(1)

الآن في عتمة قبري المليئة بالتوجسات وغياب دام لسنوات، أذكركم بما حدث لي في أيار (مايو) عام 1983 على يد الأشقاء اللئام، عسى ولعلى أن تنهضوا وتكسروا جدار الصمت المقرف!

هنا، في هذا المكان الضيق الذي يسمونه قبر بلا شاهد، لا يزال رأسي يأبى الاسترخاء وتخنقني التساؤلات!

هنا، في هذه الحفرة المظلمة، لا لون للزهور ولا الشجر، ولا الدماء!

(2)

في عيد العمال العالمي، كنا منهمكين بالتحضير للعيد، وكان الأشقاء اللئام يتقدمون بزحف ثابت باتجاهنا، كنت أراهم من بعيد، ولكن أبيت الانسحاب.

وهل ينسحب الجبل؟

(3)

كان الموت يرقص أمام عيني مبتهجاً بسطوته دون أن أخسر هيبتي أو أن أنسحب كما طلب مني خضر كاكيل*** الأب للحفاظ على حياتي…

(4)

صاح أحدهم: اقتلوا الغرباء والمحتلين جميعاً، ودوسوا على رؤسهم وجثثهم حتى يتحولوا إلى عجين من اللحم والدم!

(5)

وبعد مرور كل هذه السنوات، أطلب منكم مجدداً:

أن تقفوا أمام ذواتكم العطشى إلى نبع الخلاص والخروج من دوامة الصمت المقزز!

قفوا جميعاً وقفة مصارحة مع أنفسكم قبل الآخرين بالرغم من صعوبتها…. عندئذ ستسمعون أصواتنا وضحكاتنا ووجوهنا بالرغم من الوجع المر والظلام الدامس!

أما أنا، فسأقف بوجه الأشقاء اللئام الذين سرقوا خاتم زواجي وإصبعي معها، وتحملت من أجلكم العذاب بفرح، فرح لا يوصف…! وسوف أطاردهم حتى في أحلامهم وسأعيش حريتي كما كنت حتى في هذا المكان المظلم.

(6)

لا تراجعوا … من المطالبة بحقنا لأن أشقاءنا اللئام لا يخجلون من سلبه منا ومنكم!

(7)

‎وداعاً ، سأخلد إلى النوم

‎فربما أجد في أحلامي ما لم أجده في واقعي!

* (أحلام) هي النصيرة الشيوعية عميدة عذبي حالوب، مواليد مدينة سوق الشيوخ 1954، استشهدت في معركة بشتاشان في أيار (مايو) 1983.
** پشتئاشان قرية مكونة من قسمين: پشتئاشان العلوي وپشتئاشان السفلي، وتقع على سفح جبل قنديل المحاذي للحدود الايرانية. اختيرت كموقع خلفي اسوة بقرى مجاورة لها مثل قرناقا، بولي، واشقولكة لقوات الحزب الشيوعي العراقي من الثمانينيَّات من القرن الماضي والتي كانت تضم الإعلام المركزي والإذاعة والمستشفى المركزي، إضافة إلى مقرات أحزاب كوردستانية أخرى.
في الأول من أيار (مايو) 1983 وأثناء اشتداد المعارك والمصادمات المسلحة بين الاتحاد الوطني والأحزاب الأخرى، قام الاتحاد الوطني الكوردستاني بهجوم عسكري بقيادة نوشيروان مصطفى، جرى فيه استخدام كافة أنواع الأسلحة لضرب أنصار الحزب الشيوعي العراقي أساساً والأحزاب الكوردستانية المتواجدة في المنطقة، مما أدى إلى قتل العشرات من بيشمركة الحزب الشيوعي والجهة المهاجمة.
*** خضر كاكيل، قائد شيوعي عسكري استشهد في معركة پشتئاشان