إيلاف من دبي: قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية خلال لقائه اليوم في الكرملين بالعاصمة موسكو فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية "نحن سعداء بالتواجد في موسكو واللقاء بكم.. علاقاتنا معكم فخامة الرئيس مهمة ونؤكد على تطويرها.. سعداء بأن التبادل التجاري قد تضاعف، ‏ونحن على ثقة بأنه سيتضاعف مرة أخرى، في ظل توقيعنا للإعلان عن الاستراتيجية المشتركة بين الإمارات وروسيا".

وأشار إلى أن "علاقات البلدين الصديقين مهمة ونسعى إلى تطويرها.. منذ أن تقابلنا في العام الماضي ‏هناك تطورات كثيرة في الشرق الاوسط ودولة الإمارات العربية المتحدة تسعى دائما مع أصدقائها والمجتمع الدولي لترى مستقبلا واعدا في منطقة الشرق الأوسط".

مصالح مشتركة
وأكد الشيخ محمد حرص دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على تعزيز علاقات التعاون والصداقة مع جمهورية روسيا الاتحادية الصديقة في المجالات كافة، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين الصديقين تستند إلى أسس قوية وراسخة من التفاهم والمصالح المشتركة وتشهد تطورًا متناميًا بفضل حرص قيادتي البلدين على تطويرها ودفعها إلى الأمام بما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين.

وأوضح أن اللقاءات المتجددة بين قيادتي البلدين تأتي في سياق الحرص المشترك على التنسيق والتشاور المستمر بينهما بما يعزز علاقات التعاون الثنائي والارتقاء بهذه العلاقات في المجالات كافة.

مواجهة الإرهاب
أضاف أن "جمهورية روسيا الاتحادية دولة كبرى لها دورها المهم والمحوري في تحقيق الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي، وأن استمرار التنسيق والتشاور معها بشأن قضايا المنطقة أمر ضروري لضمان تحقيق الأمن والاستقرار اللذين ننشدهما"، مؤكدًا أن هناك العديد من المصالح المشتركة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بجمهورية روسيا الاتحادية، ويأتي على رأسها موقف البلدين الثابت والحاسم بشأن مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف، باعتبارها تشكل تهديدًا عالميًا يستهدف الكل من دون استثناء، وهذا يتطلب مزيدًا من التنسيق والتعاون الدولي والإقليمي لمواجهة خطرها على الأمن والاستقرار العالميين.

وتابع أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسهم باستمرار في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم من خلال تعاونها الإيجابي مع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، ومن بينها جمهورية روسيا الاتحادية، التي تربطها علاقات ومصالح قوية وتاريخية بهذه المنطقة.

بوتين: العالم شهد تطورات سريعة في الأحداث 
من جهته قال الرئيس الروسي للشيخ محمد بن زايد "نرحب بكم في موسكو.. وسبق أن التقينا معكم قبل سنة، ومن ذلك الحين شهدت المنطقة والعالم تطورات سريعة في الأحداث.. وأنا سعيد بهذه الفرصة لأناقش معكم فرص تعزيز العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة". مضيفًا "دولة الإمارات العربية المتحدة شريك وثيق لنا منذ سنوات في منطقة الشرق الأوسط، واليوم سنوقع على إعلان الشراكة الاستراتيجية، لتكون خطوة أخرى في سبيل تعزيز العلاقات بيننا".

تابع بوتين "لقاء الشيخ محمد بن زايد يعد فرصة لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بشأن منطقة الشرق الأوسط.. أوجه العلاقات تطورت في كل الاتجاهات في التعاون السياسي والأمني والاقتصادي .. ووصل معدل التبادل التجاري إلى 31 % في العام الماضي، وفي الربع الأول من هذا العام وصل إلى 70 %، وحجم الاستثمار يتزايد باستمرار، ونحن نشكركم على هذه الثقة".

أسواق النفط العالمية
استطرد قائلًا "نحن سنستمر في العمل المشترك كما هي الحال في مجال الطاقة، حيث ساهمت الجهود المشتركة معكم أنتم وأصدقاؤنا في المملكة العربية السعودية ودول منظمة أوبك على تحقيق النجاحات والاستقرار في أسواق النفط العالمية، كما أقدر دعمكم الخاص في مجال التكنولوجيا الفائقة، ومبادراتكم في تعزيز الصناعة.. أمامنا عدد كبير من الوسائل من أجل العمل والمصالح المشتركة، وأنا متأكد أن هذه الزيارة ستعزز مواصلة تطوير العلاقات".

بنود إعلان الشراكة الاستراتيجية
وجرى خلال اللقاء استعراض التعاون القائم بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية روسيا في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والسياسية وإمكانات اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز وتطوير التعاون بين البلدين، وخاصة في القطاع الاقتصادي، كما بحث الجانبان القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.

ووقع الشيخ محمد و بوتين إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وينص الإعلان على إنشاء شراكة استراتيجية للعلاقات القائمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية، تشمل المجالات الآتية: المجال السياسي والأمني والتجاري والاقتصادي والثقافي، إضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية. ويعزز الإعلان الحوار والمشاورات حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية الرئيسة ذات الاهتمام السياسي المتبادل.

يترجم توقيع الإعلان حرص دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية على رفع مستوى العلاقات المتعددة الجوانب بين البلدين إلى مستويات الشراكة الاستراتيجية في كل من المجالات ذات الاهتمام المشترك، ويتضمن الإعلان إجراء المشاورات بشكل منتظم بين وزيري خارجية البلدين بغرض تنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المتبادل.

التبادل التجاري
تسهم زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى روسيا في إعطاء دفعة قوية إلى العلاقات بين البلدين على الصعد كافة، وتعزز التبادل التجاري وإقامة شراكات استراتيجية استثمارية جديدة، حيث تعتبر الإمارات أكبر شريك لروسيا على مستوى المنطقة الخليجية، وضمن أكبر عشرة مستثمرين أجانب في روسيا، ويرتبط البلدان بعلاقات تجارية واقتصادية متينة.

وتشهد العلاقات بين الإمارات وروسيا تعاونًا مثمرًا منذ 45 عامًا، مما دفع البلدين إلى تعزيزها على جميع الصعد، وقد انطلقت العلاقات بين البلدين عام 1971، وتم في 1986 افتتاح السفارة الروسية في أبوظبي، فيما تم افتتاح السفارة الإماراتية في موسكو عام 1987، وفي عام 2002، تم تأسيس القنصلية العامة الروسية في دبي، وتتمثل أبرز اتفاقيات التعاون المثمر بين البلدين، في اتفاقية التعاون القنصلي الخاصة بتسهيل تأشيرات الدخول.

تعاون وثيق
وشهدت العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وروسيا تعاونًا مثمرًا، ما دفع البلدين إلى تعزيزها على جميع الصعد. وظلت العلاقة المميزة بين البلدين منذ بدايتها، تتوج بالتوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات في مختلف القطاعات، إضافة إلى التعاون الوثيق في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية.

وأسهمت الزيارات المتبادلة، خاصة على مستوى قيادتي البلدين، في تعزيز أطر التواصل وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.

من أهم الاتفاقيات بين البلدين التوقيع على اتفاقية للتعاون الصناعي والتقني والعلمي بين شركات في البلدين، ومذكرة تفاهم بين منطقة جبل علي الحرة، ومركز التصدير الروسي، ومؤسسة سكولوكو، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال السياحة بين البلدين.

استثمارات
وعقد في نهاية العام السابق "منتدى الأعمال الإماراتي الروسي"، الذي نظمته "غرفة تجارة وصناعة أبوظبي"، بحضور أعضاء مجلس إدارة الغرفة، ومشاركة أكثر من 100 رجل أعمال وممثل عن شركات روسية، أبدت اهتمامها بالتعاون مع الشركات الإماراتية.

وأعربت الشركات الروسية عن اهتمامها بافتتاح مكاتب تمثيلية في أبوظبي، لتشكل مركزًا لها على مستوى منطقة الخليج والشرق الأوسط، وإطلاق مشاريع وشراكات استراتيجية مع ممثلي القطاع الخاص الإماراتي في أبوظبي.

وأكدت الشركات الروسية اهتمامها بالعمل والاستثمار في أبوظبي، بفضل الفرص الاستثمارية المتنوعة فيها، والبنية التحتية المتطورة ومرافق حديثة من موانئ ومطارات ومناطق حرة، وتشريعات وقوانين من شأنها تعزيز ثقة الشركات الروسية في إطلاق مشاريع في دولة الإمارات. وأبدت العديد من الشركات الروسية المشاركة في المنتدى، رغبتها في الإعلان عن مشاريع في عدد من المجالات في أبوظبي خلال الفترة المقبلة، بالشراكة مع ممثلي القطاع الخاص في الإمارات.

مليار دولار
واستثمرت الإمارات أكثر من مليار دولار في مشاريع عدة في روسيا خلال السنوات القليلة الماضية، عبر الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة (RDIF).

بوتين ومحمد بن زايد أثناء توقيعهما إحدى الاتفاقيات المشتركة

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.1 مليار دولار في العام الماضي، ومن المتوقع أن يشهد العام الحالي المزيد من التعاون خاصة مع زيادة السياحة الروسية في الإمارات، حيث أعلنت الإمارات وروسيا في العام السابق، شراكة استراتيجية اعتمادًا على التجربة الغنية والمثمرة للتعاون الثنائي في المجال السياسي والتجاري والاقتصادي والإنساني وغيرها من المجالات.

3000 شركة
وتستحوذ الدولة على أكثر من 3 آلاف شركة روسية تنشط في أسواق الإمارات في القطاعات كافة، وعلى رأسها التجارة والصناعة والنفط والغاز وقطاعات أخرى عديدة، حيث تعتبر دبي والإمارات بشكل عام، إحدى الوجهات المفضلة للسياح الروس، حيث زار الإمارات في العام 2016 أكثر من 350 ألف سائح روسي عبر 124 رحلة طيران أسبوعيًا من روسيا للإمارات، بناقلات وطنية إماراتية، مثل طيران الإمارات، وطيران الاتحاد، وفلاي دبي، وطيران العربية، وكذلك عبر شركات الطيران الروسية الوطنية، إضافة إلى أكثر من 16 ألف مقيم روسي في الدولة، وذلك بفضل النمو الكبير والاستقرار الذي تنعم به الدولة، وبفضل البيئة المحفزة والمشجعة التي توفرها الإمارات للمستثمرين وللشركات الأجنبية، وعلى رأسها الروسية، ما أسهم في استمرار تدفق الشركات الروسية على الإمارات، وفي توسع الشركات الروسية في أعمالها وأنشطتها التجارية في أسواق المنطقة، انطلاقًا من الإمارات.

تجارة
وتشهد العلاقات بين البلدين نموًا كبيرًا في التجارة، حيث إن هناك مساحة كبيرة جدًا لتوسيع إحصائيات التجارة بين البلدين في كلا الاتجاهين، خاصة أن المعادن الثمينة والألماس تمثل الحصة الأكبر من صادرات روسيا للإمارات، إلى جانب معدات التصنيع من الصادرات الأخرى.