في اليوم الأول لمؤتمر"سايفاي أفريقيا 2018" الدولي 
خبراء يرصدون بطنجة تنامي جاذبية الاستثمار في أفريقيا والشرق الأوسط

رصد مشاركون في جلسات المؤتمر الدولي للتكنولوجيا والابتكار والمجتمع "CyFy Africa 2018" المنظم في طنجة من 10 إلى 12 مايو الجاري، تنامي الجاذبية الاستثمارية لقطاع التكنولوجيا في أفريقيا والشرق الأوسط في حزمة من المراكز التكنولوجية الإقليمية. 

إيلاف من الرباط: أوضح الشماركون أن قطاع التكنولوجيا يستحوذ على حصة تبلغ 70% من إجمالي حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة الواردة إلى دبي. وفي المقابل تشير التوقعات إلى نمو حجم الاستثمارات الاجنبية في قطاع التكنولوجيا بالسوق المصرية بواقع 4.5% خلال العام الجاري 2018، وذلك على وقع الاصلاحات التي أنجزتها مصر على مستوى بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار.

فيما تشير التقديرات إلى بلوغ حجم استثمارات قطاع التكنولوجيا المصري مستوى يبلغ 3 مليارات دولار بحلول عام 2020. في الوقت نفسه سجل الانفاق على التكنولوجيا في الكويت نمواً متسارعاً، حيث حقق الانفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات في الكويت نمواً قياسياً بارتفاعه من مستوى بلغ 939 مليون دولار في العام 2012 إلى مستوى يبلغ 1.87 مليار دولار في عام 2017.

وقال المشاركون إن الدول العربية زادت مستويات إنفاقها على قطاع أمن المعلومات إلى مستويات قياسية، حيث تشير التقديرات إلى بلوغ حجم الإنفاق العربي على أمن المعلومات مستوى 9.2 مليار دولار في عام 2018 (الجاري) وذلك نتيجة ارتفاع كبير بواقع 25% في مستوى التهديدات الالكترونية أمام الدول العربية وفقا لبيانات العام الماضي (2017)، لافتين إلى أن القطاع المصرفي يعتبر من أبرز القطاعات المستهدفة من قبل القرصنة الالكترونية في الدول العربية، ومطالبين بالاسراع في تبني استراتيجية لدرء مخاطر التهديدات الالكترونية ورفع مستوى الجاهزية لمواجهتها عبر تطوير البنية التحتية لقطاع التكنولوجيا وتعزيز مستويات الانفاق على أمن المعلومات.

وخلال افتتاحه الرسمي للمؤتمر، قال إلياس العماري، رئيس مجلس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، ان التكنولوجيا باتت أهم ركيزة من ركائز تحقيق التنمية المستدامة التي تتطلع القارة الافريقية إلى تحقيقها، وهو ما يتطلب توحيد جميع الجهود للخروج برؤية شاملة تساهم في تأسيس مجتمع رقمي للجميع، خصوصا وأن العالم يقف حالياً على أعتاب الثورة الصناعية الرابعة، وهي ثورة تكنولوجية بامتياز تأتي بعد ثلاث ثورات صناعية كبرى: الأولى حدثت خلال الفترة من 1760 الى 1840، ونقلت البشرية من القوة العضلية إلى قوة الطاقة البخارية ثم جاءت الثورة الصناعية الثانية بنهاية القرن الثامن عشر واستمرت نحو مائة عام متسلحة بالمكننة والانتاج الكبير لتأتي بعدها الثورة الصناعية الثالثة خلال تسعينيات القرن الماضي بالحواسب والانترنت فيما تعتمد الثورة الصناعية الرابعة التي يقف العالم على اعتابها الآن على اقتصاد المعرفة وانترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي".

وأوضح العماري قائلاً إن "التكنولوجيا ليست ترفاً أو رفاهية، وانما أساس تحقيق التطور والتنمية، وهو ما أدركه العالم حالياً ويظهر واضحا في مستويات الانفاق على تكنولوجيا المعلومات على المستوى الدولي، حيث تشير بيانات مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر إلى بلوغ الانفاق على التكنولوجيا مستوى 3.7 تريليونات دولار خلال العام الحالي، اي بنسبة نمو متوقعة تبلغ مستوى 4.5 في المائة، وتتركز أوجه الانفاق على قطاعات تكنولوجية عدة توفر فرصا للنمو أبرزها: انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي فضلا عن تطوير تقنية البلوك تشين واستخدام تقنيات الجيل الخامس في شبكات الاتصالات".

وشدد العماري على أن الدول الافريقية لم تكن بعيدة عن التطورات التكنولوجية المتلاحقة، وانما أطلقت حزمة من المبادرات لتعزيز صناعة التكنولوجيا، وهو ما انعكس ايجابا على اداء القطاع التكنولوجي في أفريقيا خلال السنوات الخمس الماضية بتحقيقه معدلات نمو قياسية على وقع الانتشار الواسع لتكنولوجيا الهواتف النقالة مما زاد مستويات التبادل التجاري والاستثمارات البينية المشتركة في القارة، كما حققت مبادرة شبكة واحدة نجاحا كبيرا، وسجل عدد مراكز التكنولوجيا في افريقيا ارتفاعا كبيرا ليصل إلى مستوى يبلغ 314 مركزاً تكنولوجيا في 93 مدينة في 42 دولة بالقارة.

وأضاف العماري "يمثل "سايفاي أفريقيا" منصة مهمة للتأكيد على أن افريقيا يمكنها التحول إلى مركز تكنولوجي عالمي استنادا إلى موقعها الاستراتيجي المتميز الذي يربط بين قارات آسيا واوروبا وأميركا فضلا عن نمو الطلب على خدمات التكنولوجيا ورغبة الشركات العالمية في الولوج للأسواق الافريقية لأنها أسواق توفر فرصا للنمو ولم تصل إلى مستويات التشبع، وهو ما يعزز فرص تحقيق نمواً هائلاً بالقطاع التكنولوجي في افريقيا، الأمر الذي ينعكس ايجابا على الاقتصادات بالقارة، ويعزز تحقيقها للنمو والتنمية في جميع القطاعات". 

استراتيجية فعالة
وأشار العماري إلى ان التحوّل التكنولوجي في القارة الافريقية يستدعي تبني استراتيجية ناجعة لتحقيق أمن المعلومات، وهو ما يتطلب تطوير البنية التحتية الالكترونية وتحصينها من الاختراقات الالكترونية المحتملة والهجمات التي يرتكبها قراصنة المعلومات وهي ظاهرة تسجل نموا بامتياز حيث تشير البيانات المتاحة الي ان تكلفة الهجمات السيبرانية تبلغ نحو 450 مليار دولار سنويا على مستوى العالم، وهو ما يفوق باربعة اضعاف خسائر الاعاصير والكوارث الطبيعية على مستوى العالم.

أضاف قائلاً "ثمة تحدي آخر مهم متعلق بمواجهة التطرف العنيف على الانترنت والذي يعتمد على التكنولوجيا وهو ما يجعلنا ندعو لوضع استراتيجية قارية لمواجهة التهديد الذي يشكله الإرهاب الرقمي والجرائم الرقمية.. ولعلها فرصة جيدة للاشارة إلى أن مؤتمر سايفاي افريقيا 2018 يستعرض قصة نجاح برنامج الهوية الهندي "آدهار" والذي يعتبر أكبر قاعدة بيانات بيومترية في العالم، وكذلك حزمة من القصص الفريدة والملهمة للتغيير الرقمي في أفريقيا، كما يسعى المؤتمر الى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات في القارة الافريقية مع وضع خارطة طريق لمواجهة تحديات النمو التكنولوجي المتسارع، وهو ما يؤسس لمرحلة نمو مستدامة جديدة في افريقيا".

وبيّن العماري أن استضافة طنجة لفعاليات مؤتمر التكنولوجيا والابتكار "سايفاي أفريقيا" لم تأت من فراغ، بل لأن طنجة تعتبر بوابة حضارية وثقافية نحو إفريقيا، كما تُعَدّ أحد مراكز التكنولوجيا المهمة في القارة الأفريقية. فاحتضان طنجة لفعاليات هذا المؤتمر المهم له دلالة خاصة، لأن موقعها في نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، يجعل منها مدينة الالتقاء والتقاطعات القارية. وهنا في مدينة طنجة، يجتمع اليوم، خبراء وأصحاب القرار من الجهات الأربع من الكرة الأرضية.

والموضوع الذي يجمعنا هو التكنولوجيا الرقمية التي أَعْدَمَتْ جميع المسافات، وقَرَّبَتْ بين جهات العالم، وحَوَّلَتْ، بالفعل، ليس فقط الكرة الأرضية، بل أطرافاً أخرى من فضاء هذا الكون، إلى قرية صغيرة.

واختتم قائلاً أنه "رغم المكاسب التكنولوجية والتنموية التي حققتها، ولا تزال تحققها، الثورة الرقمية، فإن مخاطرها الإنسانية والاجتماعية أصبحت تشكل مصدر قلق للأفراد والمجتمعات. حيث إن السلوك البشري أصبح يتعرض لتحولات جذرية، يفقد فيها الإنسان إنسانيته، ليرتهن بواقع افتراضي يسلب من الإنسان حريته ووجوده الإنساني الأصيل. إذ أن الواقع الافتراضي أصبح يأخذ تدريجيا مكان الواقع الحقيقي الذي يمنح للوجود البشري معناه الطبيعي. ولذلك، فإن تنظيم مثل هذه المؤتمرات، يتيح لنا الفرصة لمناقشة أبعاد التكنولوجيا والابتكار، ليس فقط في ما يتعلق بالأمور التقنية والعلمية والاقتصادية، وإنما أيضا في انعكاساتها الاجتماعية والانسانية. فالتطور التكنولوجي، مهما بلغ في تقدمه، يحتاج التفكير والتحليل والنقد، كي يبقى دائما في خدمة البشرية وليس في هلاكها".

تطوير التكنولوجيا
من ناحية أخرى، قال وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربي مولاي حفيظ العلمي إن تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات ينعكس ايجابا على افاق التنمية المستدامة في المغرب والقارة الافريقية، حيث تعتبر التكنولوجيا اساس تحقيق التنمية المستدامة كما يلعب القطاع التكنولوجي دورا كبيرا في توفير فرص عمل جديدة في المغرب وافريقيا على حد سواء.

تجدر الإشارة الى ان "سايفاي افريقيا" ينظم برعاية من العاهل المغربي الملك محمد السادس وإشراف وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي بالمملكة المغربية، ومجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ومركز الدراسات والأبحاث الهندي ORF.