"إيلاف- المغرب"- الدار البيضاء: احتفى مهرجان الدار البيضاء للمسرح، في دورته الثانية، (دورة عبد الحق الزروالي)، المنعقدة حاليا حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري بالفنان محمد حسن الجندي الذي يحمل رصيداً كبيراً من العطاء وله حضور هام على الساحة الفنية المغربية منذ أكثر من أربعة عقود. وكان هذا التكريم المستحق، في رأي الكثيرين، فرصةً لاستعراض مراحل مساره الفني الطويل والمتعدد الأبعاد الذي بدأه من مسقط رأسه في مدينة مراكش، ضمن مسرح الهواة، قبل أن ينتقل إلى الرباط، وتكبر قامته الفنية، وينحت اسمه كواحد من ألمع الفنانين الرواد.

ولقد جرب الجندي كل التعبيرات الأدبية والفنية والإبداعية تقريباً. حيث مارس التمثيل المسرحي والإذاعي والتلفزيوني والسينمائي، وعُرف بصوته الجهوري ذي النبرات القوية، وقامته الفنية المديدة. وأبدى على امتداد رحلته الفنية حرصه الشديد على النطق العربي السليم، في كل الأدوار التي تُسنَد إليه، كما اشتهر بعشقه التراث العربي القديم، الذي استلهم منه العديد من الأعمال الفنية، ومن بينها مسلسلاته الإذاعية القديمة في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، مثل "العنترية"و"الأزلية"، و"ألف ليلة وليلة"، وغيرها، حيث كانت تحقق نسب استماع كبيرة قبل أن يفرض التلفزيون حضوره الطاغي في البيوت المغربية.

ومن أعماله المسرحية، استحضر الجندي شخصية يوسف ابن تاشفين،في مسرحية بعنوان "نفحات من ذاكرة مراكش"، كما تقمص أيضا دور محمد بنبراهيم،في مسرحية بعنوان "شاعر الحمراء". ورغم أن هذه الأخيرة، لم تُعرَض سوى مرتين فقط، في الرباط ومراكش، إلا أنها كانت بالفعل مثار إعجاب المشاهدين.

والجدير ذكره، هو أن شهرة "الجندي" قد تجاوزت حدود المغرب لتصل إلى المشرق العربي. حيث تمت الإستعانة به في أدوار عديدة، من بينها دور أبو جهل في فيلم "الرسالة" للمخرج الراحل مصطفى العقاد، ودور رستم فرخزاد بفيلم "القادسية" من إخراج المرحوم صلاح أبوسيف، إلى جانب عدد من الممثلين العرب، أمثال عزت العلايلي وسعاد حسني وغيرهما، حيث أبان أمامهم عن علو كعبه كممثل من الطراز الكبير.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن للـ"جندي" وجهاً آخر لايعرفه الكثيرون. فهو كاتب لكلمات الأغاني، التي أبدع في العديد منها، ونجحت بصوت مشاهير الطرب في المغرب، وخاصة الرواد منهم. ويكفي أن نذكر من بينها الأغنية الشائعة،" هاني ياللي ناداني"،التي صاغ ألحانها وأداها بصوته الدافئ المطرب الراحل محمد فويتح.

يشار أخيراً إلى أنه ينهمك منذ مدة بسرد سيرته الفنية بانتظام، وذلك على أعمدة إحدى الأسبوعيات، بعنوان " ولد القصور"، نسبةً إلى المكان، الذي ولد فيه في مدينة مراكش،سنة 1939،وقد أعلن عن صدور هذا العمل عن دار نشر "مرسم" في مدينة الرباط.