"إيلاف" من القاهرة: شهدت الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي ندوة بعنوان "نتفليكس ومستقبل التوزيع السينمائي" أدارها الناقد أسامة عبد الفتاح، ورصدت ظاهرة تنامي الإتجاه إلى عرض الأفلام منزلياً عن طريق الإنترنت، وتشغيل خدمات "نتفليكس" في مصر والعالم العربي. والإنعكاسات الايجابية والسلبية للظاهرة على تطورات الإنتاج والتوزيع والعرض العالمية، وبالأخص صناعة السينما في المنطقة العربية، وما يُثار حول زيادة إيرادات الأفلام الأجنبية مقارنة بالأفلام العربية، والأهم احتمالية تأثيرها السلبي على عادة الذهاب إلى صالات العرض السينمائي.



شارك في الندوة المخرج الأردني محمود المساد، الناقد اللبناني محمد رضا، المنتج والسيناريست المصري محمد حفظي والمنتج المصري عمرو قورة، الذي بدأ الحديث بالتنويه إلى دور شبكة "نتفليكس" في إتاحة فرصة الترفيه للمشاهد، بحيث أصبح بمقدوره الاستمتاع بالأفلام في الوقت الذي يريده، والمكان الذي يناسبه، وبالطريقة التي تلائمه، وهو أمر طبيعي في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي اعترى العالم، ولم يعد معه مقبولاً أن تظل طريقة الفرجة، وأسلوب المشاهدة، الذي يحتم ضرورة ارتياد قاعات العرض، على حالهما القديم.


قورة
وكشف أن الشركة التي تم تدشينها منذ عشرين عامًا، تخصصت في توفير المواد الفيلمية للمشتركين من خلال الإنترنت وتخطت المائة مليون مشترك، كما استهدفت إنتاج أعمال تتناول موضوعات تهم العالم بأكمله، وليست المواضيع التقليدية التي تخص دولة بعينها، موضحًا أن الإتجاه زاد مؤخراً إلى إنتاج أفلام ذات جودة عالية؛ عبر استخدام وسائل تكنولوجية حديثة، بالإضافة إلى استخدام طرق مبتكرة للتسويق، وهو ما سينعكس بشكلٍ إيجابي على التوزيع – حسب قوله - كما سيتيح لصناع السينما المستقلة والتجريبية أن يعرضوا أعمالهم بشكلٍ أوسع، واستغلال "نتفليكس" للوصول، والتواصل، مع الجمهور بشكل أكبر.

المساد
من ناحيته اتفق المخرج الأردني محمود المساد، مع "قورة" في حديثه الأخير، مؤكداً أن السينما الشبابية، وصانعيها، هم أكبر المستفيدين من تلك الشبكة، التي ستلعب دوراً كبيراً في الترويج لأعمالهم، بدلأ من أن يصبح عرض الأفلام المستقلة، وأفلام المخرجين الشباب، مقصورة على شاشات المهرجانات، وذات فرص ضئية، ومحدودة، في المشاهدة الجماهيرية على أوسع نطاق، فضلاً عن نوعية الأفلام التي لا يتاح للجمهور رؤيتها عبر شاشات المحطات التليفزيونية العربية، كما أن الشبكة ستؤثر ايجاباً على عملية الإنتاج في الوطن الغربي، وربما تمنح المشاهدين فرصة كبرى لرؤية إنتاجات عربية متعددة .
واختتم المساد كلمته بالقول : "تلك الشبكة التي تبلغ من العمر عقدين أحدثت نقلة نوعية بالدراما العربية الجيدة؛ نظراً لأن المشاهد لن يبتاع محتوى ساذج لا يحترم عقله، وهو المعنى الذي أدركته "نتفليكس"، وسعت إلى تجنبه بالتركيز على انتقاء الأعمال ذات السوية الفنية العالية .

صبري
في السياق ذاته رفض الموزع طارق صبري القول إن انتشار ونشاط شركة "نتفليكس" سيؤثر سلباً على النشاط السينمائي التقليدي، لكنه عاد للتأكيد أن دور العرض ستتأثر بنشاطها، وهو ما يُعيد إلى الذاكرة ما جرى في أعقاب ظهورأشرطة الفيديو، في أواخر القرن الماضي، مُجدداً القول إن الشركة الأمريكية لم تنتشر بالشكل المتوقع بعد، حيث ما زالت تعمل في مصر بخمس طاقتها، ولا يختلف الحال كثيراً في المنطقة العربية، متفقاً مع الأراء التي ترى أن صنّاع السينما من الشباب هم أكثر المستفيدين من "نتفليكس".

حفظي
أما المنتج والسيناريست محمد حفظي فتطرق في حديثه إلى الصعوبة التي تواجه الشبكة؛ من حيث التأقلم مع السوق السينمائي المصري؛ منوهاً إلى أنه في حين تتماشى وتدعم السوق الدرامي، وتساعد على تحقيق الكثير من الانتشار للأعمال الدرامية، فإن الأمر يختلف في مجال صناعة السينما، التي تعاني العديد من الأزمات والتحديات؛ مثل القرصنة والتوزيع وغيرها من الأزمات المتواجدة منذ فترة ليست بالقصيرة .
وأشار إلى الأعمال العربية المعروضة عبر الشبكة فقال إنها لا تتجاوز الخمسة عروض، على رأسها الفيلمين الإماراتيين "زنزانة" و"المختارون" وفيلم آخر لبناني أمريكي، واعترف بفشل المفاوضات التي أجرتها "نتفليكس" معه في ما يتعلق بعرض أفلام شركته، بعد ما أرادت أن تحصل على أحقية العرض شريطة ألا يتم طرح المصنّف عبر أية قناة أخرى إلا بعد 4 سنوات، وهو ما رآه أمرًا مستحيلاً، وصعب التنفيذ، كونه سيؤثر على العائدات الإجمالية للفيلم، مشيرًا إلى أنه تجربته مع شركة "نتفليكس" قادته إلى قناعة بأن المصنف المصري هو الأعلى سعراً من بين المصنّفات الفنية العربية على تلك الشبكة.

رضا
نقطة أخرى تطرق لها الناقد اللبناني محمد رضا عندما كشف أن "تدخل الشبكة الأمريكية في تفاصيل العمل، وطرح الأعمال السينمائية على شبكة الانترنت سيؤثر على نظرة المشاهد للسينما"؛ مشيرًا إلى أن تدخلها سيقلل من حرية المخرج والمبدع، كما أن نظرة المشاهد للسينما ستتأثر سلباً، وأعاد القول إن مشاهدة العمل داخل دور العرض السينمائية له مذاق خاص وطابع متفرد؛ كون السينما ليست فعل فردي بل هي فعل جماعي، وشدد على أن الاقبال على الاعمال التي تعرضها الشبكة في المنازل سينعكس بشكلٍ سلبي للغاية على السينما، التي ستتأثر بشكل ما، وستتراجع إيراداتها مما سيؤدي إلى تدهور انتاجها .