كيف تساهم تحويلات المغتربين العاملين في الخارج في دعم اقتصاد لبنان، وأي قطاعات في لبنان تستفيد من تلك الأموال، وكيف تساهم هذه التحويلات في الاستقرار الإقتصادي والنقدي في لبنان؟.

بيروت: تشكّل تحويلات المغتربين العاملين خارج لبنان قوة اقتصادية متزايدة، بلغت قيمتها في العام 2017 نحو 466 مليار دولار، وتبقى الولايات المتحدة الاميركية المصدر الأكبر لهذه التحويلات، وتأتي بعدها مباشرة المملكة العربية السعودية.

ويؤكد الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديثه لـ"إيلاف" أن تدعيم أموال المغتربين في لبنان يكون من خلال تقديم التسهيلات لهم، فمع وجود استثمارات من قبل لبنانيين منتشرين في الخارج، فيجب تأمين الحوافز الضريبية لهم، والسرعة في تنفيذ المعاملات، وعدم ابتزاز اللبناني المغترب، وكذلك مسألة تحويل مدخرات اللبنانيين العاملين في الخارج، تتعلق بعامل الثقة، وبقدر وجود ثقة بلبنان، وباقتصاده وماليته ونقده ومصارفه، بقدر ما العامل في الخارج يكون محفزًا أكثر أن يوطّن جزءًا أساسيًا من إدخاره في لبنان.

ولكن، يضيف يشوعي في الدول التي يعمل فيها اللبنانيون هناك أزمات مرت عليها، إن كان في الدول الخليجية أزمة التراجع الحاد بسعر النفط، أو في الدول الغربية مع وجود الأزمة المالية وتداعياتها منذ 10 سنوات. 

دعم المغتربين

وردًا على سؤال كيف يمكن دعم المغتربين للإستمرار في عملهم في الخارج؟ يجيب يشوعي أن الأمر يتعلق بالسياسة الخارجية اللبنانية، ويجب أن تكون على مسافة واحدة من جميع الدول من دون أي انحياز لدولة على حساب دولة أخرى.

والمعاملة بالمثل يجب أن تطغى وكذلك الحفاظ على المسافة ذاتها وهي الضامن الحامي لوظائف اللبنانيين العاملين في الخارج.

عن القطاعات التي تتأثر إيجابيًا بالنسبة لتحويلات المغتربين اللبنانيين، يرى يشوعي أن المستفيد الدائم فهو القطاع المصرفي، مع الودائع لديه، ومن ثم القطاع العقاري والسكني والتجاري مع وجود استثمارات عقارية للمغتربين في هذا المجال.

ولكن يضيف يشوعي لم نر أموالاً من المغتربين في الخارج تستثمر في مصانع، أو زراعة أو حتى في السياحة كالفنادق وغيرها، كل الأموال تصب كودائع في المصارف، مع وجود الفوائد العالية، والقطاع العقاري هو الأسرع بمعنى أن المغترب اللبناني يستطيع بسرعة أن يشتري عقارًا، ولا يخسر، حتى اليوم مع عز الأزمة العقارية، فإن الشركات التي تخطت مصاعبها المالية تحافظ على أسعار العقارات.

دور انقاذي

وردًا على سؤال أي دور انقاذي تلعبه تحويلات المغتربين المالية بالنسبة للقطاعين العام والخاص في لبنان؟ يجيب يشوعي أن أهم نقطة إيجابية تبقى في ميزان المدفوعات، بمعنى أنه يفترض به أن يغطي عجز الميزان التجاري، الذي يصل إلى أرقام قياسية تتخطى ال 17 مليار دولار سنويًا، والتعويل على أموال المغتربين للتعويض عن العجز في الميزان التجاري، وتسجيل نوع من الفائض في ميزان المدفوعات وهذا يعني مع وجود هذا الفائض فإن رساميل قد دخلت الى البلاد أكثر مما خرج من رساميل منها.

وعندما يسجل ميزان المدفوعات عجزًا فهذا يكون قد خرج رساميل من البلد أكثر مما دخلت إليه، وتبقى النتيجة الأهم تعزيز ميزان المدفوعات من قبل أموال المغتربين، وبالتالي الإحتياطات الوطنية من العملات الصعبة.

وهذا كله يخدم الإستقرار الإقتصادي والنقدي.

نعمة أم نقمة

ولدى سؤاله هل يمكن القول إن الاغتراب نعمة على لبنان بسبب التحويلات أم نقمة بسبب هجرة الأدمغة منه؟ يجيب يشوعي الأفضل بكثير أن نبقي الكفاءات والعقول البشرية في لبنان، ويستفيد منها الإقتصاد اللبناني في بناء شركاته واقتصاده، لأنه في كل اقتصاد هناك 3 موارد رئيسية المورد البشري والمالي والطبيعي، وفي لبنان نملك كل تلك الموارد، لكن الفريق الحاكم منذ العام 1993 حتى اليوم فرّط بكل تلك الموارد، ولم يسمح للبلد أن يستفيد منها بما فيه الكفاية.