دشنت أسواق المال في انحاء العالم السنة الجديدة بتراجع حاد في أسعار الأسهم.& وقيل إن الاسبوع الأول من عام 2016 كان الأسوأ في تاريخ وول ستريت.&وفي حين ان القوى الأساسية ليست جديدة مثل تباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة فان الصين هي القوة الأهم في هذه الاتجاهات ولكنها قطعا ليست الوحيدة.&


لندن: دشنت أسواق المال في أنحاء العالم السنة الجديدة بتراجع حاد في أسعار الأسهم.&وقيل إن الاسبوع الأول من عام 2016 كان الأسوأ في تاريخ وول ستريت.&وفي مناطق العالم الأخرى هبطت بورصة فرانكفورت وبورصة طوكيو خلال الاسبوعين الأولين من العام بنسب لا تقل عن 10 في المئة.&وكان التراجع في نيويورك 9 في المئة وفي لندن 8 في المئة.&ولكن عين العاصفة كانت الصين حيث فقد مؤشر شنغهاي الرئيس 19 في المئة من قيمته خلال الفترة نفسها.

كما هبطت بحدة اسعار السلع وخاصة النفط الذي انخفض سعره الى أقل من 30 دولارا للبرميل لأول مرة منذ 12 عاما.&

وكانت اسعار الأسهم تتبع احيانا اسعار النفط في هبوطها ، وهذا امر متوقع بالنسبة إلى أسهم الشركات العاملة في قطاع النفط في حين ان هبوط اسعار النفط يخفض تكاليف الانتاج بالنسبة لشركات أخرى ويتيح للمستهلكين انفاق المزيد على منتجاتها ، على ما يُفترض.&

ولكن عدم حدوث ذلك اصبح لغزا محيرا واثار تساؤلات عما إذا كانت تطورات اسواق المال عموما تنبئ بشيء آخر عن وضع الاقتصاد العالمي.&

وفي حين ان القوى الأساسية ليست جديدة مثل تباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة فان الصين هي القوة الأهم في هذه الاتجاهات ولكنها قطعا ليست الوحيدة.& وكان الاضطراب بدأ في السوق الصينية ثم امتد الى انحاء العالم.

وقال محللون ان سوق الأسهم الصينية ليست وحدها السبب وان العملة الصينية اليوان ايضا كانت تتعرض الى ضغوط& مشيرين الى هبوط قيمته في السنة الجديدة وإن لم يكن هبوط اليوان بحجم هبوط& سوق الأسهم.& وكان سعر الصرف الرسمي لليوان الصيني هبط بنسبة 2 في المئة تقريبا خلال الاسبوع الأول من العام.

ويشير هذا في جانب منه الى ان اصحاب الادخارات الصينيين يريدون سحب اموالهم متسائلين عن مردود ابقائها في صناديق الادخار الصينية.& كما انهم يشعرون بالقلق من انهم إذا تأخروا في سحب مدخراتهم ستواصل العملة هبوطها وستكون مردوداتهم حتى أقل من ذي قبل.&

ويرى البعض ان من الجائز ان يتحول هبوط قيمة اليوان الى فقدان كامل للثقة بالسوق.

والظاهر ان هذه الضغوط التي تمارسها السوق المالية على الصين دليل تراجع اقتصادي اوسع.& ومنذ بدأ تراجع الاقتصاد الصيني كان هناك غموض بشأن ما ستفعله السلطات للتعامل مع المشكلة.
&
والمؤكد ان الاقتصاد الصيني كان يحتاج الى التباطؤ والنمو بمعدات يمكن استدامتها.& ولكن الطريق الى ذلك قد يكون وعرا والتباطؤ قد يكون مفاجئا.

وتشير الأرقام الرسمية حتى الآن الى حدوث تباطؤ كبير ولكنه ليس كارثيا في نمو الاقتصاد الصيني.& وبعد عقود من النمو بمعدل متوسطه 10 في المئة تباطأ الى 6.9 في المئة العام الماضي ، بحسب الأرقام الرسمية الجديدة.&&
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقييمه الجديد لآفاق الاقتصاد الصيني تراجع نموه الى 6.3 في المئة هذا العام و6 في المئة عام 2017.&

وينظر البعض الى هذه الأرقام بارتياب شديد ولكن البعض فقط وليس الجميع.& وقالت مجلة الايكونومست ان هذه الأرقام قد تكون تقديرا مضَّخما ولكنها ليست بعيدة تماما عن الواقع.& ما هو واضح ان معدل النمو اقل بكثير الآن منه قبل خمس أو ست سنوات.&&

ويلاحظ تقرير صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي ان الصين شهدت "تباطؤا أسرع مما كان متوقعا في الاستيراد والتصدير وان هذا يعكس في جانب منه ضعف النشاط الاستثماري والصناعي".

ويرى كثيرون ان هذه الاتجاهات ضرورية وحتمية بل حتى مرغوبة لأن مستويات الاستثمار في الصين مستويات عالية جدا ولا يمكن استدامتها.&

وكان من المتوقع على نطاق واسع ان ينتقل الاقتصاد الصيني الى الخدمات وتخفيف التركيز على الصناعة التحويلية.& وتعني الصناعات الخدمية تركيزا أشد على المستهلكين الصينيين وتركيزا أقل على التصدير وحاجة أقل الى استيراد المواد الخام للصناعة.&

وما يثير القلق في تقرير صندوق النقد الدولي اشارته الى ان تباطؤ النمو كان "أسرع من المتوقع".& ولم تكن اضطرابات السوق مدفوعة بتقرير الصندوق بل بالخوف من ان يكون التباطؤ سقوطا وليس هبوطا مخففا.&&

أبعد من الصين
لا تقتصر المخاوف من آفاق التطور الاقتصادي على ما يحدث في الصين وحدها.&فان توقعات صندوق النقد الدولي الجديدة تتحدث عن تراجع آفاق النمو في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة والنامية ايضا ، لاسيما روسيا والبرازيل.

وتتعلق اسباب القلق في جانب منها بهبوط أسعار النفط وسلع أخرى فضلا عن المشاكل السياسية ، الخارجية بالنسبة إلى روسيا ، والداخلية بالنسبة إلى البرازيل.& كما من المتوقع حدوث تراجع كبير في نمو الاقتصاد الجنوب افريقي.&

وتتمثل الصورة العامة لتوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع متواضع في نمو الاقتصاد العالمي هذا العام وأكثر بعض الشيء في عام 2017. ولكن هناك جانبا سلبيا في هذه الصورة.& فان انتعاش الاقتصاد الاميركي دفع مجلس الاحتياط الفيدرالي الى رفع اسعار الفائدة واثار توقعات واسعة بأنه سيتخذ مزيدا من هذه الاجراءات خلال العام الجديد.

وستكون هذه الخطوات تدريجية ولكن نتائج هذه الزيادة في اسعار الفائدة أخذت تظهر من الآن.& فإن تحقيق عائد أكبر في الولايات المتحدة شجع المستثمرين على بيع الأرصدة في بلدان أخرى وشراء الدولار رافعين قيمته.
&
وحدث العكس في اقتصادات ناشئة بهبوط قيمة عملاتها.& ونقلت بي بي سي عن كبير اقتصاديي صندوق النقد الدولي موريس اوبستفيلد قوله ان هذه النتيجة يمكن ان تكون طريقة مفيدة لامتصاص الصدمة الى حد ما.& وهي تجعل صناعات هذه البلدان ذات قدرة تنافسية أكبر.&ولكن إذا كانت لديها ديون بالدولار فان عبء هذه الديون سيكون اكبر عليها.

نهاية الانتعاش؟
يحذر صندق النقد الدولي ايضا من خطر حدوث زيادة مفاجئة في العزوف عن المخاطر عالميا لا سيما تطير المستثمرين في الأسواق المالية من المخاطرة والتوجه نحو ما يعتبرونها أرصدة مضمونة مثل سندات الخزينة الأميركية والذهب.&وحدث شيء من هذا في الاسواق حين أقدم المستثمرون على بيع اسهم وسلع بينها النفط.

ويعتقد مراقبون ان اسواقا عديدة سائرة نحو الانهيار.&فان قيمة الأرصدة ارتفعت نتيجة تدني أسعار الفائدة في البلدان المتطورة وكذلك التيسير الكمي الذي أقدمت عليه بنوكها المركزية متيحة شراء أرصدة مالية بالنقود المتوفرة حديثا عن هذه الطريقة.&

وهذا ما حدث مع الأسهم والسندات والسلع.& والمؤكد ان الانتعاش انتهى بالنسبة إلى السلع لأسباب منها تباطؤ النمو في الصين وفي حالة النفط بسبب وفرة الامدادات بالدرجة الرئيسة.&

يتضح من ذلك كله ان هناك تطورات مثيرة للقلق وان لدى صندوق النقد الدولي ما يحذر منه حين قال إن نمو الاقتصاد العالمي يمكن ان يخرج عن سكته من دون التعاطي بنجاح مع هذه التحديات الأساسية.& وهذا من حيث الجوهر ما يقلق اسواق المال.


&