فيها جرائم وعمليات خطف وكوارث طبيعية اسفرت الخبرة المكتسبة من التعامل معها عن تدعيم الأمن وتعزيزه في الإمارات.

عمل ممتاز

قال ييتس خلال ندوة استضافتها جامعة نيويورك في أبو ظبي أخيرًا إن هذا الكتاب يقدم أمثلة على حوادث أمنية إبان السبعينيات، مشيرًا إلى أن الأمن "يُقوم في هذا البلد على انه مستتب والأخطار متدنية، لكن هذا النجاح بُني على عمل ممتاز أدته وزارة الداخلية وطائفة من الأجهزة الأمنية الأخرى".

اضاف ييتس: "يسلط الكتاب الضوء على حقيقة مفادها أن الإمارات واجهت عدد كبيرًا من التهديدات والأخطار، ويغطي حوادث مثل الزلازل الأرضية والكوارث التكنولوجية والحوادث وأخطار من صنع الانسان وأخرى بيولوجية".

 

غلاف الكتاب

 

وتمت عملية جمع المعلومات التي يتضمنها الكتاب بمساعدة فريق من المتطوعين الذين غاصوا في الأرشيف الوطني لاستخراج المواد ذات الصلة بموضوع الكتاب. ومن الفصول المثيرة في هذه الحوادث والتهديدات عمليات خطف الطائرات التي شهدتها تلك الفترة.

قال محرر الكتاب: "حتى عام 1977، حصلت خمس عمليات خطف طائرات نفذتها مجموعات مختلفة، مثل جماعة الجيش الأحمر اليسارية المتطرفة في ألمانيا، وجماعة الألوية الحمراء اليابانية التي كانت ترتبط بمنظمات اخرى في لبنان. وكانت هذه الجماعات تنتمي إلى جنسيات مختلفة وحملت قضايا متعددة ارتطبت بها عمليات الخطف". 

دور حاسم

يروي ييتس: "من أشهر هذه الحوادث حين قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات ورئيس الوزراء، بدور حاسم في إعداد الرد العسكري على عملية خطف يوم كان وزيرًا للدفاع"، في إشارة إلى خطف طائرة لوفتهانزا في 13 اكتوبر 1977.

كان أربعة من عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خطفوا الطائرة خلال رحلة من اسبانيا واجبروها على التوجه إلى عدة مطارات بينها مطار ابو ظبي.

وقال ييتس: "المثير هو حجم الدور المباشر الذي قامت به الصحافة بتغطيتها تفاصيل الرد ومنها مقابلة قال فيها الشيخ محمد إن خطته كانت إبقاء الخاطفين متوترين عصبيًا في حال استسلامهم". ونقلت تقارير أخرى عنه إبقاء السيارات والمروحيات في حركة مستمرة لبلبلة الخاطفين، إضافة إلى تأخيره تزويد الطائرة بالوقود 18 ساعة. 

ويمضى ييتس في الحديث عن وصول فريق ألماني لمكافحة الإرهاب إلى دبي لاقتحام الطائرة، لكن الخطة لم تُنفذ بعد أن غادرت الطائرة دبي وهبطت في العاصمة الصومالية مقديشو حيث نُفذت عملية الاقتحام بنجاح. 

قانون السلامة

في السبعينيات، كانت الإمارات دولة فتية، وبالتالي فإن الصحف كانت مصدرًا كبيرًا لتوثيق التطورات الأمنية التي شهدتها الدولة الجديدة في سنواتها الأولى وتعلمت دروسًا منها.

واستعرض ييتس حوادث وقعت في تلك الفترة مبينا الشوط الذي قطعته الإمارات في الحفاظ على أمن المواطنين والمقيمين فيها. وقال إن من بين الحوادث التي كان لها تأثير كبير في تشريع قانون السلامة ضد الحرائق مقتل عدة اشخاص في إثر اندلاع حريق في أحد فنادق ابو ظبي، واصفًا ذلك الحادث بأنه كان محطة متميزة في تاريخ الدفاع المدني الظبياني وتشريع قانون مكافحة الحريق.

في غضون شهر واحد بعد الحادث، بدأت أبو ظبي العمل على إعداد أنظمة تعالج كل مواطن الخلل التي كشف عنها الحريق، بما في ذلك اشتراط نصب رشاشات الماء وأجهزة الإنذار وتوفير مخارج في حالات الطوارئ واستخدام مواد غير قابلة للاشتعال داخل المباني واسطوانات إطفاء الحرائق.