"إيلاف- المغرب" من الرباط : تخطى الشاعر الغنائي عمر التلباني، كاتب كلمات أغنية "سوق البشرية" الشهيرة لعبد الوهاب الدكالي، معاناته اليومية مع المرض بإبداعاته. فهو رغم تردده على مراكز غسيل الكلي، في مدينة الدار البيضاء، أطلق مؤخراً أول ديوان زجلي بعنوان "في محراب العيون الزرق"، من الحجم المتوسط.

ويضم هذا الإصدار الجديد باقةً من قصائده التي تتوزع بين مختلف التعبيرات الوجدانية والعاطفية والإجتماعية، في تفاعلٍ مع قضايا البيئة المحيطة به، كشاعر مرهف الإحساس، أنتج العديد من الأشعار والزجل، التي وجد الكثير منها طريقه إلى حناجر مشاهير الطرب والغناء في المغرب، أمثال الفنان عبد الوهاب الدكالي، والمطرب المعتزل عبد الهادي بلخياط، ومحمود الإدريسي وسميرة سعيد والمرحومة ماجدة عبد الوهاب التي تعرضت لحادث سير مؤلم، بعد أن غنت من كلماته وألحان الفنان محمد البشير أغنية "صغيرة على الحب".


ويعتبر التلباني من بين المواهب الأدبية والفنية التي أنجبها الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، واستطاعت أن تشكل إضافة نوعية إلى الرصيد الإبداعي والفني على مدى سنوات من العطاء.
وجاء في مقدمة الديوان بقلم بوشعيب فقار: "إن قدر أبناء الحي المحمدي من مبدعين وشعراء وكتاب وفنانين، من مختلف الأجناس الفنية، أن يسخروا كل ما يملكون من جهد، وكل ما يستطيعون حمله من معاناة ومكابدة من أجل إسعاد الآخرين، دون أن ينتظروا يدا تمتد إليهم،أو اعترافاً بجميل لهم إلا القليل منهم".
و جاءت هذه التلميحات من طرف "فقار" في سياق الحديث عن وضع الشاعر"التلباني"، الذي نالت قصائده الغنائية شهرةً كبيرة على المستوى الوطني والعربي. وفاز بعض المطربين المغاربة الذين غنوها بجوائز متميزة، مثل أغنية "سوق البشرية" لعبد الوهاب الدكالي في المهرجان الدولي للأغنية بالقاهرة، بفضل كلماته الرقيقة المجنحة في عوالم الخيال.
وأضاف كاتب مقدمة الديوان أن ما يحز في النفوس، وتشقى به الضمائر، هو تغييب هذا الشاعر من مختلف المحافل، "واغتنام طيبوبته اللامتناهية دون الإعتراف بما أسداه"، مذكرا بأنه طرح هذا الموضوع مع أحد المطربين الذين تغنوا بكلماته، معاتبا له، ومن خلاله لغيره من الفنانين، مذكرا إياه "بأن لاقيمة للإبداع إن لم تصاحبه قيم مثلى، وأخلاق عالية، أقلها الوفاء للذين ساعدوه على بناء شهرته".


و فضل "فقار" أن يضع للديوان عنوان "في المحراب"، إيماناً منه بأن المبدع التلباني، رغم أنه مارس وظيفةً إدارية إلى أن أُحيل على التقاعد، ظل خلال أوقات تأملاته يعيش في محراب الإبداع الشعري، بمختلف ألوانه الجمالية، التي عبّر عنها بديوان "العيون الزرق" الذي سيجد القارئ في صفحاته من أوله إلى آخره أنماطاً متعددة من الحب الصادق للناس، وللطبيعة، للوطن وللأمة، للقضايا العادلة ولكل القيم الجميلة التي يعيش الإنسان الحق من أجلها.

تجدر الاشارة الى أن هذا الديوان صدر عن مطبعة التيسير في الدار البيضاء بدعمٍ خاص من بوشعيب فقار، وإشراف ومواكبة الطبع من طرف الكاتب المسرحي المسكيني الصغير، فيما أنجز لوحة الغلاف الفنان عبد القادر الأعرج.