«إيلاف» من لندن: سجل مزيج برنت القياسي سعر 52.19 دولارًا للبرميل للعقود الآجلة، في انخفاض يعادل 0.3 في المئة. أما خام غرب تكساس الوسيط فهبط إلى 49.44 دولارًا للبرميل في التسويات النهائية صباح الخميس الباكر. وحتى بعد الخسائر الطفيفة في الأسعار، إلا أنها لا تزال أعلى من أسعار اليوم الآربعاء 2 أغسطس، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 12 سنتًا إلى 51.90 دولارًا للبرميل، وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي سنتًا واحدًا إلى 49.17 دولارًا للبرميل.

وانتظر المتعاملون صدور البيانات الرسمية للحكومة الأميركية بخصوص مستويات مخزون النفط الخام بعد أن أظهر مسح مستقل الثلاثاء زيادة غير متوقعة بلغت 1.8 مليون برميل. ويبدو أن الأسواق تجاهلت هذا التغيير المعتدل في المخزونات، وقال معهد البترول الأمريكي أن مخزونات الخام الأميركية زادت 1.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 28 يوليو، ووصلت إلى 488.8 مليون برميل.

والجدير بالذكر أن "أوبك" ومنتجين من خارجها مثل روسيا اتفقوا منذ بداية العام الجاري على خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميًا بين يناير 2017 ومارس 2018. وستجتمع لجنة "أوبك" الفنية المعنية بمتابعة تخفيض الانتاج بحسب الاتفاق في أبو ظبي في يومي 7 و8 أغسطس، للنظر في الأوضاع والتأكد من تفعيل الاتفاق.

تحديات صعبة وخيارات مؤلمة

أنتجت "أوبك" في يونيو نحو 33 مليون برميل يوميًا تقريبًا بحسب جداول بلومبرغ للمال والأعمال. لكن ربما يؤدي الوضع غير المستقر في ليبيا ونيجيريا إلى خفض انتاجهما. ولم تنجح دول "أوبك" في التأثير كثيرا في مستوى الأسعار، على الرغم من المحاولات الجادة لخفض الانتاج.

قفزت شحنات النفط الليبي إلى أعلى مستوياتها منذ 2014، فأشارت التقارير إلى أن ليبيا شحنت 865 ألف برميل يوميًا خلال تموز الماضي، بزيادة نسبتها 11 في المئة على يونيو بحسب تقديرات بلومبرغ. وإذا أضيف الانتاج النيجيري إلى المعادلة، يشكل ذلك ضربة مزدوجة لجهود "أوبك" في كبح الانتاج، بعدما تم استثناء ليبيا ونيجيريا من اتفاق خفض الانتاج.

ربما ينقطع إنتاج فنزويلا كله، لكن تأثير ذلك في الأسواق العالمية سيكون ضئيلًا، ويمكن تعويض النقص البالغ 1.1 مليون برميل يوميًا بسهولة من دول "أوبك" لا سيما من الانتاج السعودي كما حصل عام 2003 عندما قامت السعودية بتعويض النقص في الانتاج العراقي والفنزويلي آنذاك.

نصائح لـ”أوبك”

يعتقد خبراء أن على أعضاء "أوبك" العمل المشترك والتنسيق الأفضل لتحقيق نجاح ملحوظ، من خلال تقييد الإنتاج. واذا لم يفعلوا هذا، ربما يتراجع السعر على الرغم من الارتفاعات الأخيرة التي وصلت إلى أكثر من 9 في المئة خلال يوليو. من شأن هذا الارتفاع أن يفتح المجال أمام المنتجين غير التقليديين في الولايات المتحدة وكندا لاستغلال ضعف "أوبك".

لكسب حرب الأسعار، يقترح خبراء أن على اعضاء أوبك المحافظة على أسعار عالية نسبيًا، أي بنطاق 50 إلى 55 دولار للبرميل، لأن الأسعار العالية فوق هذا النطاق ستجذب المزيد من الزيت الصخري الأميركي والزيت الرملي الكندي والمعروفة بالمصادر غير التقليدية للسوق، ما يرفع التخمة التي لم تختف بعد. كما عليهم الحفاظ على موقف موحد في الاجواء الجيوسياسية المتوترة والمضطربة.

لن تستمر مشكلات "أوبك" إلى الأبد. إذا ارتفع الطلب العالمي على النفط، وهذا لا يحدث بسرعة، ستتغير الصورة وتنتعش الأسعار. وربما الحل العملي هو المزيد من التعاون والتنسيق مع منتجين من خارج “أوبك”، مثل روسيا والنرويج والمكسيك.

خيار الانهيار

الخيار الآخر الذي يحمل في طياته مخاطر كبيرة للدول الأعضاء في "أوبك" هو إنتاج أقصى ما يمكن إنتاجه من النفط، وإغراق السوق وتهاوي الأسعار حيث يتوقف منتجي الزيت الصخري عن العمل كليًا. لكن هذه الاستراتيجية ستمنع الاستثمار في مشروعات التنقيب والاكتشاف، ما سيخلق عجزًا في الإمدادات في عام 2020 وفيما بعد.

حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن الاستثمار في مشروعات التنقيب تتقلص، وستؤدي إلى أزمة إمداد في السنوات القليلة المقبلة. كما جاءت تحذيرات مشابهة في مؤتمر اسطنبول للطاقة الشهر الماضي بهذا الخصوص.

وهذا الخيار الصعب يطرح عدد من التساؤلات المؤلمة، منها:

- هل تستطيع الدول الأعضاء في "أوبك" العيش مع أسعار متدنية، في نطاق 20 إلى 25 دولارًا للبرميل؟

- هل يستطيعون التأقلم مع الأسعار المتدنية؟

- هل سيكون لهذه الاستراتيجية الخطرة تأثير سلبي في رؤية السعودية 2030 وطرح اسهم ارامكو في بورصة لندن للاكتتاب العام في عام 2018؟

- هل توافق الدول الأعضاء في "أوبك" على اعتماد سياسة التقشف عامًا أو عامين، في ظل أسعار نفط متدنية جدًا؟ هل هم قادرون على تحمل الألم؟

توقعات باقي 2017

ارتفاع الانتاج الأميركي سيحبط جهود "أوبك" في إبقاء الأسعار فوق 50 دولارًا للبرميل. ولا تزال السعودية، القائد الفعلي لمنظمة "أوبك"، تتحمل العبء الأكبر من التخفيضات في الانتاج وتطالب الآخرين بتعميق هذه التخفيضات. وجهود التخفيض ساعدت منتجي النفط في الولايات المتحدة بضخ المزيد، وهذا يؤدي إلى تدني الأسعار أقل من 50 دولارًا في الربع الأخير من عام 2017.

بحسب موقع "سي أن بي سي"، يتوقع محللون انخفاض الأسعار إلى 40 دولارًا للبرميل في الربع الثالث من 2017، لكن مصرف "يو بي أس" السويسري يتوقع سعر 60 دولارًا للبرميل في النصف الثاني من العام، بينما تتوقع شركة "بي أم بي " للبحث سعر 55.20 دولارًا للبرميل.

فأي سيناريو نصدق؟