باريس: تبنى البرلمان الفرنسي الخميس نهائيا مشروع قانون اصلاح السكك الحديد المثير للجدل وسجل ايمانويل ماكرون بذلك انتصارا يفتح الباب امام اصلاحات رمزية اخرى تؤكد تصميمه على "تغيير" البلاد.

واقر مجلس الشيوخ الاصلاح الذي كان سبب أطول اضراب في هذا القطاع منذ ثلاثين عاما، بعد اقل من 24 ساعة على إقراره بغالبية كبيرة في الجمعية الوطنية.

وقال المقرر جيرار كورنو (يمين) في حين دخل اضراب الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديد (اس ان سي اف) يومه الثلاثين مع تدني مستوى التعبئة إلى الحد الأدنى "لم يعد يجدي الاضراب لانه تم التصويت على مشروع القانون".

وقالت وزيرة النقل اليزابيت بورن "تم تبني القانون نهائيا وبالتالي سيتم تطبيقه".

وتعارض النقابات الاصلاح لانه "ليبرالي" وينص على انهاء وضع عمال السكك الحديد لتوظيف اشحاص جدد ما يفسح المجال امام تقاعد مبكر. بحسب الحكومة يجب ان تكون نفقات الشركة مطابقة لنظيراتها الاجنبية لفتح الباب امام المنافسة داخل الاتحاد الاوروبي.

في غضون ذلك، نددت كتل اليسار الثلاث (الاشتراكيون والشيوعيون ونواب فرنسا المتمردة) بمنح الحكومة "صكا على بياض" وبما اعتبروه "المرحلة الأولى من تخصيص" الشركة.

وقالت رئيسة هذه الكتل اليان اساسي "نصوت ضد هذا الاصلاح الذي يعتبر انتصارا لمؤيدي الليبرالية".

وتبني الاصلاح يفسح المجال لتطبيق مشاريع اخرى للرئيس ماكرون خصوصا ملف رواتب التقاعد الحساس جدا.

ومحاولات حكومات متعاقبة اصلاح الشركة الوطنية للسكك الحديد الشركة العامة المثقلة بالديون، بقيت حتى الان حبرا على ورق. وتوقع كثيرون المصير نفسه لخطة ماكرون التي تجرات على المساس ب"وضع عمال السكك الحديد المقدس" الذي يستفيد منه 131 الفا من موظفي الشركة ال147 الفا.

وكان معلقون ذكروا بما حصل عام 1995 عندما شل اضراب ضخم كان الاهم في فرنسا منذ ايار/مايو 1968، حركة السكك الحديد لعشرين يوما احتجاجا على مشروع اصلاح رواتب التقاعد اقترحته حكومة يمينية اضطرت الى سحبه.

- دلائل تراجع -
وينفذ عمال السكك الحديد الذين يحتجون خصوصا على الغاء بعض امتيازاتهم، منذ الثالث من نيسان/ابريل إضرابا ماراتونيا يتضمن توقفا عن العمل يومين كل خمسة ايام، حتى نهاية حزيران/يونيو.

لكن هذا التحرك لم ينجح في حمل الحكومة على التراجع عن النقاط الرئيسية للاصلاح. 

وينص مشروع القانون على تحويل الشركة الوطنية لسكك الحديد الفرنسية إلى شركة مساهمة، وتحديد جدول فتح المنافسة المقرر في المستوى الأوروبي، وإلغاء التوظيف بموجب النظام القديم لعمال هذه الشركة التاريخية.

وامام الاحتجاجات وافقت الحكومة على تحمل 35 مليار يورو من ديون الشركة المقدرة بخمسين مليارا وادراج في القانون عدم تغيير طابعها العام. كما منحت ضمانة للعاملين في الشركة الذين سينقلون الى الشركة الاجنبية التي تفوز باستدراج العروض.

ولمواجهة الحكومة كانت النقابات تأمل في جمع المحتجين من كافة المجالات على اصلاحات الرئيس الفرنسي. لكن التظاهرات حتى وان كان بعضها مهما، لم تكن كافية لارضاخ ماكرون.

ولم تنجح النقابات في تعبئة الرأي العام اذ اعتبر 58% منهم ان الاضراب "غير مبرر" بحسب استطلاع اجري في مطلع الشهر الحالي.

وبدأ التحرك يظهر دلائل تراجع مع تدني مستوى التعبئة إلى الحد الأدنى إذ أحصت الادارة اقل من 13% من المحتجين خلال آخر اضراب، وتشكيك بعض النقابات في جدوى مواصلة الاضراب.

كما دعت الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل المعتدلة الثلاثاء الى تعليق التحرك خلال امتحانات شهادة البكالوريا (18 الى 25 حزيران/يونيو) اقله على القطارات الاقليمية. والاسبوع الماضي اقترحت نقابة "اونسا" ثاني نقابات شركة السكك الحديد عبثا "تعليق الاضراب".

لكن اتحاد النقابات في الشركة اجمعت الاربعاء على مواصلة الاضراب والتعبئة "بكثافة" في 28 حزيران/يونيو اليوم الاخير للاحتجاجات.