إيلاف من الشارقة: أكد الفنان المصري عزت العلايلي أن الفن مسؤولية تربوية وثقافية، وأن الفنانين مسؤولون عن المجتمع الذي ساهم في إبرازهم. 
وجاء ذلك خلال جلسة حملت عنوان "مشاهير من الفنون العربية" والتي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب، على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 35، والمقامة حالياً في إكسبو الشارقة، حيث اجتمع في الجلسة التي أدارتها الإعلامية دينا قنديل، مع الكاتبة الكويتية أمل عبد الله التي تطرقت في حديثها إلى مسيرتها مع الأدب والفن.


نشأته
وبدأ حديثه بالعودة إلى بداياته مع الفن، حيث قال: "الفن تكون لدي منذ الصغر، وقد تربيت على مسرحيات يوسف وهبي ونجيب الريحاني، وأذكر أنه عندما كنت في سن الثامنة أن والدي اصطحبني معه إلى المسرح القومي، حيث شاهدت معه واحدة من مسرحيات يوسف وهبي، وقد فتنت بها. وما أن خرجنا من المسرح حتى تداعت في ذهني خشبة المسرح وتصفيق الجمهور، ومن بعدها اصطحبني والدي إلى مسرح الريحاني، وحاولت أن أجلس في الصفوف الأمامية، إلا أنني مُنِعت لأن تلك الكراسي كانت محجوزة للوزراء، حينها لم أكن أعرف ما هو الوزير، ولكن بعد أن تداعت الأيام، عرفت أن قيمة الفنان عالية جداً، لدرجة أن الوزراء يأتون لمتابعة ما يقدمه من فن. شعرت آنذاك أن تجربة الفن أخذت تستهويني، ولذلك كنت أجمع أبناء الحي في بيتنا، وأقدم لهم بعض المونولوجات التي كان شكوكو يقدمها وأحفظها عن ظهر قلب". 
وأضاف: "من خلال هذه التجارب البسيطة، استشعر والدي عشقي للفن، وبحسب توجيهاته، كان لا بد أن أصقل موهبتي بالدراسة من خلال معهد الفنون المسرحية، وبالفعل بعد أن كبرت دخلت إلى المعهد وتفوقت فيه". 

إنطلاقته
وفي رده على سؤال حول تعاونه مع المخرج صلاح أبو سيف والمخرج يوسف شاهين، قال العلايلي: "بعد تخرجي من معهد الفنون المسرحية، طلبني المخرج صلاح أبو سيف، حيث قابلته في استوديو مصر، آنذاك أذكر أنه قابلني بكل احترام، وأطلعني على دوري في مسرحية "زقاق السيد البلطي"، وقد شحن همتي لدرجة شعرت معها أنني نجم، وأذكر أن هذه المسرحية لقيت نجاحاً كبيراً". 
وأوضح "حكايتي مع يوسف شاهين كانت مختلفة نوعاً ما، ففي صباح أحد الأيام فوجئت به يدق باب بيتي، حيث كان يريدني أن أشارك معه في فيلم "الأرض"، والذي تعرفت من خلاله على السيناريست حسن فؤاد، والروائي عبد الرحمن الشرقاوي، وقد مثلنا الفيلم بكل ما فيه من الآلام وأوجاع. وسافرت مع فريق الفيلم إلى مهرجان كان السينمائي، وهناك تلمست التواجد الحقيقي للسينما، التي أبهرتني كثيراً. حيث التقيت فيه بناقدٍ فرنسي كبير، قال لي أنه شاهد الفيلم، وأن لدي مستقبل كبير، وطلب مني المحافظة على نفسي، وأن أكون مسؤولاً عن الكلمة التي سأقولها يوما ما".

في التلفزيون
وتحدث عن تجربته مع مسرح التلفزيون والظروف التي صاحبت تأسيسه، وما حققه من نجاح آنذاك، حيث كان قادراً على استقطاب الجمهور على الرغم من ارتفاع تكلفة التذاكر أكثر من مرة، وقال "على خشبه هذه المسرح قدمت الكثير من الأعمال مع الزملاء عادل إمام وسعيد صالح، وصلاح السعدني، ومديحه حمدي، وغيرهم، وقدمنا العديد من الأعمال الكلاسيكية التي نجحت كثيراً". 
وتابع قائلاً: "نجاح مسرح التلفزيون قادني إلى أن اطلع على الروايات، وأذكر أنني قرأت يوماً على الصفحة الأخيرة في جريدة أخبار اليوم رواية "ثورة فلاح" وقد أعجبتني كثيراً، وقمت بإعادة كتابتها للمسرح، بعد الإستئذان من مؤلفها، وتم اختيار حسن كمال لإخراجها، واستطاعت أن تحقق النجاح المطلوب". 

وخلال عمله في التلفزيون، قدم برنامج "رحلة اليوم" والذي طاف من خلاله بكافة محافظات مصر، وقال: "في كل أسبوع كنا نتناول محافظة بالتفصيل، وقد بلغني يوماً أن الرئيس جمال عبد الناصر يتابع هذه الحلقات التي كانت تُبث أيام الخميس، ولا أنكر أن ذلك أصابني بالخوف والغرور أيضاً". وأشار إلى قراءاته المختلفة في السياسة والاقتصاد والأخبار اليومية، قادته في فترة الستينيات لأن يكتب حلقات برنامج "أعرف عدوك" والذي تناول فيه تاريخ الحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل وحتى ذلك الوقت. وقال: "قدمت فيه 22 حلقة، ومن خلالها تنبأت بنكسة 1967، حينها لم يصدقني أحد، ولم يصدقوا أقوالي الا بعد وقوعها". 

القادسية
وتطرق "العلايلي" في حديثه إلى تجربته بفيلم "القادسية" الذي صوره في العراق. وقال: "معظم البلدان التي زرتها اعتبرها عظيمه، وأنا سعيد جدا بتجربتي في العراق، التي قضيت فيها مع سعاد حسني نحو 8 أشهر لم أشعر بها أبدا لشدة كرم الشعب العراقي، والعراق في الواقع يمتلك أسساً ثقافية وفنية متينة". 

عبدالله
من جانبها، تناولت الكاتبة أمل عبد الله في مداخلتها رحلتها الطويلة مع الأدب والفن. وقالت: بدايتي كانت بسيطة تشبه أي فتاة في الخليج، حيث نشأت في بيتٍ بسيط، وأجواءٍ أسرية مليئة بالفلكلور وتهتم بالموروث الشعبي والأمثال والحكايات. وهذا ما كوّن لديّ حصيلة معرفية جيدة ساعدتني في البحث والتقصي، إلا أن حياتنا قد تغيّرت بعد أن تيتمنا. حيث أوكِلَت مهمة الرعاية إلى خالة والدتي التي كانت ميسورة الحال بعد أن تخلت عنا أسرة والدي، وبدأت العمل مبكراً ودرست بالصدفة وعملت في الإعلام بالصدفة التي اعتبرها خير من ألف ميعاد".
وأضافت: كان الجميع يطلق علي لقب مثقفة الفريج لشدة اهتمامي بالثقافة والأدب والقراءة، وعملت في وزارة الصحة والإذاعة أيضا". 

وأشارت إلى أن أهم محطة في حياتها هي تلك التي شهدت محاولتها لدخول الفن، وقالت: "حاولت ولكني لم أفلح في الفن، لأنه يجب أن يكون أساسا ًموهبة. شقيقتي سعاد كانت على العكس تماما حيث توفرت لديها الموهبة واستطاعت أن تشق طريقها في الفن، الذي توقفتُ عنه تماما بعد عدة محاولات، لأنني وجدت نفسي مهتمة بالبحث والتقصي والأدب، ولذلك أنا سعيدة جدا بما أنجزت وبكل ما قدمت خلال حياتي".