أعلنت غرفة جدة التجارية عن أول مشروع لإنشاء أكاديمية متخصصة في صناعة الموضة في السعودية تتوافق ورؤية التحول الوطني 2030.&

إيلاف من جدة: لم تعد صناعة الموضة والأزياء هامشية في الاقتصاد الوطني السعودي كما كانت حتى وقت قريب. فعلى ما يبدو، بدأت هذه الصناعة تأخذ حيزًا من اهتمام أصحاب الاختصاص في كل القطاعات ذات الصلة، حيث انطلق ملتقى صناعة الأزياء المصغر لساعات عدة في غرفة تجارة جدة، فكشف عن مشروعات جديدة، أهمها مشروع الشراكة السعودية الفرنسية لإنشاء أول أكاديمية لتدريب وتأهيل المنتسبات لها، إضافة إلى استقبال خريجي الجامعات والمعاهد من محبي هذه المهنة لتطوير مهاراتهم في التصميم والخياطة والقص والتسويق وغيرها من المجالات المتعلقة بهذه الصناعة.&

مرحلة التحديات
قال عدنان مندورة، أمين عام غرفة جدة، إن السعودية مقبلة على مرحلة تطور جديدة في القطاعات كافة، ما يوجب الاستعداد لها. أضاف: "تحمل هذه المرحلة الكثير من التحديات والمكتسبات التي ستتكشف على المدى الطويل، وكان لا بد من أن نكون على استعداد للمرحلة المقبلة، ولأن رؤية التحول الوطني السعودي عامة وشاملة، فقد جعلت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة دورًا مهمًا في تنمية الاقتصاد المحلي بنسبة تزيد على 30 في المئة".

ملتقى صناعة الأزياء المصغر في غرفة جدة

وأكد مندورة أن غرفة جدة بدأت بهذا التحول خلال الفترة الماضية بطلب من وزير التجارة والاستثمار، حيث هناك زهاء 85 ألف منتسب لغرفة جدة من مؤسسات موجودة في سوق العمل، خصوصًا في قطاع الخدمات التي تدخل صناعة الأزياء ضمنها.

ويرى مندورة أن التعرف إلى هذا القطاع والخدمات التي يمكن أن يقدمها، وحجمه المتواجد على أرض الواقع، ومتطلبات النهوض أهم التحديات حاليًا، مشجعًا على الاندماجات، وفتح المجال أمام الشراكة بين القطاعات المختلفة، ومعلنًا عن أحدث برنامج أطلقته الغرفة التجارية على الانترنت تحت مسمى "قياس"، الذي يساعد أصحاب المنشآت على تحديد نقاط القوة والضعف في مؤسساتهم من خلال الإجابة عن 120 سؤالًا. وأطلق البرنامج بالشراكة مع الغرفة التجارية في أستراليا.

إنجازات واقعية
في السياق نفسه، ناقشت أميمة عزوز، رئيسة لجنة تصميم الأزياء خريطة التطلعات الجديدة في مجال صناعة الأزياء بما يتوافق وتطلعات رؤية 2030، موضحة أن اللجنة هي الأولى من نوعها على المستويين المحلي والخليجي، "والتي من خلالها سيتم توفير آلاف الفرص التأهيلية والوظيفية لكلا الجنسين، والتحول من مستهلكين إلى منتجين في ظل نسبة مشاركة المرأة التي لا تتجاوز 2 في المئة في قطاع الأزياء، على أن يتم رفع هذه النسبة في سوق العمل بطرح فرص جديدة للتدريب والتأهيل برؤية مستقبلية تعتمد على عامل الصناعة في النهضة والتحول".

قالت: "تشكل المرأة 50 في المئة من نسبة خريجي الجامعات والأكاديميات، ما يعني أننا في صدد تولي بعض من زمام الأمور، إذ حان الوقت لتؤدي المرأة دورها في خطوط الإنتاج في المصانع وفي الأكاديميات ومعاهد التدريب".

عدنان مندورة أمين عام غرفة جدة

ونوّهت عزوز بأن اللجنة وخلال عامين من العمل قدمت أكثر من مشروع للنهوض بصناعة الموضة والأزياء المحلية، منها مشروع إنشاء أكاديمية لصناعة الأزياء في جدة بالشراكة مع فرنسا، مشكلة معبرًا رئيسًا لسوق العمل، حيث تجد المتدربة بعد الانتهاء من الدراسة مكانًا مضمونًا للعمل.

قالت: "من أهم المشروعات التي عملت اللجنة عليها إنشاء مصنع وطني لصناعة الأزياء، يدار بأيدٍ وطنية من الشباب والشابات، وتم رفع المشروع إلى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي وجّه وزارة العمل إلى التفاعل مع المشروع والبدء بخطوات عملية لتنفيذه. ومن ضمن مشروعات اللجنة أيضًا إقامة سوق دائمة للأزياء".&

وتابعت عزوز مؤكدة على ضرورة تكاتف القطاعات كافة لتسير هذه المشروعات ولتتحول من مجرد مشروعات ودراسات إلى حقيقة على أرض الواقع، منوهة بالعدد الكبير من الفرص الوظيفية التي توفرها هذه الصناعة للجيل الآتي.

وبحسب المعلومات التي أوردها الملتقى من خلال فيلم وثائقي، ارتفع حجم الاستثمار في الأقمشة والأزياء خليجيًا في عام 2014 إلى 40 مليار ريال، لتحل السعودية في المقدمة بنحو 15 مليار ريال سنويًا. ووصل عدد المشاغل التي تعمل في مجال الأزياء إلى 70 ألفًا، ووصل عدد محال بيع الملابس الجاهزة إلى 80 ألفًا في السعودية، منها 10 آلاف في جدة.

أكاديمية جدة
ولأن العباءة الشرقية تمتلك سحرها الخاص، فقد جذبت كبرى دور الأزياء العالمية، منها كريستيان ديور وبرادا وروبرتو كافالي وفالنتينو وفيندي وغيرها من الأسماء، ما جعل فكرة إطلاق أكاديمية لصناعة الأزياء في جدة أمرًا لا بد منه، إيمانًا بحاجة السوق إلى جهة متخصصة تعمل على تدريب وتأهيل كادر من السيدات السعوديات باحترافية عالية. وهذه تعد الحلقة المفقودة لسد الفجوة التي لم ينتبه إليها الجميع في قطاع الأزياء، الذي تتدفق عليه استثمارات تصل إلى 13 مليار ريال.&

الأكاديمية مختصة في تخريج الطالبات بمهنية عالية للمباشرة في ساحة العمل هذا من جهة، ومعدة لاستقطاب الخريجات من الجامعات السعودية والمعاهد لتعليمهن أسس التعامل مع الخامات والماكينة. وهي بذلك تتحقق رسالتها في المساهمة في تطوير قطاع الأزياء السعودي، من خلال تمكين المرأة السعودية وتعزيز قدراتها، إضافة إلى تأهيلها وتدريبها في هذا المجال باستخدام وسائل علمية ومهنية متقدمة لمواجهة سوق العمل مباشرة، من دون خوف أو تردد.&

هدف الأكاديمية دعم الاقتصاد السعودي بتدريب وتأهيل السعوديات الراغبات في الانضمام إلى قطاع التصميم، وتوفير المليارات التي تنفق سنويًا على الملابس المستوردة، وإقامة بنية تحتية متينة لتعليم صناعة الأزياء بحرفية عالية ومعايير عالمية، وتوفير خبرات سعودية في هذا المجال بعد تدريبها على أيدي خبراء عالميين، وإقامة خطوط إنتاج للأزياء تدار وتنفذ بأيدٍ محلية، وتمكين المرأة السعودية من سوق العمل، لتتمكن من الدخول إلى المصانع، والحد من البطالة بين السيدات السعوديات، بعدما وصلت نسبتها إلى 60 في المئة.

وتعمل أكاديمية جدة على توفير سيدات عاملات بمهارة في التصميم والقص والخياطة وتشغيل الماكينة بكل أنواعها العادية والالكترونية، والتسويق في قطاع الأزياء، إضافة إلى توفير فرص وظيفية للخريجات تتماشى مع ظروفهن.&

سوق محلية
تعد السوق السعودية محلية بامتياز، حيث تتأرجح بين الثوب الرجالي والعباءة النسائية، بحسب وجهة نظر المصمم العالمي يحيى البشري، الذي قال إن السعودية سوق مغلقة، "ولعل هذا من أكبر الصعوبات والتحديات التي تواجه صناعة الموضة، فصناعة الأزياء من أصعب الصناعات تحقيقًا، وهناك الكثير من معوقات نمو الصناعة في السعودية".

سعوديات مهتمات بصناعة الأزياء حضرن الملتقى

أضاف أن نجاح صناعة الثوب السعودي جاء بفضل رجال الأعمال، لا المبدعين، "فيما كانت العباءة بين سيدة تعمل من المنزل، والخياط الهندي، وأخرى توجهت من خلالها إلى التجارة".&

لمّح البشري إلى أن العقبة الكبرى التي تقف في وجه مصممة الأزياء السعودية كامنة في عدم التركيز في تخصص واحد والتميز فيه، حيث إنها تقوم بكل الأعمال من تصميم وتنفيذ وتحصيل وتسويق وافتتاح محل وبيع وخلافه، مطالبًا بضرورة اتحاد صاحبات الأعمال في مهنة تصميم الأزياء لمواجهة هذه التحديات والصعوبات التي تواجهها صناعة الموضة، والخروج بكيان ناجح في هذا المجال.&

ولفت إلى أن إقامة مصانع الأزياء يجب أن تراعي المكان، فوجودها ضروري داخل المدينة لتتلاءم مع حاجة المرأة إلى التواجد في محيط عائلتها من جانب، وليسهل عليها التنقل من جانب آخر، خصوصًا أن هذه المصانع صديقة للبيئة.

وناقش الملتقى عددًا من القضايا الجوهرية، وفي مقدمها الوظائف، التي يمكن أن يوفرها قطاع صناعة الأزياء في ظل رؤية 2030، وفتح باب جديد للشباب والشابات، والتفاعل مع بيئة العمل، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الثقة بين الموظف وصاحب العمل، والغش التجاري الذي يعد العائق الأكبر أمام تطور هذه الصناعة.


&