«إيلاف» من لندن: ازداد الاهتمام في الطاقة النظيفة المتجددة في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات التي تعاني منها شعوب العالم. وحسب تقارير البنك الدولي يفتقر أكثر من 1.2 مليار شخص أي تقريبا 20 في المائة من سكان العالم – إلى إمكانية الحصول على الكهرباء، ويتركّز معظمهم في اثني عشر بلداً تقريباً في أفريقيا وآسيا. ويعتمد 2.8 مليار شخص آخرون على الخشب والفحم النباتي وروث البهائم والفحم في أغراض الطهي والتدفئة، وهو ما يسفر عن وقوع أكثر من أربعة ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً بسبب تلوث الهواء داخل البيوت. ويُعتبَر نقص إمدادات الكهرباء وتدني جودتها وتكرار انقطاعها بسبب نقص الاستثمارات من التحديات الرئيسية التي تواجهها البلدان النامية. ويجب أن يكون الحصول على الكهرباء موثوقاً به ومستداماً من الناحية البيئية والاجتماعية. 

الطاقة المستدامة تأتي من المصادر الطبيعية التي تتجدد ولا تنفذ ولا يكون لها مخلفات مضرة مثل ثاني اكسيد الكربون وغازات ضارة او تزيد الاحتباس الحراري كما يحدث عند احتراق الوقود المستخرج من الأرض او اعماق البحر التي يطلق عليها الوقود الأحفوري. العناصر الثلاثة الهامة في تشكيلة الطاقة المتجددة هي الشمس والرياح والمياه. كما ان امواج البحار والمد الجزر يمكن تسخيرها في توليد الطاقة. وحاليا أكثر إنتاج للطّاقة المتجددة يـُنتج في ما يسمى محطات القوى الكهرمائية بواسطة السّدود الضخمة. وهذه شائعة في البلدان المتقدمة، وهناك دول عديدة وضعت خططاً لزيادة نسبة إنتاجها للطّاقة المتجددة بحيث تغطي احتياجاتها من الطّاقة بنسبة 20% من استهلاكها عام 2020.

ورافق هذا الاهتمام ظاهرة ما يعرف بتجارة الطاقة المتجددة والترويج والاستثمار في هذا القطاع. ورغم التكلفة المبدئية الباهظة إلا أن ما يقارب 65 دولة تخطّط للاستثمار في الطّاقات المتجددة بما فيها دول عربية تمتد من المغرب الى الخليج العربي. 

شركة "رويال دويتش شل" تدخل مجال الطاقة النظيفة

التغيير المناخي يشكل تهديدا حقيقيا للصناعة النفطية حسب الرئيس التفيذي لامبراطورية "رويال دويتش شل" بن فان بيوردن والتي تقدر قيمتها السوقية ب 200 مليار جنيه استرليني اي 280 مليار دولار. وفي حديث مع صحيفة الصندي تايمز البريطانية مارس آذار 2018 يقول فان بيوردن "المستقبل قد يكون للكهرباء النظيفة ولكن النفط يبقى الركيزة الرئيسة لجني الأرباح لسنوات طويلة". 

تستثمر شركة "شل" ما لايقل عن ملياري دولار سنويا في مشاريع تتعلق بالطاقة المتجددة ونقط شحن السيارات الكهربائية. رغم انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ لم تتوقف حكومات العالم عن اتخاذ اجراءات فعلية لحماية البيئة من التلوث بتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الكربونية السامة مثل الديزل والبترول وحتى الغاز الطبيعي. المستقبل سيكون لطاقة الرياح والشمس وكنتيجة طبيعية متوقعة سيقل استعمال السيارات التي تشتغل على الديزل والبترول.

واستثمرت شركة "شل" مبالغ طائلة في الاستيلاء على "فيرست يوتيليتي" التي تزود 800 الف منزل بالغاز والكهرباء في بريطانيا كما انفقت 217 مليون دولار للاستحواذ على "سيليكون رانش كوربوريشين" الأميركية والتي تقوم بتشغيل 100 محطة لاستغلال الطاقة الشمسية. وتشمل نشاطات "شل" المصافي التكريرية و 44 الف محطة بنزين. وتقول "شل" اذا اردت ان تكون لاعبا هاما في مجال الطاقة فلا تستطيع ان تتجاهل الطاقة الكهربائية والشمسية. وأهم عملية شراء قامت بها شركة "شل" هو السيطرة على "بريتيش غاز" BGبقيمة 50 مليار دولار عام 2016

ومن المتوقع ان يرتفع استهلاك الكهرباء العالمي من 18% الى 40% بحلول 2040 وقد تصل النسبة الى 50% في منتصف القرن.

ليس فقط "شل" تحاول تقليل الاعتماد على النفط، شركة "توتال" الفرنسية ايضا والتي تسعى لشراء شركات تزويد طاقة كهربائية وغاز طبيعي في فرنسا كما انها استحوذت على شركة "سافت" لصنع البطاريات لتعزيز وجودها في ساحة الطاقة البديلة المتجددة. كما ان شركة بي بي "بريتيش بتروليوم" استحوذت على حصة من شركة تطوير الطاقة الشمسية بتكلفة 200 مليون دولار. وسارعت شركة "ايني" الايطالية و"ستات اويل" النرويجية على الدخول في ساحة الطاقة النظيفة البديلة.

وماذا عن السيارات الكهربائية؟

وأعلنت الحكومة البريطانية العام الماضي أنها لن تسمح بيع سيارات الديزل والبترول اعتبارا من عام 2040 في محاولة لمنع الاحتباس الحراري من الصعود بأكثر من درجتين مئوية حسب اتفاق باريس للمناخ. واستجابت شركة فولفو السويدية لصناعة السيارات بالاعلان انها ستبدا بانتاج سيارات كهربائية وهجينة عام 2019.

وحسب التقديرات ان ثلث السيارات ستعمل على البطاريات بحلول 2040 وهذايعادل تخفيض استهلاك النفط بواقع 8 مليون برميل يوميا. هذه مجرد تخمينات وتوقعات لأنها تتناقض مع احصائيات وتوقعات أخرى.

السيارات التي تعمل بالبطاريات عام 2018 الحالي تمثل فقط 1% من كل السيارات في أوروبا وفي بريطانيا فقط 115 الف سيارة تعمل على البطاريات ويبلغ عدد السيارات في بريطانيا اكثر من 37 مليون سيارة. وحسب احصائيات وكالة الترخيص الحكومية بلغ عدد المركبات المسجلة في دائرة الترخيص 37.5 مليون في اواخر مارس آذار 2017.

وقامت "شل" بتركيب 10 نقاط شحن كهربائي للسيارات في محطات بنزين تمتلكها وتديرها وعددها حوالي 1000 محطة. كما ان عملية شحن بطاريات الليثيوم تستغرق 35 دقيقة مما سيخلق طوابير من السيارات تنتظر دورها للشحن.

ورغم كل ذلك سيبقى البترول المصدر الرئيس لتحريك السيارات. عدد السيارات في العالم سيتضاعف في العقود المقبلة مع نمو الطبقة الوسطى في الهند والصين والمكسيك واندونيسيا. وحتى لو اعتمدت نصف السيارات في العالم على الطاقة الكهربائية المتجددة سيكون هناك مئات ملايين السيارات تعتمد على البترول.

وحسب صفحة المال في موقع الديلي ميل البريطانية ونقلا عن توقعات "بريتيش بيتروليوم" فبراير شباط 2018: "سيتضاعف عدد السيارات في العالم الى ملياري سيارة (2 مليار) بحلول 2040. منها 300 مليون سيارة ستعمل بالطاقة الكهربائية مقارنة مع 3 ملايين سيارة الآن في جميع انحاء العالم. وسيبقى النفط مصدر الطاقة ل 85% من وقود النقل". 

كل الأرقام والاحصائيات تشير ان السيارة الكهربائية لن تؤثر على اسواق النفط العالمية لمئة عام على الأقل.