ربما كان الحافز الرئيسي وراء سعي آلان ليروي لوك لإحداث ثورة في الثقافة السوداء هو شعوره بأهمية الذات. وقد سبق له أن تحدث عن ذلك في إحدى كتاباته بقوله "حين يكون لدى الرجل ما يغتر بسببه، فهذا ما يمكنني وصفه بأنه احترام للذات".
وعلى عكس كثير من أصدقائه ومنافسيه في صراع تحرير السود مطلع القرن العشرين، يؤمن لوك، وهو أحد رواد نهضة هارلم، بأن الفن والهجرة الكبرى، وليس الاحتجاج السياسي، هما مفاتيح تقدم السود. وأوضح لوك – بحسب صحيفة النيويورك تايمز الأميركية - أن الأميركيين السود سينجحون فقط في تشكيل شعور جديد وأصيل بأنفسهم من خلال سعيهم وراء التميز الفني وإصرارهم على التنقل البدني.
وأوضح لوك في نفس السياق أن التفاني النفسي لتقرير المصير سيتجاوز العنصرية البيضاء وسيجعل القوالب النمطية المعروفة عن الأشخاص السود في طي النسيان.
وسبق أن كتب لوك في مقال قوي عام 1925 "لم تعد القضية مرتبطة بما يظنه البيض بشأن الزنوج وإنما بشأن ما يريد الزنجي أن يفعله وما الثمن الذي يود أن يدفعه".
وفي كتاب السيرة الذاتية الذي كتبه جيفري ستيوارت، وعرف أيضا باسم " The New Negro"، تمت الإشارة إلى حياة لوك بالطريقة التي يستحقها، وإن تم تأليف الكتاب ليبدو أكثر من مجرد كاتالوج لهذا الفيلسوف المهضوم حقه بشكل كبير الآن.
كما تغنى ستيوارت، وهو مؤرخ وأستاذ دراسات السود لدى جامعة كاليفورنيا، بتلك العقدة المتشابكة التي تجمع عناصر الفن، الحياة الجنسية والتوق إلى التحرر والتي كانت تحرك لوك وتحفزه في كل الأعمال التي قام بها، مشيرا إلى أن لوك لم يسبق له أن وحّد تلك العقدة بصورة كاملة لنفسه، لكنه ظل يتصارع معها حتى وفاته.
ولمن لا يعرف، فإن لوك من مواليد فيلادلفيا عام 1885، ووالده ( بليني ) خريج كلية الحقوق وقد توفي ولوك في سن ال 6، وبذلت والدته ( ماري ) قصارى جهدها لكي توفر له مستوى معيشي متوسط من خلال الراتب الذي كانت تتحصل عليه كمُدرسة، وقامت بتنشئته على نمط الحياة الأرستقراطي منذ أن كان طفلاً صغيراً.
وكان يحرص لوك هو ووالدته على الترفع عن كافة أشكال التلوث وكانا يبذلان قصارى جهدهما لإبعاد أنفسهم عن الفقراء السود، ونشأ لوك وفي نيته إظهار قيمته لا من خلال رفع شأن هؤلاء الأقل حظا، بل من خلال إنشاء مرجع خاص للفنون.
وواصلت النيويورك تايمز بقولها إن ثورة الفنون السوداء في عشرينات القرن الماضي، تحت إشراف لوك، كانت عليلة بشكل واضح. وباعتباره مستشارا ناصحا للفنانين السود، فإنه كانت متحيزا من الناحية الجنسية وغالبا ما كان يبدي ميوله الاستغلالية، حيث كان يتجاهل النساء بصورة شبه تامة ويميل للرجال الشبان المحفزين فكريا. وختمت الصحيفة الأميركية بقولها إن الارتباط والاشتياق اللذين مر بهما لوك في علاقاته مع والدته، أصدقائه وأحبابه كانا لهما كبير الأثر على أعماله بنفس درجة التأثير التي حظيت بها النصوص التي قرأها والمحاضرات التي حضرها.
أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية.