«إيلاف» من لندن: ليس مستغربا ان الطقس البارد في الولايات المتحدة والتوترات في ايران والصراعات في ليبيا واعمال التخريب في نيجيريا والاضطرابات في فنزويلا ساهمت في دعم الأسعار ووصولها الى اعلى المستويات منذ اواخر 2014.

أضف الى ذلك أنه بعد عام من تخفيضات الانتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا حسب اتفاق اوبك ودول اخرى مثل روسيا لعبت دورا محوريا في منع انهيار الأسعار بل على العكس ساهمت في دفع أسعار النفط للأعلى.

ولا تزال الأسعار تتأرجح حول الرقم 70 دولار للبرميل لمزيج برنت القياسي وحوالي 64 الى 65 دولار للبرميل لمزيج غرب تكساس الوسيط وهذه اعلى مستويات سعرية منذ ديسمبر 2014 ومع تراجع المخزونات وانتعاش الاقتصاد العالمي لا يوجد اسباب تمنع استمرار ارتفاع اسعار النفط لمستويات قياسية جديدة في الشهور المقبلة.

عودة التوازن للسوق

مما لا شك فيه ان اتفاق اوبك مع شركاء خارج المنظومة وعلى رأسها روسيا لعب دورا في خلق حالة من التوازن في الاسواق. وتم تمديد صفقة التخفيض اواخر عام 2017 حتى نهاية عام 2018 حيث تبقى الحافز الأهم لارتفاع الأسعار. وهناك عناصر اخرى هامة ستعزز موجة ارتفاع الأسعار ومنها تعافي الاقتصاد العالمي وارتفاع الطلب من جهة ثم تراجع المخزونات والفائض من الاسواق. حتى أن الاغلاق المؤقت في ديسمبر 2017 لخط أنبوب "فورتيز" في بحر الشمال ساهم في خسارة السوق بواقع 9 ملايين برميل في فترة اقل من شهر. كما ان موجة البرد القارس في الولايات المتحدة وكندا ادت الى زيادة كبيرة في استهلاك وقود التدفئة احد مشتقات النفط الخام.

الجدير بالذكر انه منذ اواسط 2014 هبطت أسعار النفط الخام من سعر يزيد عن 100 دولار للبرميل الى اقل من 30 دولار اوائل عام 2016 قبل ان تبدأ مرحلة التعافي التدريجي بعد توقيع اتفاق التخفيض عام 2017 وكان مزيج برنت قد سجل 115 دولار للبرميل بتاريخ 20 يونيو 2014 بعد رجوعه الى اقل من 40 دولار عام 2016 ثم الصعود الى 70 دولار للبرميل اوائل عام 2018.

ولا يزال السوق في حالة ترقب لما يجري في فنزويلا التي شهدت انهيارا في الانتاج نتيجة للاضطرابات السياسية وكذلك الصراعات في ليبيا ونيجيريا لا تزال تلقي بظلها على اجواء المشهد النفطي.

تقرير شهري من أوبك يحمل في طيه مؤشرات ايجابية

 تناقلت وكلات الانباء تقرير اوبك الشهري الذي عكس حالة السوق بطريقة واقعية مبتعدا عن المبالغات والتوقعات البعيدة المنال. 

وركزت منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها الشهري على التوقعات لإمدادات النفط من الدول غير الأعضاء في المنظمة في 2018، وقالت إن المنتجين من خارج المنظمة سيعززون الإنتاج بواقع 1.15 مليون برميل يوميا في العام الجاري ارتفاعا من 990 ألف برميل يوميا في التوقعات السابقة . وقالت ان تعافي الأسعار يشجع المزيد من انتاج الزيت الصخري.

في الوقت الذي يشجع فيه ارتفاع الأسعار شركات النفط الصخري الأمريكية على ضخ مزيد من الخام، مما يضعف أثر اتفاق تقوده المنظمة وشركاؤها بمن فيهم روسيا، للتخلص من تخمة المعروض وانهيار كبير في إنتاج فنزويلا. وقالت المنظمة في تقريرها الشهري الصادر أمس الخميس ان المنتجين من خارجها سيعززون الإنتاج بواقع 1.15 مليون برميل يوميا في العام الجاري ارتفاعا من 990 ألف برميل يوميا في التوقعات السابقة.
وأضافت: «ارتفاع أسعار النفط يجلب مزيدا من المعروض إلى السوق لاسيما في أمريكا الشمالية وبخاصة النفط المُحكَم»، مشيرة إلى اسم آخر للنفط الصخري. وأشار التقرير لتوقعات متفائلة
ان سوق النفط يتجه بسلاسة نحو إعادة التوازن، وأن الاسعار تتحسن مدفوعة بمخزونات أدنى وطلب جيد وتوترات جيوسياسية. وأضافت «في ديسمبر تحسنت التوقعات المستقبلية للنفط إلى مستويات لم نشهدها منذ اواخر 2014».
وتابعت ان اتفاق تمديد خفض الإنتاج وكذلك «الاضطرابات في امدادات بحر الشمال عززت من المكاسب»، بعد الضرر الذي لحق بشبكة أنابيب الإمداد التي تنقل 40 في المئة من نفط وغاز المملكة المتحدة في بحر الشمال، نتيجة عطب في أحد الأنابيب. ورفعت «أوبك» توقعاتها بالنسبة للطلب العالمي على النفط خلال السنة الماضية إلى 96.99 مليون برميل يوميا وعزته إلى «معطيات أفضل متوقعة بالنسبة لأوروبا والصين.

تراجع المخزونات يعزز الأسعار

استقرت الأسعار حول 70 دولار للبرميل مع تراجع المخزونات الأميركية حيث بلغت العقود الآجلة لخام برنت في بداية الأسبوع أعلى مستوياتها منذ ديسمبر كانون الأول 2014 عند 70.37 دولار للبرميل.

وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64.89 دولار للبرميل وهذا أعلى مستوى منذ اواخر 2014.

ويقول متعاملون إن أسواق النفط تحظى بوجه عام بدعم جيد بفعل تخفيضات الإمدادات التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا اللذان بدآ في كبح الإنتاج في يناير من العام الماضي ومن المتوقع أن يستمرا في ذلك في 2018.

ويحذر البعض ان وتيرة الارتفاع التي حدثت في ديمسبر كانون الأول 2017 وأدت الى ارتفاع الأسعار بنسبة 15% قد تتباطأ لعوامل مختلفة منها احتمال ارتفاع الانتاج الليبي والنيجيري.

اما فيما يتعلق بالمخزونات الأميريكة قالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي بينما زادت مخزونات البنزين وتراجع مخزون نواتج التقطير.
وهبطت مخزونات الخام 6.9 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 12 يناير إلى 412.65 مليون برميل، مقارنة مع توقعات محللين لانخفاضها 3.5 ملايين برميل.

وقالت الإدارة إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما انخفضت بمقدار 4.2 ملايين برميل إلى 42.39 مليون برميل.

على المدى القصير تبقى الصورة ايجابية.