"إيلاف- المغرب" من الرباط: أدت الفنانة المغربية ليلى الرحموني أخيراً بفضاء "نظر" في الدار البيضاء، عرضها المسرحي "سيستم إكس" وهو من إعداد وتأليف الفنان المغربي المقيم بالأرجنتين طارق الرياحي، و انتاج جمعية الفيني، و ناقش العرض الحريات الدينية، الجنسية، الإجتماعية، والسياسية. كما ناقش عدة تابوهات خاصة الختان، والاغتصاب، والمساواة، والثورة الفكرية، والكرامة ،و غيرها. 

واستطاعت "الرحموني" برفقة مجموعة من الفنانين الشباب مثل محمد ريان، سلمى الخروطي، هند فاطمي واسماعيل تكيطو، تقديم عمل فني متميز تمكنوا من خلاله جذب جمهور نخبوي وشبابي في شوقٍ إلى عمل يحدثهم، ويثير مواضيع تؤرقهم.

تابوهات محظورة
و في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، قال الفنان طارق الرياحي ان عرض "سيستم إكس" يناقش محظورات و تابوهات مجتمعية قد يعتبر البعض أن التطرق اليها صادم أو قاس. مضيفاً انه "عند الدخول الى عالم العرض يتم استقبال الجمهور في عالم مظلم تعلو فيه آهات قبلية للهنود الحمر ذات الطابع الروحي. فيتوجب عليه قراءة التعليمات التي لا تسمح بالجلوس أو الكلام أو التفاعل مع أي جانب من العرض.
الفضاء عبارة عن كيس كبير من القماش تراكمت عليه تلال صغيرة من الفحم و أجساد كستها ثيابا سوداء كلياً لا تمتلك سوى فتحة صغيرة لعين واحدة. خمسة أجساد مريضة تقوم بنفس الأفعال. أفعال مزدوجة و تكرارية تتلاشى وتصبح مخفية مع مرور الزمن و شدة التعب". 

عرض فوق حطام الفحم
ويقول الرياحي في معرض حديثه عن العرض: "تتوسط ليلى الرحموني الفضاء فوق حطام الفحم بنفس الملابس السوداء محاولة قراءة النصوص الأربعين من كتاب أسود ومن خلال مذياع صعب الوصول إليه. هي لا تقوم بالقراءة بل توجه الكلام رصاصاً و صرخات تطالب بالحرية مجسدة بأداءها المواضيع كحالات ناطقة". 

ويضيف قائلا "إضاءة الستروبوسكوب المستمرة، دقات الثواني، صوت الفحم و رائحته، حركات و أفعال الأجساد السوداء المتكررة، وكلامها، هذه المعاني والرموز المستغلقة، يتماشى ماؤها الداخلي بوضوح مع ما قرأته ليلى من كتابها الأسود". 

ويرى "الرياحي" أنه وبالرغم من تعب الجمهور واقفاً كانت علامات متابعة العرض بشغف بادية عليه، كل هذا جعل من الجمهور جزءاً من العمل إذ شارك الفنانين ألمهم، وتحمل على عاتقه ليس فقط أكياس الفحم الثقيلة كتلك الأجساد المجهولة الهوية بل هم مسؤوليته في نقاش المواضيع الحسّاسة.

ألم الجسد
ويقول الرياحي أنه لا علاقة للألم الجسدي الذي يختبره الفنانون في العرض بالألم النفسي الوجودي الذي يمرّ به الفنان بسبب حساسيته وكيانه المرهف في بحثه عن طريقه في الحياة، وطريقته في الشعور بالآخرين. مشيراً إلى أن هذا العالم الأسود المتأجج بين الخنوع والثورة الذي يحتوي الجمهور طيلة ساعة ونصف ساعة ينتهي بصمتٍ رهيب.

خارج عن دور الثقافة المتساقطة
وحول عالم "البيرفورمانس" (فن الأداء) يقول صاحب العرض أنه "بالرغم من اهتزاز البنية التحتية الثقافية ببلادنا، وهو ما يتجلى في تراجع دور الدولة في إنتاج ثقافة، وتراجع ديناميكية العاملين من مثقفين وفنانين في إنتاج الأشكال الجديدة التي تتماشى مع التطورات التي يشهدها المجتمع بطريقةٍ ترقى إلى خلق حوار فكري يساهم في تطوير الفكر والثقافة. فإننا شهدنا عملاً فنياً خارجاً عن ممرات وخشبات المسارح ودور الثقافة المتساقطة". 

عالم البيرفورمانس
الجدير بالذكر هو أن فن البرفورمانس أو ما يسمى بـ"فن الأداء" هو عالم يُعتبر شبه مجهول بالنسبة للجمهور المغربي أو العربي إجمالاً. هذا الفن يعتمد على الجسد الحاضر. أي الجسد الحقيقي للفنان الذي يؤدي العمل الفني بشخصه بلا قناع الشخصية المسرحية، وذلك في حوارٍ فني و ثقافي مباشر يجعل الجمهور شاهداً و طرفاً من أطراف الفعل الفني.