تقف التربية سدًا منيعًا على مستوى العالم في وجه التطرف العنيف، فتمنعه من تقويض السلام والأمن، وحقوق الانسان، والتنمية المستدامة، بمساعٍ حثيثة تبذلها دول العالم والمنظمات الأممية.

خاص بايلاف من جنيف: في 24 ديسمبر 2015، قدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "خطة العمل من أجل منع التطرف العنيف" التي أكد فيها أن التطرف العنيف إهانة لأهداف الأمم المتحدة ومبادئها، وشدد على أن هذه الظاهرة تقوض الأركان الثلاثة للأمم المتحدة: السلام والأمن، وحقوق الانسان، والتنمية المستدامة. 

 التطرف العنيف

يشير التطرف العنيف إلى معتقدات وأعمال أشخاص يدعمون العنف المدفوع ايديولوجيًا أو يستخدمونه لتحقيق آراء أيديولوجية أو دينية أو سياسية متطرفة. وبالتالي، يمكن أن تتبدى الآراء المتطرفة في طائفة من القضايا، بينها السياسة والدين والعلاقات بين الجنسين. ما من مجتمع أو جماعة دينية أو نظرة إلى العالم بمنأى عن مثل هذا التطرف العنيف. لذا يحدث التطرف العنيف عندما يريد أحد ما فرض آرائه على الآخرين باستخدام العنف إذا دعت الضرورة. 

في 24 سبتمبر 2014، اصدر مجلس الأمن القرار 2178، يشجع فيه الدول الأعضاء على إشراك المكونات المحلية والأنشطة غير الحكومية ذات العلاقة في تطوير استراتيجيات لمواجهة السرد المتطرف العنيف الذي يمكن أن يحرض على أعمال ارهابية ومعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار التطرف العنيف والتي يمكن أن تؤدي إلى الارهاب، بما في ذلك تمكين الشباب والعائلات والنساء والقادة الدينيين والثقافيين والتربويين، وسائر منظمات المجتمع المدني، واعتماد مقاربات مرسومة لمواجهة التجنيد في صفوف هذا الشكل من اشكال التطرف العنيف وتدعيم المشاركة والتلاحم الاجتماعيين. 

بعد ذلك، شجع مجلس الأمن في قراره 2250 لعام 2015 الدول الأعضاء على مواصلة تحقيق ما حدده في القرار السابق. 

 

لقراء النص باللغة الانكليزية 
The role played by education in countering violent extremism

 

 أدوات مساعدة

شجع المجلس التنفيذي لليونسكو في قراره 197/م ت 46 (دور اليونسكو في تعزيز التعليم باعتباره وسيلة لمنع التطرف العنيف) المديرة العامة على تقوية دور اليونسكو القيادي في تعزيز التعليم واشاعته بوصفه أداة ضرورية للمساعدة في منع التطرف العنيف، ورفع مستوى التنسيق عبر القطاعات في شأن المبادرات ذات العلاقة، وتحديد فرص التعاون في اطار منظومة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. 

يمنح الدليل الذي اعدته اليونسكو لمنع التطرف العنيف المعلمين والمربين فهمًا أساسًا للتطرف العنيف ودور التعليم في مكافحته، فضلًا عن توفير مرشد عملي إلى طريقة التعامل مع التطرف العنيف وتحدي السرديات السائدة التي تنقلها الايديولوجيات المتطرفة في البيئة المدرسية. 

وكما اشارت اليونسكو، تمثل "التعليم من أجل المواطنة العالمية" مقاربة ناشئة للتعامل مع التعليم، تركز على تطوير معرفة المتعلمين ومهاراتهم وقيمهم ومواقفهم للمشاركة بفاعلية في التنمية السلمية والمستدامة لمجتمعاتهم. ويهدف "التعليم من أجل المواطنة العالمية" إلى غرس مبادئ احترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والاستدامة البيئية، التي تشكل كلها قيمًا اساس تساعد في تقوية دفاعات السلام ضد التطرف العنيف. 

 الهدف الرابع

من الأفكار التي تدخل في صلب "التعليم من أجل المواطنة العالمية" فكرة التضامن واحترام التنوع بصرف النظر عن اختلاف العمر أو القومية أو الإثنية، لا التضامن مع الأشخاص ضمن جماعتك المباشرة فحسب، بل مع من هم خارجها ايضًا. 

يسترشد عمل اليونسكو في إطار "التعليم من أجل المواطنة العالمية" بجدول الأعمال العالمي للتعليم حتى عام 2030، وخصوصًا الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة الذي يدعو البلدان إلى "ضمان أن يكتسب جميع المتعلمين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التنمية المستدامة، بما في ذلك جملة من السبل بينها التعليم لتحقيق التنمية المستدامة واعتماد انماط حياة مستدامة وحقوق الانسان والمساواة بين الجنسين وتعزيز ثقافة السلام واللاعنف والمواطنة العالمية وتقدير التنوع الثقافي ومساهمة الثقافة في التنمية المستدامة". 

مراجعة الاستراتيجية

في سياق النقاش حول دور التعليم في مواجهة التطرف العنيف داخل مجلس حقوق الانسان في 26 سبتمبر 2016، نظمت اليونسكو والبعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة ندوة حوارية حول "تعلم العيش معًا" في قصر الأمم في جنيف. 

قال مدير مكتب اليونسكو للاتصال في جنيف عبد العزيز الموزيني في الندوة إن التعليم عامل أساس في منع التطرف العنيف، ورد استراتيجي على التهديدات التي تواجه الشباب. واشار إلى إدراك أهمية منع التطرف العنيف من خلال التعليم في قرار "مراجعة الاستراتيجة العالمية لمكافحة الارهاب رقم 0/291 الذي اعتمدته الجمعية العامة في يوليو الماضي. كما أكد أن التعليم وحده لا يكفي بل نحتاج إلى نمط محدد من التعليم، "وعليه نحتاج إلى تمكين الشباب والرجال ليصبحوا مواطنين نشيطين يواجهون التحديات العالمية، يسهمون في بناء عالم أكثر سلاما ًوتسامحًا وأمنًا. ويتطلب هذا مساعدة المتعلمين على اكتساب تفكير نقدي وتعاطف واحترام للتنوع. وهو يتطلب اعطاءهم احساسًا ايجابيًا بالهوية والانتماء، وتعزيز التفاهم المتبادل والاحترام بين الشباب، بما في ذلك من خلال الحوار بين الأديان والثقافات". 

وأعاد التذكير بأن مساهمة اليونسكو في هذا المضمار لا تقتصر على وضع مبادئ عامة بل أن المنظمة تتيح امكانية الوصول بسهولة إلى موارد التعليم المطلوبة، بما في ذلك مواد وموارد تثقيفية لمنع التطرف العنيف. 

 التربية تمنع التطرف

قال الموزيني ايضًا أن اليونسكو نظمت، بالتعاون مع معهد المهاتما غاندي للتربية من أجل السلام والتنمية المستدامة، في سبتمبر 2016 مؤتمرًا دوليًا حول هذه القضية تحديدًا في نيودلهي في الهند. وأظهر حضور 217 مشاركًا من 66 بلدًا بينهم وزراء وصانعو قرار كبار في مجال التعليم وخبراء وممثلو منظمات غير حكومية ودعاة شبابيون في هذا المجال، أهمية أن نعتبر التعليم أداة قوية لمنع التطرف العنيف ومعالجة اللاتسامح. واتاح المؤتمر بناء فهم مشترك للطريقة التي تستطيع انظمة التعليم أن تمنع بها التطرف العنيف على نحو مناسب وفاعل وتؤدي إلى أفكار على الطريق إلى الأمام لمنع التطرف العنيف من خلال التعليم بتحديد المجالات ذات الأولوية ونشاطات المتابعة. 

مقاومة التطرف

في هذا الإطار، أصدر مجلس حقوق الانسان في 30 سبتمبر 2016 قرارًا حول "حماية حقوق الانسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الأرهاب" تعبر فيه الدول الأعضاء عن إدراكها دور التعليم المهم واحترام التنوع الثقافي ومنع التمييز ومكافحته، وتشغيل الأيدي العاملة والمشاركة في المساعدة على منع الارهاب والتطرف العنيف الذي يؤدي إلى الارهاب، وكذلك تشجيع الدول الأعضاء وكيانات الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية وشبه الإقليمية والأنشطة ذات العلاقة على التفكير في استحداث آليات لإشراك الشباب في بناء ثقافة سلام وعدالة وتحقيق التنمية البشرية والتسامح الاثني والقومي والديني. 

في ما يتعلق بقضية الشباب والتعليم، أنهى الموزيني كلمته بالتشديد على دراسة دور التعليم في معالجة جذور التطرف العنيف. وقال: "علينا أن نساعد الشباب على مقاومة رسائل التطرف العنيف وابعادهم عن الجماعات المتطرفة العنيفة من خلال تعليم ذي نوعية يلبي حاجاتهم. ولا يمكن تنفيذ هذه العملية دون مشاركة الشباب".

* ترجمة عبد الاله مجيد