لمع برنامج المواهب "ذا فويس كيدز" بألمعية المواهب الصغيرة واستقطب نسبة مشاهدة عالية جداً جذبت الكبار قبل الصغار. إلا أن الفرح الكبير الذي تنثره البراعم الموهوبة، يقابله الكثير من الدموع على حلبة الصراع.


بيروت: لمع برنامج المواهب "ذا فويس كيدز" بألمعية المواهب الصغيرة واستقطب نسبة مشاهدة عالية جداً جذبت الكبار قبل الصغار وفق الكثير من الإحصائيات ومنها استفتاء موقع مجلة "إيلاف" الإلكترونية التي طرحت التصويت بسؤالها: "هل أعجبكم برنامج The Voice Kids؟ فكانت النتيجة: "نعم: بنسبة 60.27%، لا: بنسبة 15.99%، ولا أتابعه: بنسبة 23.74%"، والفرق الواضح بالأرقام يؤكد على ارتفاع نسبة المشاهدين. فالطفولة المبدعة جاذبة بطبيعة الحال، إلا أن هذه البراعم التي أدخلت الفرح بخفة ظلها إلى البيوت والقلوب، قد ذرفت أيضاً الكثير من الدموع، وهنا بيت القصيد في هذا النقاش.&

الآراء&تنقسم حول&التداعيات&النفسية:
ولقد&انقسمت&الآراء بين جبهتين "عاطفية وعقلانية". فالأولى&تحاكي دموع الأطفال ووصل الأمر بها للمطالبة بتعديل "فورمات البرنامج" إكراماً لمشاعرهم، والثانية تُشدد على أن "التعلم من التجارب المرة"&هو الميزة الخاصة بالإنسان الذي يتميّز بالعقل المكتسب وتفهمه لشؤون الحياة&عن باقي المخلوقات.

&

ويغالي المتعاطفون مع&براءة الأطفال بالدفاع عنهم&خاصةً مع وصولهم إلى "حلبة الصراع" حيث يعتبرون أنه مع&بداية مرحلة "الصوت وبس" كان الضغط النفسي محصوراً باستدارة أحد المدربين، لكن في مرحلة "الحلبة" الجديدة&يقف الأطفال أمام مواجهات صعبة يصعب على الكبار تحمّلها. وهذه وجهة نظر نؤيدها لأننا نرى أن بعض المواجهات غير عادلة صدقاً، وذلك&بسبب تفاوت الأعمار ومستوى النضج بين المتسابقين. ففي حين قد يتقبل صغار السن الخسارة مع الأكبر منهم، لن يحتمل المتسابقون الذين تخطوا العاشرة من العمر الخسارة مع من يصغرهم بسنوات! إلا أنه لا بدّ من&الإعتراف أيضاً بأحقية الرأي الآخر الذي يقول بأن "البرنامج&فورمات عالمي" وقواعده غير قابلة للتعديل حتى بأصغر التفاصيل، وأنه على الأهل تحضير أطفالهم نفسياً قبل القدوم بهم إلى "المنصة" والتأكد من قدرتهم على تقبّل&الخسارة على أنها تجربة مفيدة في الحياة.&

في المقابل، يوافق أصحاب وجهة النظر الثانية على أن ما&يمرّ به&الخاسرون هو تجربة مؤلمة نفسياً،&إلا أنهم&يقولون أن&علم النفس وحده قادر على تحديد مدى تأثيرها على ثقة هؤلاء الأطفال بأنفسهم قبل موهبتهم بعد فقدان الأمل بالإستمرار بتحقيق حلمهم في الغناء. مع الإشارة إلى&أن المنافسة تبدأ في المسابقات التعليمية وعلى مسرح المدرسة،&ولا بد للبراعم أن تنمو مع التجارب المختلفة ليتعلموا مواجهة الصعاب.&فالمنافسة بحياة الأطفال لا تتوقف على برنامج المواهب "The Voice Kids" بل يخوضها العديد منهم في الألعاب الأولومبية، وألعاب الملاكمة، والفرق الرياضية والكثير من التحديات والبرامج التلفزيونية المخصصة لهم والتي تحمل بنتائجها الربح والخسارة في عدة مسابقات.&

من ناحية أخرى، يجب التذكير&هنا بموضوعية أن القيمين على البرنامج صرّحوا مراراً بأنهم أحضروا طبيباً أخصائياً لإزالة العوائق النفسية ومعالجة تداعيات الخسارة، لكن المُشاهد المتأثر بحزن الخاسرين لم يرَ حتى الساعة شيئاً من هذا العلاج. مع التشديد على أن مسألة العامل النفسي في هذا البرنامج ليست عابرة،&حيث أن معظم الأقلام تناولتها بالدرجة الأولى رغم الإشادة بالبرنامج بشكلٍ عام. ناهيك عن المواهب التي ذهبت ضحية قواعد "العددية" خاصةً في الحلقة الأخيرة التي خرج منها بعض المواهب بسبب اكتمال الفرق، رغم أنها&تستحق المتابعة أكثر من بعض الذين انضموا&إليها في الحلقات الأولى!

مهمةٌ صعبة للمدربين:
يحاول المدربون باستمرار تطييب الخواطر بالعناق والقبلات، وهم يجهدون بوضوح بتخفيف وقع الخسارة على الأطفال، لكنهم&يعجزون عن مسح الدموع، ولا شك أنهم يجدون أنفسهم&تحت مجهر النقاد في مهمتهم&الصعبة،&حيث أن&كلامهم الجميل لتخفيف وقع الخسارة يتحول أحياناً إلى المبالغة غير المدروسة في الإطراء.&&

كاظم: دقة الملاحظات
ويبدو اندفاع الأطفال نحو الفنان كاظم الساهر وحبهم له ولأغانيه مفاجئِاً بعض الشيء لكونه يغنّي بعالم بعيد عن عالمهم، إضافة إلى طبعه الرصين وملامحه غير الطفولية، ولقد كنا في الحقيقة نعتقد أنه&بخبرته ملائماً أكثر للبرنامج بنسخة الكبار. فهو بالرغم من تواضعه اللافت واحتضانه للأطفال&لا بد من القول- مع كامل التقدير لخبرته- أنه يقسو قليلاً على المواهب بدقة أحكامه وكأنه يطلب منهم أداء المحترفين. مع الإشارة إلى أن بعض المتسابقين أتقنوا الغناء بمستوى أعلى من المشتركين في برنامج الكبار، ولا بد هنا من الثناء على إدارة البرنامج باختيار الأغنيات الجاذبة بأصالتها وانتشارها من زمن الفن الجميل، علماً أن كثيرين توقعوا أن يختاروا لهؤلاء البراعم أغاني خفيفة وبسيطة، وربما أغاني للأطفال، ما يُذكرنا بالموهبة السورية التي غنت "اعطونا الطفولة" ونجحت بالتأثير بالجمهور والمدربين، ولا تزال عالقة في البال.

نانسي:&مبالغة&وتكرار:
&تبدو الفنانة نانسي عجرم في "عالمها" المناسب جداً في هذا البرنامج، خاصةً أنها بدأت الغناء بعمر الطفولة، ومن الطبيعي أنها ستتفاعل مع مرور الأطفال، لكنها تقع مراراً بفخ الإنحياز العاطفي وتخلط بين حياتها الشخصية مع بناتها وبين المواهب المشتركة، كما أنها تُبالغ بطفولية تصرفاتها في بعض الأحيان، علماً أنها بملامحها البريئة ليست بحاجة لتضع جهداً لتكون قريبة من عالم الأطفال.

تامر: نقلة نوعية
أما النقلة النوعية بين المدربين فقد سجلها الفنان المصري تامر حسني الذي بدأ جامداً وغير مرن، الأمر الذي عرضه في السابق للكثير من الإنتقادات، إلا أنه دخل بأجواء البرنامج بشكلٍ لافت في الفترة الأخيرة وبات في موقعه المناسب شكلاً ومضموناً وحنكةً في استعطاف الصغار ومراعاة مشاعرهم. فهو يجيد انتقاء العبارات القريبة منهم دون أن يقع بفخ التكرار كما تفعل نانسي التي تردد عبارتي "لفتني إحساسك" و"من قلب قلبك" وغيرها. كما أن كلماته أقرب لمستوى فهم الصغار من دقة ملاحظات "الساهر" الذي يتحدث بخبرة الكبار.

إيميه:&أناقة البساطة
ومن البديهي حين نتحدث عن برنامج "ذا فويس" أن نتوقف عند مقدمته الفنان "إيميه صيّاح" التي&بدت&في هذه النسخة أجمل شكلاً وأقرب للقلب من حضورها بالنسخة المخصصة للكبار. ولكن، رغم الثناء على إطلالتها&الأنيقة وغير المتكلفة لتناسب عمر المتسابقين، لا بد من ملاحظة&على&إطلالة المواهب الصغيرة وأناقتهم التي لم تكن حتى الأمس موفقة في الكثير من الأحيان!

في المحصلة، لا يسعنا القول إلا أن هذا البرنامج ناجح جداً جماهيرياً وذلك بفضل إبداع الطفولة التي تؤمّن استمراريته، لكنه رغم انقسام الآراء حوله يبدو قاسياً بقواعده الحالية وربما يكون مجحفاً بحق بعض المواهب التي لن تكون حياتها بعد مغادرة البرنامج كما قبلها، إلا&أن مسألة الربح والخسارة متوقعة منطقياً في أي مسابقة، ومن المفترض أن يتفهمها ذوو المواهب والمشاهدين، لكن، هل سيفهمها الصغار؟!

&