"إيلاف" من القاهرة: قصة حب عجيبة يعيشها الشاب علي داخل حارة مصرية، فيما ينطلق برحلة داخل مصر بتوصية من معالج روحاني برفقة صديقة إبراهيم، لتنكشف الحقيقة في النهاية، هذه القصة الغريبة يستعرضها سيناريو وأحداث فيلم علي معزة وإبراهيم الذي استقبلته دور العرض المصرية بعد عرضه الخاص ودعم النجوم اللافت له عبر تصريحاتهم وتدويناتهم على مواقع التواصل الإجتماعي.

ويعيش الشاب علي في إحدى حارات القاهرة الفقيرة ويحب معزة تُدعى ندى، والذي يعتقد أن روح خطيبته تجسدت فيها، ووفيما يصدقه فقط صديقه كاماتا سائق الميكروباص الذي يدعمه ويرعاه، تحاول نوسة والدته التفريق بينه وبين ندى بكل الطرق. سواء باللجوء للأطباء النفسيين أو الدجالين والمشعوذين، باعتبار أنه لا يمكن لعلاقة حب أن تنشأ بين البشر والحيوانات.

أصوات إبراهيم
على الجانب الآخر يعيش الشاب إبراهيم مع جده عازف العود الأصم، حيث يعمل في استديو لتسجيل الأغاني الشعبية ويعاني من سماعه لأصوات داخل عقله عانى منها جده ووالدته وتسببت في انتحارها بينما تسبب الجد في إصابة نفسه بالصمم، ورغم موهبته الموسيقية وتميّز عمله فإن الأصوات التي يحاول طوال الوقت تسجيلها لإثبات أنه ليس مجنوناً، تُفسِد حياته وتؤدي إلى فقدانه لعمله في الاستديو، رغم علاقته القوية بجده التي تحتوي على الكثير من المشاعر والحب الذي يكنه الحفيد لجده الوحيد الذي يشعر بحجم مأساته ويحاول بكل الطرق التخفيف عنه.

ويتلاقي مسار علي وإبراهيم لدى أحد الدجالين بعدما تجبر نوسة ابنها على الذهاب إليه لإيجاد حلّ لمشكلته، فيما يذهب إبراهيم كمحاولة أخيرة يائسة لإيجاد حل لتلك الأصوات التي هدمت حياته، وبعد جلسة سريعة لكل منهما مع الدجال يخبرهما فيها أن هناك عمل سفلي مرصود لكل واحد منهما ويمنحهما كيساً به 3 أحجار، وعليهما إلقاء كل حجر منهم في مسطحات مصر المائية الثلاثة؛ البحر الأبيض، البحر الأحمر ونهر النيل. 

إنطلاق الرحلة
وينطلق الشابان لعلاج مشكلتيهما مع المعزة في رحلةٍ طويلة تبدأ بالأسكندرية، حيث يتعرف كل منهما على الآخر، ويبدأ كل طرف في طرح تساؤلات عن حياة رفيقه ومعاناته، ويستكشفان معاً سر المعزة والأصوات.

ويشجع كاماتا صديقه على السفر خوفاً عليه من تهديد مجموعة الشباب كانوا يحاولون اغتصاب فتاة الليل صباح، قبل أن يقوم إبراهيم وكاماتا بإنقاذها منهم، حيث بدأ هؤلاء الشباب في التجول بالمنطقة للانتقام منهم، وفي نفس الوقت يبدي كاماتا إعجابه بصباح ويخبرها أنه قرر الزواج منها رغم ماضيها، لكن بشرط أن تتوقف عن ذلك العمل، فتزداد العلاقات بين علي وإبراهيم قوة، بينما هما على الطريق، خاصةً بعد مرورهما بعدة حوادث دفعت كل منهما لاكتشاف خفايا الآخر، فيبدأ إبراهيم في تقبل فكرة أن جسد ندى يحتوي شخصية حقيقة وليست مجرد معزة.

ويتغير مسار الأحداث أثناء تواجدهما في سيناء، بعد محاولة إبراهيم للقيام بالإنتحار لشعوره بالعجز أمام الأصوات التي قضت على آخر آماله في التمتع بحياة طبيعية، تاركاً رسالة وداع لـ"علي"، لكنه يفشل في الإنتحار، ويأتيهم بعدها خبر وفاة جده إبراهيم. فيعود المسافرون إلى الحارة لإقامة العزاء، وأثناء تجول علي مع ندى في المنطقة يهاجمه مجموعة الشباب الذين كانوا يبحثون عنه وعن كاماتا، ويهددونه بذبح ندى ما لم يحضر لهم مبلغاً ضخماً لا يملكه، مستغلين عدم تواجد شباب الحارة بالقرب منه، ليلجأ إلى إبراهيم الذي يكتشف طريقة لاستخدام الأصوات الغامضة لمواجهة هؤلاء الشباب لإنقاذ علي وندى منهم. لكن في خضم الأحداث تختفي ندى بشكلٍ غامض بعدما يفقد علي وعيه، وفي نفس الوقت ينتاب كل من له علاقة بـ"علي" حلم تظهر فيه ندى لتخبرهم بسرها، ليتوحد أهالي الحارة في البحث عنها بعدما كانوا رافضين لفكرة حب علي لها، فيما تنتشر الملصقات التي تحمل صورة واسم ندى في كل مكان. وينتهي الفيلم بإلقاء علي وإبراهيم أخر حجر من الأحجار الثلاثة في النيل. 


قصة أقرب للخيال من الواقع
الحجر المحوري في القصة الذي يقدم المعاناة الأسطورية لكل من علي وإبراهيم، من خلال قصة سحرية يتشابك فيها الواقع والخيال من خلال رحلتهما لطرح الأحجار الثلاثة في مسطحات مصر المائية.

وعلي هو الشاب الذي يفقد حبيبته فجأة ما يتسبب في صدمة عصبية لا يستطيع تجاوزها إلا بعد عثوره على معزة أطلق عليها اسم حبيبته ندى وبدأ في التعامل معها باعتبارها واقعاً حقيقياً لا بد من التعامل معه بدءاً من والدته وحتى أهل الحارة التي يصعب عليهم تقبُل الفكرة ويعتبرونه أصيبَ بالجنون، فيطلق عليه أهل الحارة إسم علي معزة بعدما يُشاهدونه في أنحاء المنطقة متجولاً بالمعزة التي يجلب لها الهدايا، فيما تحاول والدته إنهاء تلك العلاقة باعتبارها جنون. لكنه يتمسك بها ويعتمد على تقبل صديقه كاماتا للفكرة ليساعده في العناية بـ"ندى". ويصر على أنه غير مجنون وكل ما في الأمر أنه يؤمن بأن روح حبيبته تجسدت في المعزة وهو متقبل لها في أي صورة طالما ستظل معه.

ويقدِّم الممثل أحمد مجدي شخصية إبراهيم الذي يعاني من سماع أصوات داخل دماغه، فقد شعر بالحماس للفكرة وأعمال المخرج شريف البنداري السابقة وكان يفكر في العمل معه، ويرى مجدي أن الفيلم خارج نطاق الزمان لذا حرص على معرفة رؤية شريف البنداري لكيفية المقاربة من الشخصية ما إذا كان إبراهيم رومانسياً أم خشناً وغيرها من تفاصيل تخص الشخصية.

ربما المفاجأة في شخصية نوسة أنها ليست خيالية تماماً، بل فيها جزء واقعي بحسب الفنانة سلوى محمد علي التي كشفت عن أن المخرج شريف البنداري يعرف واحدة بنفس الشخصية ويملك صورة لها، وطلب منها القيام بشخصيتها، وهو ما يعد أصعب، خاصةً أن سلوى كان مطلوباً منها العمل في حدود الشخصية التي يراها المخرج، وتطلب الأمر الإعادة عدة مرات نظراً لأن أداء سلوى مختلف عن تصور شريف. والطريف أنها كانت تملك في صغرها معزة تحمل اسم سلوى، لذلك كان سهلاً عليها التعامل مع "ندى" التي تعتبرها ذكية وموهوبة رغم الصعوبات التي أوقعت فيها العاملين في الإنتاج بسبب طبعها.

مشاهد ندى
يُجمع المشاركون في هذا العمل على أن مشاهد ندى كانت الأصعب في الفيلم، فكون بطلة الفيلم معزة، جعل لها مواصفات خاصة حددها المخرج شريف البنداري وتتضمن شكلاً معيناً وألواناً معينة وفريدة من نوعها، وهو ما تحقق فعلاً.
ويقول المخرج أن "أصعب كاستنج كان الخاص باختيار "ندى". حيث استغرق 3 - 4 شهور في إجراء كاستنج وشاهد ما يقرب من ألفي معزة من كافة محافظات مصر ليستقر على معزة من كفر الشيخ". 

وكانت هذه هي المعزة التي توافرت فيها المواصفات المطلوبة: "أن تكون لطيفة ومحببة بمجرد رؤيتها وأن تكون فريدة ومختلفة عن الباقي بلا قرون وسنها صغير (3 شهور تقريباً) حتى يمكن حملها، والأهم أن يسهل إيجاد معزة بديلة لها على مدار التصوير الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً، وهو ما يتعارض مع كونها فريدة، وهذا جعلها الخطوة الأصعب في عملية اختيار نجوم الفيلم.

كاماتا
شخصية كاماتا سائق الميكروباص والصديق الوفي الذي يدعم صديقه علي معزة دون نظر لمدى منطقية فكرة حبه لمعزة ويحرص على الوقوف بجانبه حتى في أصعب المواقف. قدمها الفنان أسامة أبو العطا الذي يرى أن علاقة كاماتا بعلاقة أقرب إلى علاقة الأب بابنه وليست مجرد صداقة، حيث يمثل علي حالة إنسانية خاصة وكاماتا متفهم له تماماً، لذا طوال الوقت يمثل دور الحامي له في واقع غير متفهم لعلاقته بــ"ندى"، ليدعم علي من عدم التفهم المحيط به، والفضل في ذلك هو امتلاكه لأريحية إنسانية عامة تجعله أيضاً يتناسى تاريخ صباح، ويستوعبها كإنسانة دون إصدار أحكام.
السباعي
ورغم صغر دور ناهد السباعي التي لعبت شخصية نور فتاة الليل التي تعمل باسم صباح، فإنها لعبت دوراً مهماً ضمن أحداث الفيلم، خاصة أنها تمثل حالة صعب تقبلها من قبل شخصية مثل سائق الميكروباص بسبب تاريخها، لكن كاماتا ضمن حالة السحر التي تسود القصة يقع في حبها، وبسبب هذا يتقبل تاريخها وتنشأ بينهما علاقة حب يتعامل فيها معها باعتبارها فتاة جديدة بلا تاريخ مشين، ويتقبلها مثلما يتقبل حب صديقه علي لــ"ندى".

تفاصيل رحلة العمل
رحلة المخرج شريف البنداري لصنع أول فيلم طويل له لم تكن سهلة واستغرقت سنوات حتى تحولت إلى حقيقة يمكن رؤيتها على شاشة السينما. ويشير المنتج محمد حفظي إلى أن الفيلم ذو تاريخ ممتد، حيث عمل كاتب قصة إبراهيم البطوط وأحمد عامر كمخرج بالتعاون مع المنتج حسام علوان، حيث عملوا معاً لمدة عام ونصف، وعندما قرأ سيناريو الفيلم أُعجِبَ به. وبعدها قرر "علوان" إسناد إخراج الفيلم لـشريف البنداري.

البنداري
والجدير ذكره أن سيناريو العمل أعيدت كتابته 17 مرة حسب كلام المخرج الذي برر إعادة الكتابة بقوله "أنا معني جداً بفكرة سينما المؤلف أو اشتراك المخرج في الكتابة أو على الأقل وضع جزءاً من روحه في الكتابة لأنه في النهاية مشروعه. وأنا لا أعتقد أنني من المخرجين الذين يقبلون إخراج سيناريو كما هو. بل يجب أن يكون فيه من نفسي وروحي حتى يكون هناك خيط يجعلني متحمساً لحكايته".

فاروق
الإعجاب بفكرة الفيلم كانت السمة المميزة لمعظم من شاركوا في صنعه، وهو ما يؤكده مدير التصوير عمر فاروق الذي قال إنه عندما قرأ السيناريو اتضحت له كافة الجماليات الخاصة بالفيلم، خاصة أن المناظر الطبيعية كثيرة ما أعطاه متعةً بالعمل فيه لأنه اعتمد بشكل كبير على الطبيعة وحرص عمرو على استخدام مصادر الضوء الطبيعي في التصورات الخاصة بالإضاءة سواء في المناظر الداخلية أو الخارجية وربما أكثر تحدي له في الفيلم كمدير تصوير كان الحفاظ على التناغم بين الصورة والإضاءة والمشاهد المعتمدة على الإضاءة غير الطبيعية والتي اعتمد على إضاءتها كأنها في النهار.

العدل
أما الاستايلست ريم العدل فحرصت على تأكيد فكرة المزج بين الواقع والفانتازيا في الفيلم من خلال رسم شخصيات واقعية مثل صباح بتفاصيلها وتقول "أكثر ما أحبه في عملي هو الجزء الحقيقي. فعندما رسمت شخصية صباح كنت مهتمة بجعلها شخصية شعبية حقيقية وليست الصورة النمطية التي تظهر في الأفلام حيث الأساور الكثيرة أو جلابية نانسي عجرم، وحتى شخصيات علي وإبراهيم يرتدون مثل شباب الحارات والمناطق الشعبية في مصر وليس تي شيرت وفوقه قميص مفتوح كما تُظهر الأفلام، اهتممت جداً بتفاصيل كل شخصية"، وأكدت أن وثوقها في المخرج شريف البنداري وتميّزه هو ما جعلها موافقة على المشاركة لأن فكرة غريبة مثل فكرة فيلم علي معزة وإبراهيم من الصعب تقبلها من أي شخص.

ميزانية متوسطة وجوائز
ويعد الفيلم ذو ميزانية متوسطة ويشترك في إنتاجه مؤسسات وشركات من 5 دول، وهي: مصر، قطر، فرنسا، الإمارات وألمانيا. وكان من الصعب الحصول على تمويل له. خاصة أنه فيلم خارج عن المألوف وحسابات السوق ويعد مغامرة بحسب كلام المنتج محمد حفظي رغم رؤيته وجود جانب تجاري فيه. لكن نجاح الفيلم في جذب الإنتباه في المهرجانات أعطى مخرجه وفريق العمل الثقة في أنهم يسيرون بالفيلم في الإتجاه الصحيح الذي يرجونه. وبفضل فكرته المميزة، السيناريو الرائع وفريق العمل المتحمس تمكن الفيلم من الفوز بـ 3 جوائز خلال مشاركته في ورشة "فاينال كات فينسيا" التي أقيمت ضمن فعاليات "مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي" في العام 2015، حيث حصل على منحة 10 آلاف يورو من المركز الوطني للسينما والصور المتحركة (CNC) بباريس ليتم إنفاقها بمرحلة ما بعد الإنتاج في فرنسا، 10 آلاف يورو تقدمها شركة Knightworks الفرنسية للإنفاق على المؤثرات البصرية والخاصة، و10 آلاف يورو تقدمها شركة Titra TVS بباريس للإنفاق على تصحيح الألوان الرقمية وشريط DCPالخاص بالفيلم وترجمته للغة الفرنسية أو الإنكليزية. كما تم اختياره من قبل لجنة تحكيم صندوق دعم الإنتاج السينمائي في العالم للحصول على منحة دعم لإنهاء المرحلة الأخيرة له، وذلك ضمن 13 فيلماً آخر من أنحاء العالم يتم اختيارها من قبل الصندوق الذي أنشأته وزارة الخارجية الفرنسية بالتعاون مع المعهد الفرنسي لمساعدة صانعي الأفلام حول العالم في إنتاج أو إنهاء المرحلة الأخيرة من أفلامهم.
ولقد حصل الفيلم على دعم من صندوق سند لمرحلة ما بعد الإنتاج، كما نال المشروع منحة الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) في 2009، بالإضافة إلى منحة دعم تمويلي من مؤسسة الدوحة للأفلام في 2013 من بين 211 مشروعاً تقدموا للمنحة، وكذلك نال دعم من ملتقى سوق دبي السينمائي وصندوق إنجاز التابع للمهرجان الذي يستضيف عرضه العالمي الأول في ديسمبر – كانون الأول 2016.

هذا واستغرق تصوير الفيلم 5 أسابيع، نصفها تقريباً في القاهرة والأخرى في سيناء والأسكندرية إلا أن الانتهاء منه استغرق وقتاً طويلاً لأنه بدأ في مارس ثم توقف لانشغال الممثلين بمسلسلات رمضان ما اضطرهم لتأجيل التصوير إلى ما بعد عيد الفطر.