بعد عقود وقرون من الأزمان عانوا خلالها من التهميش والحرمان , والإقصاء والإذلال عدا عن القتل المُنَظم الذي كانوا يَتَعرضون له بين الحين والحين , حَدثَ الزلزال الكبير في التاسع من نيسان عام 2003 بسقوط صنم العراق على يد الجيش الأمريكي , فَتَنفس شيعة العراق نَسائم الحُرية والإنعتاق من أقسى الأنظمة الدكتاتورية وحشية, وعادت لهم كرامة مَفقودة , لكن السؤال المطروح &الآن &هو هل نجح التحالف الشيعي في قيادة العراق والتأسيس لدولة المواطنة ؟ ولكي نكون منصفين ولا نظلم هذه القوى المنضوية تحت عنوان التحالف &بالمطلق , ونفرق في الوقت نفسه بين القاعدة الشيعية &وهي الأكثرية المسحوقة وبين من يَقودهم وَيَتَسيد عليهم وَيَدعي تَمثيلهم من كُتل وأحزاب وَبعض الرموز الدينية السياسية , ومن ناحية أخرى لا نهمل الظروف المحيطة &بالعراق خصوصآ دول الجوار الجغرافي وتدخلاتها , علاوة على إن هناك مسبب آخر مهم لهذه الفوضى هو طبيعة &المجتمع العراقي نفسه وتركيبته السكانية .


شكليآ ظهر الشيعة العرب كواجهة سياسية سلط عليها الضوء بأنها هي من تُدير &دَفة الحُكم في العراق الجَديد وتَحملوا نتيجة لتلك الأطروحة المزيفة الكثير من التَبِعات والمشاكل في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في التعقيد , وأخطر هذه التَبِعات التي تحملوها ولا زالوا, هي الإستهداف المُمَنهج لهم من قِبل المجاميع الإرهابية وفلول البعث البائد التي مارست بِحقهم عمليات تطهير طائفية شنيعة ترقى الى جرائم إبادة ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى , يُضاف الى ذلك &ظُلم وَجور &القيادات الشيعية نفسها التي تدعي تمثيلها لهذه الأغلبية وهي في الحقيقة لا تمثل إلا نفسها وكياناتها السياسية , والفجوة بين هذه القيادات والقاعدة الشعبية الشيعية آخذة بالإتساع حتى باتت هذه القيادات شبه معزولة عن ما يسمى بقواعدها الشعبية &, وقد أصبح &يُنظَر الى الكثير من هذه القيادات وخاصة في الوسط الشيعي على إنها متواطئة ومُشارِكة في بُحور الدِماء التي سُفِكت من هذه الأغلبية &عَبر مَجازر يومية تضرب مُدنهم وقُراهم ,
وعودة &الى العامل الإقليمي الذي كانت التجربة العراقية تمثل له هاجسآ مخيفآ لم يألفه , وشيئآ جديدآ لم يعهده , لذلك عمدت أغلب النظم السياسية وخاصة العربية منها الى عَرقلة أي نجاح في هذه التجربة فكانت تَدخلاتها السلبية &من أهم العَوامل المؤثرة في تأزيم ألأوضاع في العراق , وهي لا زالت تنظر بعين من الشك والريبة لهذه التجربة التي كسرت طوق السلسلة التأريخية المتوالية المتجانسة نوعآ ما مع دول المنطقة ولو طائفيآ على الأقل والتي كان النظام السابق يمثل حلقة من حلقاتها &وإمتدادآ لها &رغم مُشاكَساته الكثيرة, فالعقدة الإيرانية عند العرب تُلقي بِِظِلالها على مُجمل العلاقات العربية العراقية وهي تمثل حاجز معنوي ليس مِن السَهل تَجاوزه &&
&يضاف لتلك المشاكل والتعقيدات طبيعة المجتمع العراقي وتنوع طوائفه وأعراقه , حيث أثبتت الوقائع إن الروابط والمشتركات التي تَجمع هذه الطوائف والأعراق هَشة ولم تَصمد أمام من حاول وَيُحاول أن يُثير الفتن بين هذه المكونات , فلا &أكراد العراق إطمأنوا لمستقبلهم وتخلوا عن أحلامهم التأريخية في دولة مستقلة , ولا سُنة العراق بغالبيتهم &تَقبلوا الواقع الجديد وإندمجوا في الحياة السياسية بِصورة إيجابية ونبذوا الإرهاب والتطرف والنزعة التسلطية &, ولا الأكثرية الشيعية كانت بمستوى وإيثار السود في جنوب أفريقيا في الصفح والمسامحة , وتبديد المخاوف .


ورغم كل تلك الظروف &فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال &تبرير أو إنكار الإخفاقات المتتالية والفشل &المتواصل للتحالف الشيعي بغالبية أطيافه وكتله وشخوصه &في إدارة الدولة وإستمرار الفَوضى , وَتَفشي ظاهرة الإرهاب وشيوع الفَساد بكل مفراداته وعناوينه وأشكاله وتغلغله في كل مفاصل الحياة , فهو يتحمل الجزء الأكبر مما آلت إليه الأوضاع لأنه الكتلة الأكبر &المسؤولة عن قيادة هذه الدولة حتى لو كان هذا ظاهريآ , وذلك يرجع لطبيعة عمل هذه الكتل والأحزاب التي لم تستطع أن تجد مشتركات وقواسم قوية مع المكونات والأقليات الأخرى , لأنها كانت ولا زالت تفكر بعقلية المعارضة التي تبحث عن المكاسب , مما جعلها بعيدة جدآ عن مفهوم دولة المواطنة التي يَستَظل بِظلها الجَميع..
&