" الحكومة الجديدة " التي تم الإعلان عنها من قبل الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ، خلال الأيام الماضية ، هي بكل تأكيد مؤشر جديد على العبث الذي يمارسه الحوثيون وصالح ، في ظل الدعوات الإقليمية والدولية إلى حل الأزمة في اليمن . وهذه الخطوة في دلالتها تعني بوضوح أنه ليس هناك جدية من طرف الحوثيين وصالح للوصول إلى اتفاق سلام ينهي الحرب ، ويحقن الدماء. كما يعني ، كذلك ، أن ثمة قرارا خارجيا هو الذي يحرك خيارات الحوثيين والعابهم المكشوفة.

هذا القرار ليس من الصعب على المراقب معرفة مصدره ، لأن هناك الكثير من الحيثيات والتصريحات تتزامن مع أحداث معينة ، فتدل بذلك على رابط واضح بين الأحداث والتصريحات. 

وهذا ما حدث بالضبط حين صرح رئيس هيئةالأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، بأن بلادهتتجه نحو "بناء قواعد بحرية في سواحل سورياواليمن، وذلك لحاجة الأساطيل الإيرانية لقواعدبعيدة".

فهذا التصريح الذي سبق تكوين حكومة الحوثيين ـ صالح الجديدة ، هو الدليل الخفي على التوجيه الذي تمارسه إيران على الحوثيين . مما يعني أن مسار التفاوض السلمي لن يؤدي إلى أي نتيجة بين الطرفين في ظل هذا الوضع. 

تعقيد الأزمة اليمنية أصبح يدل بوضوح على رؤية المملكة العربية السعودية . فالحوثيون هم ذراع إيران في الجزيرة العربية ، ولهذا فإن أي مفاوضات تعتبرهم كيانا مستقلا أو قادرا على إدارة تفاوض من أجل المصلحة الوطنية لليمن ستكون مفاوضات عبثية . والدليل على ذلك الجولات المتعددة من مفاوضات جنيف إلى مسقط إلى الكويت ، دون طائل يذكر. 

ومن المعروف عادة أن الظرف الانتقالي الذي تمر به أمريكا عند نهاية حقبة انتخابية وبداية حقبة جديدة ، يمثل ظرفا مؤاتيا للكثيرين من أجل استباق وفرض وقائع على الأرض كمكاسب قبل وصول الإدارة الجديدة للبيت الأبيض ، على ما تفعل روسيا من تصعيد في حلب بالتواطؤ مع النظام السوري من أجل القضاء على المقاومة . وهذا ما تحاول أن تفعله إيران ، سواء عبر التهديدات أو عبر المحاولات المختلفة كإرسال شحنات أسلحة وغيرها إلى الحوثيين في اليمن . 

إيران ، حين تطلق هذه التهديدات كبالونات اختبار، نجدها في الوقت نفسه تتحكم بمصائر الوضع في اليمن ، فالصواريخ الباليستية التي يطلقها الحثيون من حين وآخر على مدن المملكة هي جزء من الثمن الذي أصبحوا به بيادق وأدوات لإيران.

كما أن إيران تدرك أن هناك تهديدات تلوح عليها من خلال الوعود أطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب مؤخرا ، فإدارة ترامب بحسب طاقمها الجديد والذي لازال قيد التشكل ، يتضح فيها من خلال الأعضاء الذين انضموا إلى إدارة ترامب توجهات معادية لإيران ، ولما يمكن أن تخطط له هذه الإدارة الجديدة حيال سياسات إيران في المنطقة العربية.

الوقت الراهن في تقديرنا هو جزء من مسرح اللعب والتسخين لاستكشاف ما هو قادم مع هذه الإدارة اليمينية الجديدة في البيت الأبيض. 

وضمن هذا السياق يمكننا أن نفهم ما يقوم به الحوثيون من عبث ولعب وعدم جدية في مسار المفاوضات التي يسعى إلى استئنافها المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد ، ضمن الخطة الأممية الجديدة للأزمة اليمينة.

الجميع بات يدرك أهمية انهاء الأزمة اليمينة في هذا التوقيت ، نظرا للعديد من التحولات الإقليمية والدولية التي تكتنف المنطقة ، ما عدا الحوثيين ، وهؤلاء في الحقيقة لا يدركون خطورة ما تورطوا فيه ، أو ما ورطتهم فيه إيران منذ استيلائهم على العاصمة اليمنية صنعاء في العام 2014م . 

لهذا ربما يكون في السياسات الجديدة حيال إيران من قبل إدارة ترامب ما قد يفيد في حل الأزمة اليمنية ؛ إذ المعروف أن إيران تجيد اللعب بالأوراق السياسية ، ويمكنها أن تتنازل عن أي ورقة سياسية لها ـ كورقة الحوثيين ـ إذا ما شعرت بخطر حقيقي يهددها. 

وحتى وقت اتضاح سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة حيال إيران سنرى مثل هذه الألعاب التي يلعبها الصغار ، كما فعل الحوثيون في الأيام القليلة الماضية من تكوين لـ"حكومة جديدة " في صنعاء بإيعاز من طهران !