تونس: حصلت تونس خلال مؤتمر اسثماري دولي انعقد الثلاثاء والاربعاء على قروض ووعود بمساعدات مالية بقيمة 14 مليار يورو لانعاش اقتصادها المنهك، في حين أكد مشاركون في المؤتمر أن الاهم لمستقبل البلاد هو تصحيح صورتها التي اقترنت باضطرابات الربيع العربي.

وفي ختام مؤتمر "تونس 2020" مساء الاربعاء، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد ان المؤتمر "حقق ارقاما كبيرة: 34 مليار دينار تونسي (14 مليار يورو)، تنقسم الى 15 مليار دينار (6 مليارات يورو) اتفاقيات وقع إمضاؤها، و19 مليار دينار (حوالى 8 مليارات يورو) تعهدات (وعود)".

وقال الشاهد "أهم شيء هو الرسائل التي خرجت من هذه الندوة (المؤتمر) وأهم رسالة هي الصورة التي أعطتها تونس للعالم: صورة تونس الجديدة، تونس التي نجحت في انتقالها الديمقراطي".

والقروض والوعود التمويلة التي حصلت عليها تونس حيوية للبلاد التي تعيش "حالة طوارئ اقتصادية" بعد مضي ست سنوات على ثورة أطاحت في مطلع 2011 بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي. ويفترض تخصيص التمويلات لإنجاز مشاريع بنية تحتية بعضها متعطل منذ 2011.

وأعلنت الحكومة ان الهدف من هذا المؤتمر الاستثماري هو "إعادة تونس الى خريطة الاستثمارات في البحر المتوسط". و"حضر المؤتمر 4500 مشارك و1500 شريك اقتصادي من العالم، و70 دولة و40 وفدا رسميا" حسبما اعلن مساء الاربعاء محمد الفاضل عبد الكافي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التونسي.

وعرضت السلطات خلال المؤتمر 142 مشروعا استثماريا تقارب كلفتها 30 مليار يورو. وأبزر المؤتمر "ميزات تونس التنافسية التفاضلية" في قطاعات اقتصادية عدة مثل صناعة السيارات ومكونات الطائرات.

تواصل اقوى مع الخارج
وقال جون فيليب دوفال رئيس شبكة متخصصة في الاستشارات خلال مشاركته في احدى ورشات المؤتمر ان تونس "ركزت كثيرا على الجدل السياسي الداخلي" في السنوات الاخيرة، ملاحظا ان "بعض المسائل السياسية يتم طرحها من قبل مستثمرين بأنفسهم".

وأضاف "هذه الصفحة طويت اليوم، ويجب أن يكون للبلد تواصل أقوى مع الخارج لكسر عدد من الاساطير". "وخلال خمس سنوات، عانت تونس من التركيز على الجانب السياسي فقط، وأهملت الاقتصاد" بحسب ما صرح أخيرا لفرانس برس وزير الاستثمار فاضل عبد الكافي .

وإذا كان المجتمع الدولي رحب بالديمقراطية الناشئة في تونس، فإن الازمات السياسية والاجتماعية المتتالية أطفأت حماسة المستثمرين. ولمياء الفوراتي مديرة شركة "وانتك" المتخصصة في صناعة كوابل السيارات والاتصالات، الاربعاء خلال مشاركتها في احدى ورشات المؤتمر شهادة عن "قصة نجاح" في ظل الربيع العربي.

وقالت الفوراتي "بين 2011 و2016 مرّ رقم معاملاتنا من 360 مليون دينار الى 600 مليون دينار (من 150 الى 250 مليون يورو) وعدد موظفينا من 2300 الى 4000. هناك قصص جميلة عديدة شبيهة بعد الثورة تستحق ان تُروى".

وفي السنوات الخمس الاخيرة، تم تداول شائعات كثيرة حول مغادرة شركات اجنبية تونس. لكن الحكومة اعلنت خلال المؤتمر الاستثماري أن 3500 شركة اجنبية مازالت تستثمر في تونس. وذكرت بأن البرلمان صادق هذا العام، وبعد سنوات من الانتظار، على قانون استثمار جديد يهدف الى تحسين "مناخ الاعمال" في البلاد.

تونس جديدة
ومن بين المشاريع الـ142 التي تم عرضها في المؤتمر هناك 64 مشروعا استثماريا حكوميا و34 للاستثمار المشترك بين القطاعين العام والخاص و44 للقطاع الخاص حصرا. وتتوزع هذه المشاريع، وبعضها متوقف منذ الاطاحة بنظام بن علي في 2011، على قطاعات متنوعة من النقل الى الاقتصاد الرقمي مرورا بالزراعة والطاقة والسياحة. ولم يتقدم على الفور مستثمرون أجانب لعدد كبير من المشاريع.

ودعا نبيل التريكي وهو رئيس مجمع شركات تونسية متخصصة في الصناعات الغذائية، الى تنظيم مؤتمر استثماري ثان موجه حصريا للقطاع الخاص.

وقال ألكسندر راتل رئيس اللجنة التونسية لـ"مستشاري التجارة الخارجية في فرنسا" لفرانس برس "شعرنا بأننا في اليوم الأول من تونس جديدة. نحس بوجود ارادة سياسية حقيقية لتحريك الامور وإدخال البلاد في العالم الاقتصادي الحديث" مقرا في المقابل باستمرار وجود "صعوبات".

ويعاني الاقتصاد التونسي من التأثيرات السلية للتجارة "الموازية" (غير الرسمية) وآفة الفساد. كما تعاني البلاد من كثرة الاحتجاجات الاجتماعية والتي يمكن ان تدفع المستثمرين الى "طرح أسئلة"، كما اقر جون فيليب دوفال. وقال دوفال "لكن يمكن ان نعتبرها ميزة: السؤال المطروح على الحكومة هو كيفية خلق حوار وبيئة اجتماعية جديدة في ديمقراطية الربيع العربي. إنه تحد حقيقي لكنه قد يكون مفتاح النجاح غدا".