لندن: كشف وولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، عن شراكة اقتصادية جديدة في عدة قطاعات حيوية، بقيمة استثمارات مشتركة تبلغ 200 مليار دولار.

حيث عقد ولي ولي العهد محمد بن سلمان، الثلاثاء، 14 مارس آذار الحالي اجتماعا مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب وأطلعه على رؤية المملكة 2030، وخطة التحول الوطني، الهادفة إلى خفض اعتمادها على النفط كمصدر رئيس للإيرادات المالية.

وجرى خلال الاجتماع استعراض أفضل السبل لتعزيز التعاون المشترك والمستمر بين البلدين خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وبرامجها الاقتصادية الطموح، بما فيها برنامج التحول الوطني.

وتم خلال الاجتماع التأكيد على مواصلة تنسيق الجهود بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.

وسيواصل المسؤولون السعوديون والأميركيون بحث اتخاذ خطوات إضافية لتقوية العلاقات التجارية المشتركة، وتشجيع الاستثمار في مجالات عدة.

كما قدم ترمب دعمه للاستثمارات الأميركية في المملكة العربية السعودية، وتسهيل التجارة الثنائية، الأمر الذي سيتيح فرصا كبيرة لكلا البلدين. وفي مجال الطاقة، أكد البلدان رغبتهما في مواصلة المشاورات الثنائية بطريقة تُعزِّزُ نمو الاقتصاد العالمي، وتحد من اختلال العرض وانقطاع الامدادات وتقلّب السوق.

تحدي الطاقة والنفط

التحدي الذي سيواجه ترمب في مجال الطاقة والنفط أن الشركات الأميركية تعمل منفردة وباستقلالية وقوانين منع الاحتكار تحول دون مقدرة الحكومة على التدخل في سياسة الانتاج النفطية.

كما أكد الطرفان السعودي والأميركي أن التعاون الاقتصادي الموسع يمكن أن يخلق ما يصل إلى مليون وظيفة أميركية مباشرة خلال السنوات الأربع المقبلة، وملايين الوظائف الأميركية غير المباشرة، فضلا عن فرص العمل في المملكة العربية السعودية.

وذكر البيت الأبيض أن ولي ولي العهد السعودي أطلع الرئيس ترمب على رؤية 2030 وفرص المشاريع المشتركة. وأعلنت الدولتان عن عزمهما تعزيز تعاونهما في مجال الاقتصاد، والتجارة، والاستثمار والطاقة، وذلك بهدف تحقيق النمو والازدهار في البلدين والاقتصاد العالمي.
وقدم الرئيس ترمب دعمه لتطوير برنامج أميركي - سعودي جديد تتولاه مجموعات عمل أميركية سعودية مشتركة، ولمبادرات هذا البرنامج الفريدة التي تُقدر بأكثر من 200 مليار دولار أميركي من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في مجال الطاقة، والصناعة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، على مدى الأربع سنوات القادمة.

ونوه بيان صادر من البيت الأبيض إلى وجود فرصة قائمة من خلال البرنامج لاستحداث مليون وظيفة جديدة مباشرة، إضافة إلى ملايين الوظائف غير المباشرة تستفيد منها المملكة على وجه التحديد.

هذه ليست الزيارة الأولى

وكان الأمير محمد بن سلمان قد زار الولايات المتحدة في حزيران العام الماضي وأطلع المسؤولين الأميركيين على خطط رؤية السعودية 2030 وهو التغيير الذي سيؤدي بالبلاد إلى تنويع اقتصادي يُنهي الاعتماد على النفط ويُدر عوائد إضافية غير نفطية على المملكة تصل قيمتها الى 100 مليار دولار بحلول العام 2020. 

كما زار الأمير في تلك الرحلة الساحل الغربي للولايات المتحدة، وقام بزيارة وادي السيليكون الذي يضم أكبر وأعرق الشركات العاملة في مجال التقنية، ومقر شركة "أوبر" لخدمات نقل الأفراد في سان فرانسيسكو التي تشهد نموا سريعا ويشار الى قيام المملكة العربية السعودية أخيرا باستثمار 3.5 مليارات دولار في هذه الشركة". 

واتضحت معالم تنفيذ "رؤية السعودية 2030" خلال تلك الزيارة وكذلك اهتمام محمد بن سلمان الواضح وغير العادي بشركات التكنولوجيا الكبرى التي يبدو أنها ستتدفق على المملكة للاستثمار فيها والاستفادة من سوقها التي تعتبر الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.

يشار إلى أن المملكة أعلنت في شهر أبريل 2016 "رؤية السعودية 2030"، وهي الخطة التي تهدف الى تنويع الاقتصاد الوطني والتخلي عن الاعتماد على النفط استعداداً لمرحلة ما بعد النفط ولتقليل حجم التأثر بالتقلبات التي تشهدها أسواق النفط العالمية.

كما شملت تلك الزيارة مصارف الاستثمار في نيويورك لمناقشة عمليات بيع جزئي لشركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو"، وصولا إلى هدفه الأوسع نطاقا الذي يقوم على إنشاء صندوق للثروة السيادية بقيمة تريليوني دولار وتغيير اقتصاد المملكة.

وفي سياق متصل وعلى سبيل المثال قامت الشركة العربية السعودية للاستثمارات الصناعية بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة جنرال اليكتريك في مايو آيار 2016 للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية والتي تشمل قطاعات النفط والغاز. 

وأكدت مجلة المال والأعمال فوربس في حينه أن جذب الاستثمارات الدولية سيشكل جزءًا محورياً من تلك الإستراتيجية، وهو ما يفسر سر اهتمام ولي ولي العهد بإبرام صفقات تجارية على هامش تلك الزيارة الهامة بنفس قدر اهتمامه بعقد الاجتماعات الدبلوماسية المعتادة.

ومع هذا، فقد تم إبرام بعض الصفقات التجارية الأخرى خلال فترة تواجد الأمير محمد في العاصمة، واشنطن، حيث التقى ممثلين عن شركات بوينغ، ريثيون ولوكهيد مارتن لبحث إمكانية توسيع مرافق الإنتاج الحربي داخل المملكة العربية السعودية.

ومن الجدير بالذكر ان الزيارة العام الماضي كانت في عهد الرئيس الأميركي الأسبق اوباما الذي انتهت ولايته في نوفمبر بعد انتخاب دونالد ترمب كرئيس للولايات المتحدة وكان من المهم ان تقوم المملكة العربية السعودية بتعزيز العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية مع البيت الأبيض.

تضييق هوة الخلافات

يؤمل ان زيارة ولي ولي العهد محمد بن سلمان الأخيرة قبل ايام ستنهي موضوع قانون جاستا، الذي تم تمريره في الكونغرس العام الماضي والذي يعرّض للخطر الأصول السعودية والسندات الأميركية التي تمتلكها السعودية. 

ورغم هذا التحدي تشكل زيارة هذا الأسبوع حدثا مهما بمثابة كسر الجليد والتقارب وتدفئة العلاقات السعودية الأميركية التي شهدت بعض البرودة اثناء عهد اوباما. أهمية الزيارة فضلا عن التعاون الاقتصادي كان فرصة هامة لتضييق هوة الخلافات بين البلدين. وهذا أمر ايجابي.