بكين: ابرم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الساعي الى اعادة التوازن في العلاقة التجارية مع بكين، اتفاقا جاء في أوانه لشركة اريفا الفرنسية واعلن رفع الحظر الصيني عن لحوم البقر الفرنسية. كما اتفق البلدان على فتح فرع لمركز بومبيدو الفرنسي في شنغهاي.

وبعد زيارة ماكرون الى قصر امبراطور الصين في المدينة المحرمة استقبله نظيره شي جينبينغ بعد الظهر في قصر الشعب المهيب المحاذي لساحة تيان انمين في بكين، حيث تفقد الرجلان حرس الشرف معا.

وفي ختام لقاء ثنائي حضر الرئيسان توقيع عدد من الوثائق وبينها "مذكرة اتفاق تجاري" تنص على بناء شركة أريفا مركزا لإعادة تدوير الوقود النووي المستخدم في الصين.

ورحب وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لوميرالمشارك في الوفد بالاتفاق، مؤكدا انه "يوازي ما قيمته 10 مليارات يورو فورية ستنقذ الشركة"، علما ان هذه الورشة الهائلة فرصة ذهبية لمجموعة أريفا الفرنسية المتخصصة في الطاقة النووية المدنية التي تواجه صعوبات مالية وتتفاوض منذ عشر سنوات مع شريكتها "شركة الصين الوطنية للنووي".

واكد لومير "تلقينا ضمانات على العقد مع تحديد موعد توقيعه في الربيع". كما أعلنت الرئاسة الفرنسية أن المفاعل النووي الذي تقيمه شركة كهرباء فرنسا في جنوب الصين، سيباشر العمل بعد حوالى ستة اشهر على الأرجح، ليكون أول مفاعل نووي من الجيل الثالث قيد العمل في العالم، قبل المحطتين قيد البناء في فلامانفيل بفرنسا وفي فنلندا وواجهتا الكثير من التأخير والتكاليف الإضافية.

استثمارات النهب
يريد الرئيس الفرنسي العودة الى باريس، وفي جعبته حوالى 50 عقدا واتفاقا. ففرنسا تسعى الى "إعادة التوازن" إلى العلاقات التجارية الثنائية، في وقت تسجل أكبر عجز في تجارتها الخارجية مع الصين (30 مليار يورو عام 2016).

وأعلن ماكرون ان الصين سترفع "في غضون ستة اشهر" بالكامل الحظر المفروض على لحوم البقر الفرنسية منذ 2001 بعد أزمة "جنون البقر". وتريد باريس بصورة خاصة انفتاحا أكبر للأسواق الصينية أمام منتجاتها الزراعية والغذائية الاخرى (لحوم ودواجن ونبيذ وكحول) وكذلك مصارفها، وعقد صفقات لبيع طائرات إيرباص ومحركات سافران.

وصل الرئيس الفرنسي إلى الصين برفقة وفد من رؤساء حوالى خمسين شركة، بينها أريفا وإيرباص وسافران وشركة كهرباء فرنسا. في المقابل، تود باريس تشجيع الاستثمارات الصينية في فرنسا. لكن لومير أقر انه يرفض "الكثير" من المشاريع الصينية، موضحا "اننا نقبل استثمارات على المدى الطويل، لا استثمارات النهب".

وحضر الرئيس الفرنسي توقيع عقد مع المجموعة الصينية العملاقة للبيع على الإنترنت "جاي دي دوت كوم" تعهدت بموجبه بيع منتجات فرنسية بقيمة ملياري يورو على مواقعها خلال السنتين المقبلتين، مبدية في المقابل استعدادها لفتح فرع لها في فرنسا.

بومبيدو في شنغهاي
بعدما اثنى ماكرون الاثنين على "طرق الحرير الجديدة"، مشروع البنى التحتية الذي باشره شي للربط بين الصين وآسيا وأوروبا، دعا فرنسا إلى التكيف مع التحدي الذي تطرحه القوة الاقتصادية الثانية في العالم.

وقال في كلمة القاها في مؤسسة حاضنة للشركات الناشئة إن "الصين تواصل استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، ونظرا إلى حجم هذه السوق، فإن ذلك ينعكس على العولمة ككل. من واجب فرنسا أن تفهم هذه التوجهات (...) وذلك يتطلب فرنسا قوية" محذرا بأنه "إن لم تحسن فرنسا التكيف، فسوف يتم تغييبها".

وبعد وصوله الاثنين إلى شيان (شمال)، نقطة انطلاق طريق الحرير، باشر الرئيس الفرنسي يومه الثاني في الصين بزيارة المدينة المحرمة مع زوجته بريجيت، وتوقف عند حكمة مدونة هناك وموجهة إلى الأباطرة، تقول "بالعدل أحكموا انطلاقا من الوسط"، وهو الذي وصل إلى الرئاسة منتهجا سياسة وسطية.

ويغادر ماكرون بكين الأربعاء وقد وعد في خطابه الأول الاثنين أن يزور الصين "مرة في السنة على الأقل" بهدف "بناء الثقة خطوة خطوة".