"إيلاف" من الرياض: ترقب السعوديون بحماس شديد عرض المسلسل السعودي العاصوف. وهو العمل الذي أثار جدلاً كبيراً منذ أول عرض دعائي له وكان يُفترض إطلاقه في أبريل من العام 2017 ، لكن تم تأجيله لظروف غامضة. 
ويعتبر هذا المسلسل بمثابة العمل الملحمي. كُتبَ منه ثلاثة أجزاء وكان المفترض إكمال خمسة أجزاء لولا رحيل مؤلفه الكاتب عبدالرحمن الوابلي
ويحمل المسلسل الكثير من القضايا التي عاصرها المجتمع السعودي منذ حقبة السبعينيات أي ماقبل الطفرة. والتي تُسلّط الضوء على حياة السعوديين في تلك الفترة من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية والدينية.
قبل عدة سنوات، كان مقرراً أن يُطلَق على المسلسل اسم "العاصوف" في بدايات التحضير له. حيث كان مقترحاً تسميته "بيوت من تراب". لكن بعد ذلك، تم بناء مدينة كاملة في عجمان في الإمارات لتصوير المسلسل وهو من إخراج الفلسطيني الشهير المثنى الصبح المعروف بخبرته في المسلسلات التاريخية . 

القصبي ..هم تنويري مجتمعي 
قد تكون المرة الأولى التي يظهر فيها ناصر القصبي في رمضان بدورٍ درامي. خاصة ًوهو الممثل الذي عرف بأداء أدواره التمثيلية الكوميدية منذ الثمانينات الميلادية. ومن ثم بدء عرض مشروعه الشهير مع رفيق دربه عبدالله السدحان "طاش ماطاش" سنة 94 حتى توقف في العام 2012 . 
وعُرفَ بجرأته في الأدوار. فهو الممثل الذي اعتاد المشي على حقل الألغام . خاصةً في نقده للأمور الإجتماعية والدينية، ونقده لرجال الدين صراحة. وتعرض بنتيجة ذلك لأقسى هجوم من التيار الديني وصل لإصدار فتوى تجاهه من هيئة كبار العلماء في السعودية. هذه الضغوطات ربما أثرت ً في القصبي وأدت لمغادرته للرياض، لكنها قطعا ً لم تؤثر عليه لترك مشروعه الفني وهمه المجتمعي. فواصل عمله بعد طاش بمسلسل "سيلفي" عبر أكثر من جزء حتى بدأ مشروعه الحالي مسلسل العاصوف .

 

الوابلي نقطة التحول في الدراما السعودية 
ولقد كتب "القصبي" تغريدة مؤثرة عبر حسابه الخاص على "تويتر" عبّر فيها عن افتقاده لكاتب العمل عبد الرحمن الوابلي الذي توفي منذ سنتين قبل أن يبصر العمل النور. وجاء في مدونته: "‏غداً العاصوف أشعر بمرارة الفقد في الصديق الراحل د.عبدالرحمن الوابلي. كان في اجتماعاتنا في بيتي في الرياض أو دبي ، دائماً متطلعاً ومتلهفاً لهذا اليوم، ولكنه رحل لرب كريم. مازلت في وجداني يا أباجهاد وستظل في وجدان السعوديين محفوراً أسمك بماء الذهب. نم قرير العين ياصديقي .. سأكمل المشوار".

في الواقع، نحن نعيش اليوم في مرحلة ما بعد عبدالرحمن الوابلي في الدراما السعودية. فهو أول من اهتم وكتب ونقد في الدراما التلفزيونية عن التشدد والتزمت الديني. ولقد مُنعَت عدة حلقات له من العرض بسلطة الرقابة. لكنه استمر على نهجه ونقده وجرأته في الطرح. حيث ألف العديد من الحلقات لمسلسل طاش وغيرها. وعرفت مؤلفاته بأنها تحرك المياه الراكدة. 

والمؤسف أنه كان يحلم بإطلاق مسلسل العاصوف الذي طرح فيه خلاصة تجربته، وأرّخ فيه حياة المجتمع السعودي لعدة أجيال. لكن، القدر لم يمهله ليشاهد حلمه يتمثل أمامه رغم أن الكثير من السعوديين يشاركون "القصبي" رأيه بقوله عنه: "ستظل في وجدان السعوديين محفورا ً اسمك بماء الذهب".