يعارض وزير الدفاع الأميركي فرض تعرفات جمركية على الحديد المستورد. لكن الوزير المسؤول عن التجارة يؤيد فرض التعرفة على الحديد والألمنيوم علمًا أنها سترفع تكلفة المصانع الأميركية التي تعتمد على السلعتين. 

إيلاف: تقول "وول ستريت جورنال" إن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس يعارض فرض تعرفات جمركية على الحديد المستورد. لكن الوزير المسؤول عن التجارة ويلبر روس يؤيد فرض التعرفة الجمركية على الحديد والألمنيوم علمًا أنها سترفع تكلفة المصانع الأميركية التي تعتمد على السلعتين. 

وأشارت دراسة اقتصادية أجريت عام 2002 عندما فرض الرئيس السابق جورج دبليو بوش ضريبة جمركية على الحديد المستورد أن عدد الوظائف التي اختفت بسبب هذا الإجراء تفوق عدد الوظائف التي كانت ستخسرها الولايات المتحدة لو تم إغلاق صناعة الحديد بكاملها في الولايات المتحدة. 

إذا كان هدف ترمب هو الصين، فلم يصب الهدف الصحيح. إذ إن معظم الحديد والألمنيوم لا يأتي من الصين، بل من كندا والبرازيل وألمانيا، والإمارات وروسيا.

وقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الشهر الماضي فرض تعرفات جمركية على البضائع الصينية غير الحديد والألمنيوم كالكهربائيات والإلكترونيات وغيرها بما قيمته 60 مليار دولار سنويًا، مؤكدًا أنها خطوة عقابية ضد الممارسات الصينية التجارية غير العادلة. 

العجز التجاري مع الصين
ويتهم ترمب الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية الأميركية ومعلومات التقنية، ويقدر هذه السرقات بقيمة 600-700 مليار دولار.والصين بكل تأكيد ترفض ذلك. 

يشار إلى أن أميركا بدورها تعاني من عجز تجاري ضخم مع الصين. وحسب أرقام 2017 بلغت الصادرات الأميركية للصين 130.4 مليار دولار، وبلغت قيمة صادرات الصين للولايات المتحدة 505.6 مليار دولار، أي إن العجز التجاري أو الفرق بين ما تستورده الصين من الولايات المتحدة وما تستورده الولايات المتحدة من الصين يزيد عن 375 مليار دولار في صالح الصين. هذه الأرقام تزعج الادارة الأميركية. وهناك تشكيكات ان خطوات ترامب ستقلل العجز مع الصين ناهيك عن العجز مع دول اخرى مثل المكسيك وكندا وغيرها.

الرد الصيني
لم تقف بكين مكتوفة الأيدي رغم أن الصين تكرر باستمرار أنها لا تريد حربًا تجارية مع الولايات المتحدة، ولكن أي نظرة موضوعية إلى التفاصيل ستأتي بنتيجة واضحة، وهي أن الولايات المتحدة ستخسر. وكخطوة أولية أعلنت الصين فرض ضرائب جمركية على أكثر من 120 سلعة أميركية بقيمة 3 مليارات دولار سنويًا، وهذه خطوة متواضعة جدًا، وتشمل مواد زراعية مثل فول الصويا والذرة البيضاء واللحوم والقطن.

لكن الأخطر من ذلك سيتكبد قطاع السيارات الأميركية خسائر كبيرة، حيث صدّرت جنرال موتورز 4 ملايين مركبة للصين عام 2017. 

أما القطاع المهم الآخر الذي سيعاني من خسائر فادحة من الحرب التجارية فهو قطاع صنع الطائرات في مدينة سياتل في ولاية واشنطن على ساحل الشمال الغربي للولايات المتحدة.

إذ إنه ومن بين كل أربع طائرات صنعتها شركة بوينغ في سياتل تم تصدير واحدة منها إلى الصين، أي ربع الإنتاج يذهب إلى الصين. ووقعت الصين في شهر نوفمبر الماضي عقدًا بقيمة 37 مليار دولار لشراء 300 طائرة من بوينغ.

الرابحون والخاسرون
يتحمل المزارعون وصانعو الطائرات والسيارات العبء الأكبر من الحرب التجارية. وهي ضربة قوية إلى القطاع الزراعي الأميركي.

وحسب بلومبيرغ موقع المال والأعمال بتاريخ 4 إبريل 2018 فالخاسر الأكبر من الإجراءات الصينية المضادة هو القطاع الزراعي الأميركي ومصانع السيارات والطائرات. لا سيما القطاع الزراعي في ولايات "الميد ويست" أي الوسط الغربي الأميركي الذي يشمل ولايات مثل أيوا وميسوري وغيرها، والتي تصدر فول الصويا إلى الصين بقيمة 14 مليار دولار سنويًا. 

في حين أن الصين تعتبر أكبر مشترٍ لفول الصويا في الولايات المتحدة، حيث تحصل على نحو ثلث محصول البلاد بكامله. ويعتبر فول الصويا أحد أقوى الأسلحة في ترسانة بكين التجارية، لأن هبوطًا في الصادرات إلى الصين سيضر بولاية أيوا وولايات أميركية زراعية أخرى تدعم الرئيس دونالد ترمب. وكان فول الصويا أكبر منتج زراعي صدرته الولايات المتحدة إلى الصين في العام الماضي.

تستهلك الصين نحو 60 بالمئة من فول الصويا المتداول في العالم لتغذية قطاع تربية المواشي لديها، وهو الأضخم في العالم. وتقوم المصانع بطحن البذور الزيتية لإنتاج مكون رئيس في غذاء الحيوانات.

هذا وانخفضت أسعار فول الصويا بنسبة 5.3% في بورصة شيكاغو، لتسجل أكبر انخفاض منذ يوليو 2016. مقابل ذلك سيربح المزارعون المنافسون في البرازيل والأرجنتين.

أبرز الخاسرين هم صانعو السيارات، بما فيها سيارة تيسلا الكهربائية. وقد استوردت الصين 36 ألف سيارة أميركية في أول شهرين من عام 2018. ولا بد من الإشارة إلى أن مصانع جنرال موتورز وفورد تصنع السيارات في الصين نفسها.

أما الخاسر الآخر الكبير فهي شركة "بوينغ" لصنع الطائرات. الطائرة المفضلة في السوق الصينية هي عائلة طراز 737. وأكثر من 50% من الطائرات المستخدمة في الصين تأتي من بوينغ الأميركية. ومن الرابحين على المدى القصير على الأقل مصانع الحديد والألمنيوم الأميركية ومصانع الأدوية.

خسائر أسواق الأسهم
وحسب آخر التقارير العائدة إلى 4 إبريل سجلت الأسهم الأميركية خسائر حادة في افتتاح جلسة الأربعاء، حيث خسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 500 نقطة أو ما يعادل 2.10 في المائة، في ظل تأثر أسهم كبرى شركات التصنيع وتجارة الحبوب وصناعة الرقائق الأميركية بتصاعد حدة الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة. وذلك بعدما كانت «وول ستريت» قد استعادت مع إغلاق الثلاثاء خسائر الاثنين الكبرى المدفوعة من هبوط قطاع التكنولوجيا. 

وفتح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 دون متوسط 200 يوم، فيما هبط المؤشر ناسداك المجمع 127 نقطة أو 1.83 في المائة إلى 6814.33 نقطة. كما شهدت مؤشرات آسيا والاتحاد الأوروبي انخفاضات طفيفة بين 0.66 إلى 1.5%. وكل هذه الأرقام مرشحة للتغيير في حالة حدوث تطورات جديدة. 

ويبدو أن التوتر والتشدد الكلامي بدأ يتراجع، ومما لا شك فيه أن هذه المؤشرات ستنتعش وتتعافى بعد أن تتضح الصورة، وتلجأ الأطراف إلى التفاوض العقلاني أو التحكيم من خلال منظمة التجارة الدولية.