لندن: نالت رئيسة الوزراء البريطانية الجمعة موافقة حكومتها على المضي قدما في اقتراح انشاء "منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاوروبي" بعد بريكست، في اطار سعي تيريزا ماي إلى تحريك المفاوضات مع التكتل وسط تحذيرات من أن الوقت بدأ ينفد من اجل التوصل الى اتفاق.

وبعد محادثات ماراتونية لحكومتها في المقر الريفي لرؤساء الحكومات البريطانيين في تشيكرز، اعلنت ماي ان الاقتراح ينص على انشاء "قواعد مشتركة للمنتجات الصناعية والزراعية".

تابعت ماي ان الوزراء اتفقوا كذلك على "نموذج جمركي جديد ملائم للاعمال التجارية" سيحافظ على المعايير المرتفعة لكنه سيتيح لبريطانيا "ابرام اتفاقات تجارية جديدة حول العالم" بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي في مارس المقبل.

وتعتبر الحكومة ان الخطة ستتيح لبريطانيا المحافظة على تجارة سلسة للبضائع مع الاتحاد الاوروبي، وتفادي اقامة مراكز تفتيش جمركي عند الحدود الايرلندية، وانهاء اختصاص محكمة العدل الاوروبية في بريطانيا.

تمت الموافقة على هذه القرارات في اجتماع للحكومة البريطانية بعدما سرت شائعات بأن وزراء بينهم وزير الخارجية بوريس جونسون يعارضون بشدة الاتفاق وقد يستقيلون. وقالت ماي "اليوم وافقت الحكومة بعد مناقشات مطولة على موقف موحد حول مستقبل المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي".

وتابعت "في الاسبوع المقبل سننشر وثيقة مفصلة حول كيفية استعادتنا السيطرة على اموالنا، وقوانيننا وحدودنا"، مضيفة "الآن علينا ان نمضي جميعنا سريعا للتفاوض مع الاتحاد الاوروبي حول اقتراحنا".

التقيد بالجدول الزمني 
وتوصلت الحكومة البريطانية أخيرا، قبل اقل من تسعة اشهر من خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، الى تحديد ما تريده من بريكست بعد انقسامها حول مدى التقارب الذي تريده مع الاتحاد.

أحبط عدم تحقيق اي تقدم القادة الاوروبيين الذين يسرّعون تحضيراتهم في حال عدم التوصل الى اتفاق، وكذلك الشركات التي بدأت تدق ناقوس الخطر ازاء المخاطر التي ستطاول الوظائف والاستثمارات، في حال عدم التوصل الى اتفاق مع بروكسل. واعلنت الحكومة البريطانية انها اقرت في جلستها ايضا وجوب تفعيل استعداداتها لاحتمال "عدم التوصل الى اتفاق" مع الاتحاد الاوروبي.

فالإنجاز المتمثّل في اتفاق الوزراء المنقسمين على موقف موحد ليس سوى مجرد جزء من عملية بريكست، والجزء الاصعب سيكون الحصول على موافقة بروكسل التي دعت مرارا بريطانيا الى خفض توقعاتها.

وقال كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه الجمعة "انا مستعد لتعديل عرضنا اذا ما تغيرت الخطوط الحمراء البريطانية... المقترحات البريطانية ستسهل بشكل مثالي الحوار السياسي الداخلي في بريطانيا والمفاوضات معنا".

ازاء مخاطر العرقلة، اثار المستشار النمسوي سيباستيان كورتز الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي الخميس امكانية تمديد المفاوضات لمنع خروج المملكة المتحدة من التكتل بدون اتفاق. وقال كورتز "اذا لم نتوصل الى حل فأنا أدعو الى مواصلة المحادثات لتفادي بريكست قاس". لكن ذلك يتطلب قرارا بالاجماع من القادة الاوروبيين.

من جانبه، قال رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر في فيينا الجمعة "نريد ان نلتزم بالجدول الزمني المتفق عليه". وضغط قطاع الاعمال على الحكومة للتوصل الى اتفاق في الاجتماع، إذ صرح الرئيس التنفيذي لشركة ايرباص توم اندرز الجمعة ان الحكومة البريطانية "ليست لديها اي فكرة او على الاقل ليس عندها اي اجماع" بشأن التوصل الى اتفاق حول بريكست. 

تفادي خلافات على الحدود
من شأن اقتراح منطقة تجارة حرة واجراءات جمركية جديدة "تفادي خلافات على الحدود... والتأكد من احترام كل الاطراف لالتزاماتهم تجاه ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا"، بحسب بيان مقتضب لرئاسة الوزراء.

وكانت الحكومة البريطانية تعهدت تفادي اقامة نقاط تفتيش جمركي عند الحدود بين ايرلندا الشمالية، التي ستخرج من الاتحاد الاوروبي على غرار بقية اراضي بريطانيا، وجمهورية ايرلندا التي ستبقى ضمن التكتل. ووافقت الحكومة البريطانية على العمل من اجل "اطار مؤسسي مشترك" لتفسير اي علاقة مستقبلية وتطبيقها.

وقالت الحكومة ان "ذلك سيتم في المملكة المتحدة بواسطة محاكمها، وفي الاتحاد الاوروبي بوساطة محاكمه، على أن يؤخذ في الاعتبار قانون الاتحاد الاوروبي في قضايا تطبق فيها المملكة المتحدة قواعد مشتركة". الا ان داعمي بريكست في البرلمان ابدوا معارضة شديدة لاي دور لمحكمة العدل الاوروبية بعد بريكست.

ويبقي اقتراح الحكومة البريطانية على مرونة تنظيمية في قطاع الخدمات "حيث فرص التجارة خارج الاتحاد الاوروبي هي الاكبر" مقابل قيود مفروضة على دخول الاسواق الاوروبية.

يقر الاقتراح انهاء ما تتمتع به الشركات البريطانية من حقوق تتيح لها العمل بحرية في الاتحاد الاوروبي، لكنه يقترح تعديلات "تحافظ على المنافع المتبادلة من تكامل الأسواق وتحمي الاستقرار المالي". وعلى الرغم من ان ماي تمكنت على ما يبدو من تفادي اي استقالات لوزرائها الا ان ردود الفعل الاولية لم تكن ايجابية.

وقال جون لونغوورث من مجموعة الضغط "الخروج يعني الخروج" المؤيدة لبريكست "اصبحنا الآن نرى تيريزا ماي على حقيقتها". وتابع لونغوورث "هذه صفقة سيئة للمملكة المتحدة التي ستنزلق اكثر فاكثر بينما يحصل الاتحاد الاوروبي على المزيد".