بكين: في الوقت الذي تريد فيه كوريا الشمالية التركيز على تنمية اقتصادها تحاول حليفتها القوية الصين اقناعها باعتماد نظام شبيه بنظامها لا يعني بأي حال التخلي عن احتكار السلطة حتى لو انتقلت البلاد الى اقتصاد السوق.

وذكر الرئيس الصيني شي جينبينغ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي قام بزيارته الثالثة الى الصين في غضون أقل من ثلاثة أشهر بان بلاده تحتفل هذا العام بالذكرى السنوية الاربعين للاصلاحات التي جعلت منها ثاني أقوى اقتصاد في العالم.

وصرح شي ان "الصينيين يتحلون بشجاعة الاصلاح والتحديث"، مضيفا "يسعدنا أن كوريا الشمالية قد اتخذت القرار الكبير بالتركيز على بناء الاقتصاد"، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة.

وكان كيم أعلن في مطلع العام انه يركز على "بناء اقتصاد اشتراكي" بعد أن أتمت البلاد تطوير ترسانتها النووية.

وتعهد كيم خلال قمة تاريخية مع ترامب في سنغافورة في 12 حزيران/يونيو باخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي لقاء رفع العقوبات الدولية.

- سنغافورة ليلا -

وشكلت القمة فرصة لوريث سلالة كيم حتى يقوم بنزهة ليلية في سنغافورة رمز الرأسمالية بينما تناقلت وسائل الاعلام الكورية الشمالية صور الحدث بكثافة.

يقر جاو تونغ خبير الشؤون الكورية الشمالية في مركز كارنغي تسينغوا في بكين ان هذه الزيارة "شبيهة الى حد كبير" بتلك التي قام بها الرجل الثاني في الصين آنذاك دينغ هسياوبينغ الى الولايات المتحدة في العام 1979 قبل إطلاق إصلاحات اقتصادية.

وذكَّر جاو بان دينغ اطلع آنذاك "بنفسه على نجاح النمو في الدول الغربية ووجه رسالة ايجابية الى سائر العالم"، مضيفا ان كوريا الشمالية باتت بعد أربعة عقود على فجر "منعطف استراتيجي كبير".

وتعهد شي الاربعاء بأن بلاده "مستعدة لتقاسم خبرتها" مع بيونغ يانغ في هذا الاطار.

وقبل ان يغادر كيم بكين، قصد منطقة للتنمية الزراعية ومركزاً للتحكم بمترو الانفاق في بكين.

يقول كوه يو هوان خبير كوريا الشمالية في جامعة دونغوك ان وجود رئيس الوزراء باك بونغ جو المسؤول الرئيسي عن القضايا الاقتصادية في كوريا الشمالية الى جانب كيم "يحمل على الاعتقاد بان الهدف من الزيارة هو دراسة الصين كنموذج للتنمية الاقتصادية بعد نزع السلاح النووي".

- الرادع السوفياتي -

اذا كانت بكين حققت نجاحا اقتصاديا يمكن التفاخر به فان الرئيس الصيني يذكر على الدوام بانها كانت نتيجة "الاستقرار" الذي أمنه النظام الشيوعي الذي نجا من مصير الاتحاد السوفياتي سابقا دون ان يقوم بأي اصلاح سياسي.

يقول خبير الشؤون الصينية جان بيار كابيستان من الجامعة المعمدانية في هونغ كونغ ان "الصين تكرر لكوريا الشمالية منذ سنوات انه من الممكن الابقاء على نظام الحزب الواحد مع الانفتاح على الخارج".

منذ وصوله الى الحكم في أواخر 2012، عزز شي سلطة الحزب الشيوعي على المجتمع المدني. ويقول كابيستان ان تكنولوجيا مراقبة الشعب وغياب أي معارضة منظمة في الصين حجج من شأنها إقناع الدكتاتور الكوري الشمالي الشاب.

وكان انهيار الكتلة السوفياتية في مطلع تسعينات القرن الماضي رادعا حال دول انفتاح الاقتصاد في كوريا الشمالية حتى لو كان النظام يغض النظر حاليا عن ارباب العمل في القطاع الخاص.

يعلق شو فينغ عميد معهد العلاقات الدولية في جامعة نانكين (شرق الصين) ان "كوريا الشمالية تخشى انهيارا على غرار الاتحاد السوفياتي ما يفسر عدم حصول انفتاح حتى الان ... لكن لم يكن هناك خيار حتى هذه اللحظة".

ويعقد الازدهار في كوريا الجنوبية المعادلة بعض الشيء بالنسبة الى الشمال الذي يمكن ان يخشى ان تبتلعه سيول اقتصاديا في حال قرر فتح حدوده أمام المبادلات ما يذكر بمصير المانيا الشرقية، كما يذكر كابيستان.

في الوقت الحالي، يواصل نظام بيونغ يانغ التزامه بالاصول الشيوعية وكتبت الصحيفة الرسمية للحزب الحاكم السبت ان الرأسمالية "مجتمع فاسد يجري نحو ضياعه".