الدوحة: تنتظر العاملة المنزلية كالاواني في دائرة رسمية بالدوحة، الموافقة على السماح لها بالعودة الى بلادها للمرة الاولى منذ العام 2010، بعدما بقيت متخفية عن عيون السلطات القطرية لاعوام، كحال آلاف العمال من ذوي الوضع "غير القانوني".

وبموجب عفو حكومي لثلاثة اشهر ينتهي في الاول من ديسمبر، ستكون كالاواني واحدة من زهاء تسعة آلاف شخص غير قانوني يتوقع ان يغادروا قطر قبل هذا الموعد او بعده بايام، بعدما اتاح لهم العفو تسوية اوضاعهم من دون تبعات قانونية.

تقول انها هربت من رب عملها السابق بعدما رفض دفع راتبها الشهري البالغ الف ريال قطري (275 دولارا اميركيا)، وهي مسألة تتكرر في الامارة التي تعرّضت لانتقادات عدة من منظمات دولية على خلفية حقوق اليد العاملة الاجنبية.

تضيف العاملة لوكالة فرانس برس "لم اتلق اي راتب من كفيلي"، ما دفعها الى الهرب والتخفي، بعدما بات وضعها غير قانوني، اضافة الى ان نظام الكفالة المعمول به في قطر ودول الخليج عمومًا، لا يتيح لها تغيير عملها من دون موافقة الكفيل نفسه.

واعتمدت كالاواني خلال الاعوام الست التي بقي فيها وضعها غير قانوني، على مساعدة من عائلتها، كما عملت في مقهى بشكل غير قانوني ايضا، لان التأشيرة التي دخلت بموجبها البلاد، تتيح لها فقط العمل كعاملة منزلية. وتضيف بنبرة هادئة "هذا العفو جيد بالنسبة الي، اريد العودة الى بلادي".

وعادة ما تفرض القوانين القطرية غرامات مالية وحتى عقوبة بالسجن على من يخالف نظام الاقامة او يبقى في البلاد بطريقة غير قانونية. الا انه بموجب العفو، وهو الاول منذ 2004، تتيح السلطات للمخالفين المغادرة في حال تقدموا منها بجواز سفرهم وبطاقة الهوية او تأشيرة الدخول، اضافة الى تذكرة عودة الى بلادهم، او على الاقل اثبات حيازتهم على ما يكفي من المال لشراء واحدة.
ولدى صدور الموافقة على التسوية، على الشخاص مغادرة قطر خلال سبعة ايام.


300 شخص يوميا

تتولى ادارة البحث والمتابعة التابعة لوزارة الداخلية، النظر في اوضاع كالاواني وغيرها من المقيمين في شكل غير قانوني. ويقع مقر الادارة في الاطراف الجنوبية الغربية للدوحة، محاطا بموقف كبير للسيارات واشجار النخيل، على مقربة من طريق سلوى السريع.

وعند مدخل المبنى، يشي عدد الحقائب التي تنتظر اصحابها، بان اجراءات السفر بدأت تأخذ مسارها. فالبداية تكون مع ردهة "الاستقبال"، حيث يسجل الراغبون في تسوية اوضاعهم اسماءهم، وينتقلون بعد ذلك الى خيمة كبيرة يقوم فيها موظفون في وزارة الداخلية، بتسجيل المعلومات الشخصية واخذ بصمات المتقدمين للتسوية.

ويقول احد ضباط الوزارة "عندما بدأت مهلة العفو، كنا نستقبل زهاء مئة شخص يوميا. حاليا مع اقتراب الموعد النهائي، وصل العدد الى نحو 300 يوميا".

لا تتوافر ارقام رسمية عن عدد المقيمين بشكل غير قانوني في قطر، والتي يبلغ عدد العمال فيها 1,8 مليون شخص، يتركز قسم كبير منهم في المشاريع التي تنفذ استعدادا لكأس العالم لكرة القدم 2022.

وفي ظل الانتقادات الواسعة التي وجّهت الى الدوحة على خلفية حقوق العمالة الاجنبية، لاسيما منذ منحها حق استضافة البطولة الابرز عالميا في كرة القدم، يسعى المسؤولون الى الاضاءة على اصلاحات تنفذ في مجال حقوق العمالة، منها تعديلات في نظام الكفالة وضمان حصول العمال على رواتبهم بشكل دوري ومنتظم.

ويوضح مسؤولون في ادارة البحث والمتابعة ان غالبية الذين سيفيدون من العفو يتحدرون من دول آسيوية كبنغلادش ونيبال والفلبين. وفي قاعة المغادرة، حيث يتلقى العمال الموافقة النهائية على تسوية اوضاعهم، يقول الهندي سجاد انه واجه مشاكل جمة مع كفيله، منها مسألة الراتب وقضايا اخرى، ما دفعه الى ان يمضي ثمانية اشهر في وضع غير قانوني، قبل ان يعلم بأمر العفو من خلال اعلان عبر موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي.

وكانت وزارة الداخلية اعلنت بداية عن العفو في بيان نشر عبر مواقع التواصل، وترجم الى 14 لغة. ويقول سجاد والبسمة تعلو محياه "انا ذاهب الى بلادي ان شاء الله. سأذهب مباشرة من هنا". ويتوافر في مقر ادارة البحث، مكتب للخطوط الجوية القطرية للراغبين في شراء تذاكر السفر.

ويبدي بعض الساعين الى تسوية اوضاعهم، رغبة في العودة مجددا للعمل. ويقول السائق النيبالي احمد فرام (42 عاما)، "اذا كانت العودة ممكنة، سأعود"، هو الذي امضى عامين بشكل غير قانوني.

الا ان عمالا آخرين يبدون اقل تفاؤلا، ومنهم باكستاني يعمل في مجال البناء، ويقول ان صاحب عمله سرق جواز سفره ويطالبه بدفع عشرة آلاف ريال لاستعادته. يقول هذا العامل بحسرة "لا استطيع العودة الى بلادي".