&
1 (أبو شاكر وأبو هاني)& &&
كان اللحم "الحلال" نادراً في سيدني.. وفي عموم مدن أستراليا. كان بعض الأستراليين العرب المسلمين في عام 1977 يقصدون الملاحم "الأستراليّة" لتأمين اللحم، على رغم أنّه غير مذبوح على الطريقة الإسلاميّة. كانوا يضعون اللحم عند المجلى ويهرقون ماء قليلاً عليه، أو يضعونه على منشر الغسيل ويرشّونه قليلاً بالماء، ويقولون وهم يمارسون هذا الطقس: "أشهد أن لا إله إلاّ الله" فيصير اللحم حلالاً. دخل أبو شاكر وأبو هاني ملحمةً "أستراليّة" في محلّة روكدايل. أبو شاكر& يُجيد بضع مفردات إنكليزيّة. قال للحّام: "تو كيلو"!. رافعاً السبّابة والوسطى وأشار إلى ذاته أي هو ذاته يريد 2 كلغ من اللحم. ثمّ أشار إلى صديقه وقال: "تو كيلو"!. وفهم اللحام الأسترالي اللطيف أنّ كلاًّ منهما يريد "2 كيلغ لحمة". أشار أبو شاكر إلى فخذ غنم معلّق مع صوت متقطّع ليس فيه كلمات، أي يريد اللحمة أفخاذَ غنم. أجابه اللحام. وهما استلما ودفعا الثمن بكلّ طيب خاطر. لكن "الواقعة" وقعت حين وقع نظر ابراهيم على قطع خشبيّة مصبّرة عشوائيّاً عند طرف في الملحمة. قال أبو هاني لأبي شاكر بالعربي: "اسأله _ أي للحّام الأسترالي _ إذا لا يريد هذه "الخشبات" فأنا مستعد لأخذها حطباً لموقدتي في البيت"!. وقع أبو شاكر في "حاص باص". كيف له أن يتكلّم باللغة الإنكليزيّة مترجماً ما يطلبه أبو هاني وهو بالكاد نجا بجلده حين فهم عليه اللحام أنّه يريد اللحمة من فخذ غنم؟. رآهما اللحّام محدساً أمراً. سألهما، وهو طبعاً لم يفهم حديثهما بالعربيّة، وبأريحيّة مستعد للمساعدة: "دو يو نيد إني هلب؟ _ هل تريدان أيّ مساعدة"؟. لم يفهم أبو شاكر حتى هذه الجملة البسيطة. تطلّع أبو هاني بأبي شاكر كأنّه يستفسره ما قال اللحام؟!. قال له أبو شاكر، وفي نيّته أن يخرج من الموضوع كلّه ويخرج من المحل: "قال خذا لحمتكا وانصرفا"!. نظر أبو أمين الذي صدّق أبا شاكر إلى اللحّام نظرةً إستعدائيّة، ثمّ قال لأبي شاكر: "اللؤم ظاهر على وجهه، يحرم عليّ أن أدخل هذه الملحمة بعد". وخرجا على عجل،& أحدهما شديد العبوس، والثاني& يفيض وجهه بالضحك.&
&
2 (إسم الشهرة!)&
تشبّثتْ صنّارةُ صيد السمك بأنفِ الكلب.. مِنَ الداخل!. حملاه، الأبُ وابنُه الشاب البكر، إلى مركزٍ لطبابة الحيوانات في محلّة "باكسلي" _ سانت جورج _ سيدني. تولّى الإبنُ الشرح للمختصّة في المركز باعتبارِه تعلّم الإنكليزيّة جيّداً. وبعدما فهمتِ السكرتيرةُ حالَ الكلب، وقبْلَ إدخال الكلب إلى غرفة العمليّات.. طلبتْ معلومة "روتينيّة": "كريستيان نام" _ إسم الكلب، و"فاميلي نام" _ إسم الشهرة، وليست "الشهره" غير "إسم العائلة" كما هو متعارف عليه. وفهمَ الأبُ هذا السؤال لبساطته. وقع في حاص باص. قالَ لإبنه بالعربي وبصوت مشبوه: "قل لها إسم عائلة غيرنا"!. ارتبكَ الإبنُ الذي نشأ في أستراليا، وهو أكثر تسامحاً بما لا يُقاس من أبيه. لا يجد حرجاً البتّة أن يحمل الكلب إسم عائلة أصحابه. قالَ للسكرتيرة: "إسمه ماكس"، وأمسك. تطلّع إلى أبيه محتاراً، وأبوه نظر إليه متشدّداً. التفتَ إلى السكرتيرة وصرّح لها بإسمِ عائلةِ الكلب!. لم يمض وقتٌ حتى كان الأبُ والإبنُ ومعهما الكلب المنشرِح بنجاحِ العمليّة خارج العيادة. التفتَ الأبُ المحقون وقال لإبنِه: "يا ترللّي، قلتلّك اعطيها إسم عيلة حدا غيرنا.. بعد ناقصنا كلب بالعيله"؟. وكان الكلب يتشمّم أحد المارّة. قال الأب لإبنه غاضباً: "ردّ خيّك، يلعن بيّك، رح يعضّ الزلمي"!.&
&
3 (كَايسي وجنتاص)&&
"التقاها في ديسكو _ ملهى ليلي، هو من أصل عدناني، هي من أصل سكسوني. دعاها إلى حلبة "الرفس"، على حدّ تعبيره، عوض "الرقص". كانت الموسيقى صاخبة.& استجابت. هما في "داعش والغبراء". سألها عن إسمها ملصقاً فمه بخدّها. قالت: "كايسي". وهو لا حدود لعبثه، إسمها هو "كايسي"!!. قال لها نافخاً صدره: "محسوبك جنطاص"!.&&
&
4 (السكرتيرة ليلى)& &&
دخلت كايسي زوّجة "جنتاص" عيادة الطبيب. كان بصحبتها إبنها الطفل. رأته السكرتيرة ليلى، تعوّذت بالله من شرّ الشيطان الرجيم، فما أن تجلس الأمُّ انتظاراً لرؤية الطبيب حتى تحمل مجلّةً تقرأ فيها، وحتى يفلتْ هو. يغفّ على علبة المحارم، ينتّفها، يرمي صندوق ألعاب الأطفال شذر مذر، يقفز على هذه الكرسي ويرمي تلك. الحقّ أنّ أمّه كانت تلجمه مرّات، لكن ما أن تعود إلى كرسيّها ومجلّتِها حتى يعود إلى سيرتِه، لن يكون اليوم استثناء. ردّتْه أمّه مرّة ثانية وثالثة، وفي الربعة قامت له السكرتيرة ليلى ذاتها عازمةً أن تلقّنَه درساً سيكون هو الدرس. قالت للأم بالإنكليزيّة: "فيري كيوت" _ مهضوم كثيراً، "آي ويل بلاي ويذ هيم" _ سألعب معه". اقتربتْ منه وهو في زاوية، عملتْ إنّها تحتضنه فيما هي واقعاً تعتصره، عملتْ إنّها تطبع قبلة على خدّه فيما هي بالحقيقة تضغط بوزها على خدّه، أخيراً فنجرتْ له عينيها. الأمّ لم تفطن لشيء. وإذ تملّكه الذعر والذهول حملته وأجلستْه على كرسي وقالت له بلطفٍ وبصوت مسموع فيما تحجبه بجسمها عن أمِّه: "وإذا تسمع كلام أمّك أعدك إنّي سأفي لك بالوعد". والتفتت صوب الأم وغمزتْها ولسان حالها يقول: "تمام"!. وهي تتّجه صوب مكتبها قفزَ عن كرسيه. تعمشق برقبة أمّه. وبعد لقاء الطبيب، وهي تفتح الباب لتخرج من العيادة، تذكّرت وسألت السكرتيرة ليلى: "بماذا وعدتيه يا ليلى حتى هكذا، وبسحر ساحر، انقلب من عفريت إلى ملاك"؟. قالت ليلى وقد علمتْ إنّها نجتْ مِنْ عاقبة عملها: "وعدتُه إذا يلتزمك في العيادة سأتزوّجه حين يكبر، وسآكله بالشوكة والسكّين في ليلة الدخلة".&&
&