منذ أواخر عام 2017، وحين أجبرت الانتفاضة الشعبية الولي الفقيه على الاحتجاب عن الظهور لقرابة أسبوعين، صار موضوع التغيير السياسي بأوضح صوره مطروحاً على بساط البحث في إيران.

التغيير السياسي في إيران، وفي ظل النظام الحاکم المستند إلى نظرية ولاية الفقيه، ليس بذلك الموضوع البسيط والهين الذي يمکن طرحه بعد 44 عاماً من حکم استبدادي موغل في أفظع أنواع الممارسات القمعية، لا سيما أنه قام باستخدام وتوظيف العامل الديني، وأسبغ هالة من القدسية على النظام، وحرص جاهداً على شل حرکة ونشاط أهم وأقوى شريحتين فعالتين ومؤثريتين في المجتمع الإيراني، وهما شريحتي الشباب والنساء، كما قام خصوصاً بتفعيل وترجمة العامل الديني کقوانين لمواجهة أي نشاط لهاتين الشريحتين.

حتى 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017، کان طرح موضوع التغيير السياسي الجذري في إيران، ضرباً من المحال، لکن الحقيقة التي لا بدَّ من الانتباه إليها هنا أن هذا التصور أوحى به النظام، خصوصاً بعدما تمادى في ممارساته القمعية، ولا سيما منها تنفيذ عمليات الإعدام على الملأ، حتى جعل من إيران بلداً بوليسياً بالمعنى الحرفي للکلمة، ولکن وفي يوم 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017، حين اندلعت الانتفاضة الشعبية العارمة التي کان شعارها الرئيسي "الموت للدکتاتور" و"الموت لخامنئي" و"أيها الأصلاحي أيها الأصولي انتهت اللعبة"، أصيب خامنئي قبل النظام بالذهول لأن ما حدث فاق تصوراتهم وحساباتهم بکثير.

انتفاضة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017 لم تندلع صدفة ومن دون مقدمات، بل إن العام 2017، ومنذ بدايته، کان حافلاً بالاحتجاجات الشعبية الغاضبة ضد النظام وفي جميع أرجاء إيران، وقد أسفر التراکم الکمي لهذه الاحتجاجات، والتي تعدت الآلاف، عن تطور نوعي باندلاع تلك الانتفاضة، ومن المفيد جداً هنا الإشارة إلى الدور المهم لهذه الانتفاضة من حيث تحطيمها حاجز الخوف الأمني، وقد ساهمت في ذلك الشبکات الداخلية لمجاهدي خلق في نضالها ومواجهتها ضد النظام، ومن الملفت للنظر أيضاً أنَّ هذه الانتفاضة قد أسفرت أيضاً عن قيام منظمة مجاهدي خلق بتأسيس خلايا وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة التي قوامها الشبان والشابات، وکان ولا زال لها دور وتأثير کبير في ديمومة عملية الصراع والمواجهة ضد النظام في مختلف أرجاء البلاد، وقد كان هذا الدور مشهوداً في الانتفاضتين التاليتين في 2019 و2022.

التغيير في إيران، بعد هذه الانتفاضات الثلاث، لم يعد مجرد تصور تتساوى فيه حظوظ النجاح والفشل، بل صار مطلباً ملحا لمختلف شرائح وأطياف ومکونات الشعب الإيراني دونما أي فارق واختلاف، إذ أن الجميع قد نال قسطه من ظلم وإجحاف النظام.

في رسالة وجهتها السیدة‌ مریم رجوي‌، الرئیسة المنتخبة من قبل المقاومة الإیرانیة‌ لمرحلة الانتقال إلی سلطة الشعب والقانون، بمناسبة السنة الإیرانیة الجدیدة في 20 آذار (مارس) الحالي‌، ‌أکدت في هذا المجال: "تأثرت تطورات العام الماضي بشدة بالانتفاضة. سعت التيارات المتواطئة مع النظام الرجعي بفضل الإمدادات الاستعمارية إلى سرقة الانتفاضة، وحاولوا إزعاج الحركة الشعبية، لكن توقعاتهم أخفقت وبقوا خائبين محبطين. لقد أزاحوا صناع الانتفاضة ورواد الحرية الطرق المنحرفة والشعارات الكاذبة والعناوين الخاطئة، وبدلاً من ذلك دفعوا حركة الشعب نحو الثورة والإطاحة بالنظام. لقد ثبت أن ما هو خالي الوفاض ولا أساس له من الصحة، وغريب عن نضال الشعب وآلامه ومعاناته، قد يكون قادراً على إثارة الصخب لفترة من الوقت، لكنه لا يمكن أن يخدع الشعب. وعلى النقيض تماماً من الجبهة المتشتتة المناهضة للشعب، فإن الجبهة الشعبية والمقاومة المنظمة، بقيادة مستدامة لقائد المقاومة مسعود رجوي وبفضل إيمانه بقضيته وإصراره على مواقفه المبدئية، بقي أكثر تماسكاً وأكثر وحدة وتفانياً وأكثر شراسة من أي وقت مضى من أجل الالتزام بإسقاط هذا النظام وحرية إيران وازدهارها".