إيلاف من القاهرة: لم يكن فيلم "الماء والخضرة والوجه الحسن" على قدر التوقعات التي تُبشر بفيلم سينمائي يحمل إسم المخرج القدير يسري نصر الله الذي شارك آخر أفلامه "بعد الموقعة" في مهرجان كان السينمائي الدولي معيداً السينما المصرية لهذا المهرجان الشهير بعد غيابٍ دام لسنوات.

في التفاصيل
تدور أحداث الفيلم في قرية تابعة لمدينة بلقاس بالدقهلية حول عائلة احترفت الطبخ لسنواتٍ طويلة، وتكون مسؤولة عن تنظيم الولائم للأسر في المناسبات بفريقٍ كبير من الرجال والسيدات. 

ويجسِّد دور الأب في هذه العائلة علاء زينهم وتلعب دور شقيقته إنعام سالوسة، بينما يُجسِّد باسم سمرة وأحمد داود شخصية الشقيقين الأول يحب مهنته ويخلص لها ويحاول عمه تزويجه ابنته منة شلبي الفتاة البسيطة الجميلة لكنها لا تحبه، بينما الثاني يحب النساء ويدخل في علاقات غرامية لا تتوقف إلى أن تعترف الفتاة باسمة بأنها لا تحبه بل تحب شقيقه، وذلك بعد تأكدها من أنه لا يريد الإرتباط بها.

أما سمرة، فيتعلق بالهانم شادية عبد الباري التي تُجسِّد دورها ليلى علوي السيدة الجميلة التي تزوجت من فريد أبو رية الشاب الإنتهازي الذي يلعب دوره محمد فراج. لكنهما يسافران إلى دبي ليعود هو منفصلاً عنها وتاركاً ابنهما برفقتها. لكن هذا الطفل يموت بسبب المرض، فتعود شادية(علوي) إلى مصر، فيقع الإبن الأكبر للطبّاخ في غرامها، بينما تبدأ غيرة نسائية من جانب زوجة أبو رية الجديدة التي تلعب دورها صابرين، وهي سيدة ثرية تتحكم فيه وتحاول إقناعه باستمرار بالسيطرة على القرية، فترشحه لانتخابات مجلس الشعب وتجعله على صلة بجميع المسؤولين، حتى يحاول السيطرة على عائلة الطباخ بشراء المكان الذي يعملون فيه تمهيداً لهدمه وإعادة بنائه ليكون مصنعاً يوفر الوجبات الجاهزة ويحاول الضغط على الوالد عن طريق نجله الأصغر.


في الملاحظات
يمكن القول أنه في الحبكة الدرامية ظهر الكثير من السرد والأحداث التي كان يمكن للمخرج "نصر الله" حذفها، مثل قصة فاتن شقيقة فريد التي تتزوج عرفياً من زميلها في الكلية المدعو عاشور. حيث أن قصتهما دخلت في منحنيات عدة، بعضها مصادفات لم تكن مبررة بالشكل الكافي مثل سرقة محفظة الزوج في نفس يوم الزواج، ومساومته عليها مع السارقين من أجل إدخال مخدرات للجامعة وخداعه لهم حتى يحصل على الورقة. فقد جاء مشهد الإشتباك بين عاشور والعميل في الجامعة ضعيف الأداء وغير منطقي، فضلاً عن واقعة تصويره في منطقة زراعية التي ظهرت بوضوح على أنها خارج حرم الجامعة.

أدوار ضعيفة
من جهةٍ أخرى، لم تكن صابرين التي كُتِبَ اسمها كضيفة شرف على الشارة بنهاية الفيلم موفقة في اختيار عودتها للسينما. وذلك لأنها قدمت دوراً في غاية البساطة يمكن لأي ممثلة أخرى تقديمه. بمعنى أنه لا يحتاج لموهبتها، والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على دور الفنانة منة شلبي التي جاء دورها أضعف بكثير من تجربتها الأخيرة بفيلم "نوارة" الذي عُرِضَ قبل شهوٍر قليلة، بينما تفرّدت "علوي" بالتميّز بدورها في هذا العمل الذي عرف المخرج كيف يستخدم فيه رشاقتها وجمالها، لتقدم شخصية تناسب جمال وروح الشباب التي تحملهما بطبيعتها.

بطولة
وفي حديث البطولة، فقد تميّز باسم سمرة بدوره في هذا العمل محققاً واحد من أفضل أدواره البعيدة عن السينما التجارية البحتة التي ظهر فيها بكثافة مؤخراً. فيما قدّم أحمد داود ومحمد فراج تجارب جيدة تحسب لهما كإضافة على رصيدهما الفني. بينما كان البطل الحقيقي للفيلم الفنان القدير علاء زينهم الذي قدم عدة مشاهد محورية بالأحداث.

بصمات السبكي
في المحصلة، يمكن التأكيد على أن هذا الفيلم هو أضعف الأعمال التي قدّمها المخرج القدير يسري نصر الله، علماً أن لمسات المنتج أحمد السبكي موجودة بقوة في الأحداث، الأمر الذي يمكن تفسيره في الأغنية الشعبية التي قدمها محمود الليثي كاملةً في الفيلم، بالإضافة إلى ظهور راقصة على غرار غالبية أعمال "السبكي".

والجدير بالذكر، هو أن "إيلاف" صادف وسألت "مخرج العمل" خلال العرض الخاص للفيلم عن سبب تراجعه عن تغيير الملصق الدعائي للعمل رغم تصريحه عبر صفحته الخاصةعلى "فيسبوك" بأن هناك ملصق إعلاني جديد سيُنشَر بدلاً عنه، وذلك لأن النسخة المنشورة في الصالات كانت قد تعرضت لانتقاداتٍ حادة، فأجاب مؤكداً على عدم رضاه ورغبته بتغييره، لكن الزحمة قد منعته من إضافة المزيد من التفاصيل، إلا أنه من الواضح أن "نصرالله" الذي قدّم أول أعماله مع "السبكي" كان قد وافق على أمور لم يكن راضياً عنها، حتى يخرج العمل للنور، رغم أنه اشتهر بدقته وحرصه على تنفيذ كافة التفاصيل بالطريقة التي يريدها بجميع أعماله.