انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية مع إقفال صنادق الإقتراع للناخبين المغتربين في مختلف قارات العالم، ويبقى السؤال ما مدى مساهمة اقتراع المغتربين اللبنانيين اليوم في تنمية الإقتصاد اللبناني وتحفيز الإستثمارات فيه؟.

إيلاف من بيروت: أقفلت صناديق الاقتراع أمام الناخبين اللبنانيين في أوروبا وأميركا وأفريقيا وأستراليا، وبلغ مجمل نسبة اقتراع المنتشرين في القارات كافة 55.14 في المئة.

فما مدى أهمية اقتراع المغتربين اللبنانيين في الانتخابات النيابية على نمو الإقتصاد في لبنان وتحفيز الإستثمارات أكثر فيه؟.

يشير الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن خطوة اقتراع المغتربين اللبنانيين تبقى ناجحة. فمع إشراك المغتربين نكون نتشبه بالدول الأجنبية، كالدولة الفرنسية وغيرها. 

وباعتقاد عجاقة، ونظرًا إلى عدد اللبنانيين في الإغتراب، يجب أن يكون العدد للمقترعين أكبر بكثير في المستقبل، والمشاركة اليوم تبقى جيدة لروحية الإقتصاد، لأن الثقة بالإقتصاد يعززها النظام الديموقراطي وتبادل السلطة. أما الخطوة مستقبلية فيجب أن تكون مع ترشح المغتربين، وليس اقتراعهم فقط، ويرى عجاقة أن الأمر سيساهم أيضًا في تعزيز الإقتصاد.

زيادة الإستثمارات
ويلفت عجاقة إلى نقطة أسياسية مهمة جدًا، وهي تكمن في تواصل المغتربين مع لبنان، وخاصة الرأسماليين منهم، ما يسمح بالأكيد بدرجة أولى بزيادة إحتمالات إستثمارات المغتربين في لبنان، وخاصة أن المغترب يشارك حتى لو عن بعد في اختيار عدد معين من الممثلين في البرلمان. لأن حظوظ الإستثمار بالإقتصاد الوطني تزيد حينها، وخاصة أنهم يشاركون في اختيار النواب.

ويبقى أن عملية الإقتراع للمغتربين بحاجة إلى تحسين، وليست مثالية، وهي جيدة كتجربة أولى، والإعتماد بالدرجة الأولى على المغتربين في الولايات المتحدة الأميركية وفي دول الخليج، مع نسبة مشاركة جيدة، لأن اللبنانيين في أميركا لديهم إمكانات استثمارية أكبر ونسبة اقتراعهم تحدد مدى نظرتهم للإقتصاد اللبناني، وبالتالي احتمال استثمارهم في لبنان من رأسمالهم الخاص.

دور المغترب
عن الدور الذي يجب أن يلعبه المغترب اللبناني لتفعيل اقتصاد لبنان أكثر يرى عجاقة أن دوره الفاعل يكون في الإستثمار أكثر في لبنان، وهناك عدد معيّن من الدول يعطي المغتربون فيها من خبراتهم الإقتصادية، وهذه ليست حالة لبنان، لأن هيكلية الإقتصاد فيه لا تسمح بأن يستوعب كل تلك الطاقات والأفكار الجديدة، والمغترب اللبناني يستطيع أن يساعد بلده في الدرجة الأولى بالإستثمارات، وإذا شكلت بالمطلق 20% من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني، من الممكن أن توصل لبنان إلى محطة إقتصادية جيدة.

ومع تأمين الوظائف من الممكن أن يفكر المغترب اللبناني حينها العودة إلى بلده. ويبقى أن عدد اللبنانيين المنتشرين في الخارج كبير جدًا، يقارب العدد الـ13 مليون مغترب لبناني تقريبًا، مع عدد من الأجيال من أصل لبناني لم يتسجلوا كلبنانيين. وهي أرقام جيدة للإستثمارات، مع وجود دبلوماسية قوية جدًا، يجب أن تفّعل من أجل حث هؤلاء المغتربين على الإستثمار أكثر في لبنان.

من هنا المغترب اللبناني يستطيع أن يقدم الإستثمارات، وما يستطيع لبنان أن يقدمه في المقابل لهذا المغترب فهو أولًا تأمين النظام السياسي والإجتماعي لعودة المغترب إلى بلده والإستثمار فيه.

ويؤكد عجاقة أن تحويل المغتربين إلى لبنان سنويًا يبلغ ما يقارب الـ 8 مليار دولار، والسعودية في الدرجة الأولى من هذه التحويلات بنسبة 1.5 مليار دولار، تليها الولايات المتحدة الأميركية مع أكثر من مليار، ومن ثم عدد من الدول الأوروبية، كفرنسا، ومن ثم كندا وأستراليا وبعدها دولة الإمارات.

هناك تفاوت هائل في تحويلات المغتربين بين الدول، ومع اقتصاد لبنان الضعيف يبقى أن هذه الاموال لا تذهب إلى الإستثمار في الماكينة الإقتصادية، وإنما قسم كبير من هذه التحويلات يذهب إلى الإستهلاك، وقسم آخر يذهب كودائع مصرفية.