وقع الكاتب والإعلامي الموريتاني عبد الله ولد محمدي، أخيرًا، في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة، نسخًا مِن روايته البكر "طيور النبع" الصادرة من منشورات دار "جداول اللبنانية"، وذلك في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي 39. تقع الرواية في حوالى &150صفحة (قطع متوسط) في طباعة أنيقة.

إيلاف من الرباط: كان ولد محمدي، وهو الناشر والرئيس التنفيذي لموقع "صحراء ميديا" الالكتروني ومشاريع إعلامية أخرى؛ تحدث عن مشروعه الروائي قبل مدة، واعدًا أصدقاءه بأنه أخذ طريقه إلى النشر.&

غلاف الكتاب

وفعلًا أوفى الروائي بوعده، رغم التزاماته المهنية وكثرة تنقلاته ورحلاته التي لا تتوقف، متابعًا للأحداث السياسية، وخاصة في القارة الأفريقية التي يعتبر أحد العارفين بجغرافيتها الطبيعية، وتقلبات أحوالها السياسية والاقتصادية، ما مكنه من نسج علاقات وثيقة بنخبها السياسية ورموز الإعلام فيها، ساعدته على ذلك مصداقيته ومهنيته والاستقلالية في مواقفه ووقوفه على مسافات من تغطياته للأحداث.

وكان عبد الله محمدي، قد نشر بين سنتي 2013 و2015 &كتابين: "يوميات صحافي في أفريقيا" و"تمبوكتو وأخواتها". الأول عن مؤسسة صحراء ميديا، والكتاب الثاني عن "جداول".

توجد ضمن الكتابين مرويات في قالب سردي، صور فيها مشاهداته ومغامراته الصحافية في بعض البلدان الأفريقية، وخاصة تلك التي عرفت أحداثًا تراجيدية وحروبًا أهلية، غطاها وكتب عنها بأسلوب صحافي ذي منزع أدبي، حيث كان يميل في غالب &التغطيات والتحقيقات المصورة التي أنجزها لقنوات تلفزيونية؛ إلى اعتماد الوصف وما يشبه السرد القصصي للأحداث، تتخلله &" بورتريهات للفاعلين في الأحداث من زعماء الحروب وبسطاء الناس؛ ما أعلن عن موهبة أدبية، واستعداد يكاد يكون فطريًا لكتابة قصصية تنهل من ذاكرة قوية يشتهر بها سكان الصحراء، وخاصة أهل بلاد شنقيط، الذين صانوا المتون والمصنفات، ويتداولونها أبًا عن جد.

.. ويوقع لبهية&الجشي سفيرة مملكة البحرين لدى بلجيكا &

تشير الكلمة المنشورة على غلاف الرواية إلى أن أحداثها تدور أو بالحريّ تحلق طيورها انطلاقًا من العاصمة الإسبانية مدريد نحو نواكشوط، ومن هذه إلى "النبع"، حيث يرتوي الطائر الراوي، ثم يواصل التحليق، ليحط بعد ذلك في الكويت والدوحة، قبل أن تعبر قافلته فلسطين والعراق، وتقف طويلًا في عمق أفريقيا جنوب الصحراء، جائلة بين قبائلها وأدغالها وتخومها، مستكشفة هموم الترحال بحثًا عن الكلأ ورصد النزوعات الصوفية.

فضاء غني بالألوان، زاخر بالشخصيات النادرة والأحداث المثيرة، تصفها وتنقلها الرواية إلى القارئ بلغة فيها مزيج من الكلام المرصع بالشعر والموسيقى، إلى أن ينتهي الطائر بالمفرد والجمع، بالعودة إلى الفضاء الذي يعرفه الروائي أكثر من غيره " نواكشوط" عاصمة بلاده، حيث يصف تحولاتها، وما تضج به من أقوام وهويات تصدح بلغاتها وألسنتها.

لا يملك القارئ غير تصديق ما تقوله الرواية عن نفسها من أنها سجل مفتوح لمغامرة الروح في عالم تمثل فيه الصحراء قلب العالم، يقدم ولد محمدي تفاصيله بلغة جمعت بين سلاسة القول الصحافي وخيال الشاعر وذكاء الملاحظ لمشاهد تلتقطها عين يقظة لا تخطئ، وأذن تسمع أصوات في الصحراء لا تصل إلى آذان جميع الناس.

&

.. وللاعلامية المغربية&نجاة الذهبي الحياني&

يبدو أن محمدي، استطاع في روايته الأولى أن يقدم لونًا أدبيًا، استمرارًا للكتابة التي دشنها الليبي إبراهيم الكوني وآخرون. لون يجمع بين الرحلة التي يصف ويدون من خلالها الروائي ما شاهده وقابله من أهوال وغرائب ومفارقات عجيبة، وكذا ما تعرف عليه وقابله من شخوص واقعية أرفقها بأخرى متخيلة أو قريبة الشبه بالاثنين، تطلبها بناء الحكاية ومتعة السرد وتشويق القارئ.

صموييل شمعون وزوجته مارجريت اوبانك في حديث مع الروائي السعودي هاني النقشبندي خلال حفل توقيع الرواية&

&

"طيور النبع" محاولة أولى موفقة، تشير إلى أن كاتبها مؤهل للتحليق من جديد في سماوات الرواية، فما عليه إلا أن يستعد للرحلة أو المغامرة الفنية المقبلة، شرط أن يتزوّد بما تستوجبه الرحلة في الخيال، لأن هذه قد تصادفه فيها مطبات، وبالتالي تكون أصعب من التيه في مجاهل الصحراء.

..ويوقع للإعلامية أنصاف اليحياوي&


&