الروائي الفرنسي من أصول مغربية الطاهر بن جلون كان ضيف مؤسسة بحر الثقافة بمقرها في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث التقي بمجموعة من المثقفات والمثقفين تتقدمهم الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وذلك في جلسة حوارية ومناقشة أدبية وثقافية شاركت فيها عضوات من مجموعات أندية وصالونات القراءة التابعة للمؤسسة . 

وفي البدء رحبت الشيخة شيخة بالروائي والحضور مؤكدة أن فرصة لقاء الروائي سانحة جيدة للتعرف على الكاتب وتجربته الإبداعية عبر حوار ثقافي وأدبي هادف، منوهة بأنه قد نوقشت مؤخراً للضيف روايته الأخيرة "زواج عرفي" في مجموعة قراءة تديرها، كما ونوقشت له أكثر من رواية خلال السنوات الماضية مثل رواية " الحياة الزوجية " و تلك العتمة الباهرة". ثم قدمت الأديبة السودانية آن الصافي عضوة مؤسسة بحر الثقافة الروائي وأدارت الجلسة الحوارية التي استمرت لقرابة الساعة، وجهت خلالها العضوات عدد من الاسئلة واستمعن لأجوبة الضيف في تلقائية وجو من الحيوية. 

وعن انطباعه عن دولة الإمارات في زيارته هذه قال الروائي المغربي: "أسعدني ما وجدته في زيارتي لهذه الدولة الفتية، إنه أمر مذهل! أدهشني عظيم الإهتمام بالأدب والثقافة على جميع الأصعدة. فضمن برنامج زيارتي لهذه الأرض الخيرة، والتي أتت تلبية لدعوة من الرابطة الفرنسية هنا، القيت محاضرة بجامعة السربون في أبوظبي وزرت متحف اللوفر- أبوظبي، وقابلت العديد من المهتمين والخبراء في المجالات الثقافية والأدبية المتعددة، شيء ينم عن حركة ونشاط واهتمام جدير بالاحترام والتقدير والوقوف عنده. مجرد فكرة إنشاء اللوفر أبوظبي يعكس عقلية صانعي القرار في هذه الأرض، كل هذه الأنشطة والإهتمامات تسهم في تعزيز التبادل الثقافي بين العالم العربي وفرنسا والأهم من هذا كله عكس جانب مشرف للإسلام المعتدل. فإن الإبداع عامل مهم في دحر القوة الظلامية ونشر السلام والأمن.

ووجه بن جلون الشكر لمؤسسة بحر الثقافة على استضافته وإعطائه الفرصة للتعرف على مؤسسة ثقافية مهمة وقال "أكثر ما فاجأني وأعجبني حقيقة أن أرى التواضع الجم يجتمع مع الرقي والتحضر والثقافة والفن .لم أكن حتى أحلم بهذه السانحة التي جعلتني التقيكم وأتعرف عليكم في مؤسستكم الرائدة" .

رداً على سؤال من المترجمة والكاتبة إيناس نبيل سليمان عن أكثر ما أثر في وجدانه الإنساني عبر تجربته في الحياة وهل تغلب على أثرها وكيف، قال: في ريعان الشباب قبل الإستقلال حجزت في زنزانة وآخرون، تعرضنا للتعذيب.. كانت أيام قاسية ولكن الأشد قسوة علي وأذاني بشدة وقتها، حين علمت بأن خطيبتي الجميلة تركتني لتقترن بغيري. تعلمت من تجربتي أن القسوة يجب أن تجعلنا أقوياء ولا نترك لأي أمر أن يكسر أويضعف عزيمتنا ولا سبيل لذلك إلا بالسعي والمثابرة لتحقيق الأحلام والنجاح . كما ذكر شيئاً عن علاقته بوالدته: كنت أسرد لأمي القصص حتى تغمض جفنيها غافية، كانت تطلب مني أن أجلس وأقص عليها ما أكتب فلم تكن تعرف القراءة والكتابة. تلك اللحظات علمتني كيف علي أن أسرد القصص وأحاول أن أجيد ذلك وأفكر في ما أقدم".

سؤال الشاعرة والصحفية نجاة الفارس لجلون كان حول استطاعة الإبداع محاربة الإرهاب والتطرف، كانت اجابته : نعم بكل تأكيد فالإبداع يوجه الطاقات نحو الأشياء الجميلة ومناقشة قضايانا بشكل موضوعي، وكما نسعى جميعاً لتحسين صورة المجتمع والشعوب التي ننتمي إليها بأنها لا تدعم ولا ترضى بالتطرف والإرهاب.

ووجهت الناقدة ومعلمة اللغة العربية لغير الناطقين بها بالمدرسة الفرنسية في أبوظبي زينة الشامي سؤال يتعلق بأن بن جلون عرف بجمعه للنواقض بين الشعر والرواية والقصة والرسم وكذلك التمرد عن السائد من اختياره للكتابة باللغة الفرنسية والتحدث عن قضايا تتعلق بمجتمعه كما تطرقت لوصف شخصيات ومواقف ومواضيع قدمتها رواياته تعكس هذا الشأن متسائلة هل هذا اختيار أن يكون في إطار التناقض. وأتت اجابته بإبتسامة : نعم كما ذكرتي هذا هو الواقع كل ما في الأمر أنني اخترت ما الفته وهو القراءة والكتابة بالفرنسة، وغادرت وطني حين اتخذ قرار لتعريب المناهج لأدرس بفرنسا وهذا لم يكن ضمن رغبة والدي.

وقع الروائي لمجموعة من العضوات روايات له وهو سعيد بأن النسخ التي بحوزتهن هي النسخ السليمة في الترجمة والطبع واستنكر أن هناك من يقومون بقرصنة أعماله وترجمتها بشكل رديئ فيحجبون بعض صفحاتها فتأتي ناقصة وبشكل جداً سيئ وتطبع وتوزع دون علمه أو علم الدور التي يتعامل معها لنشر أعماله.
وجه الضيف للعضوات دوعوة لزيارة معرض يضم لوحاته ب "لاغالري ناسيونال" بمدينة دبي تحت عنوان "أحاول رسم نور العالم" ويستمر المعرض الذي افتتح هذا الأسبوع في 19 مارس إلى 20 ابريل 2018.