حذر أطباء من الكلية الملكية في لندن من أن النساء اللاتي تعرضن للإجهاض أثناء الحمل يواجهن خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

وظهرت أعراض اضطراب ما بعد الصدمة على ثلث السيدات اللاتي فقدن الأجنة في مراحل الحمل المبكرة. ويصنف هذا المرض بأنه مرض نفسي يتسبب في اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله والى تشكل أحاسيس العجز لديه.

وينتج جراء تعرض حياة الشخص أو مقربين منه لحادث كارثي أو اكثر وتهديد للحياة، وتظهر الأعراض النفسية والجسدية في غضون نصف عام بعد الحدث الصادم. وتصف نيكول مارتن، التي أجهض حملها ثلاث مرات في السنة، "الأيام السوداء" التي عاشتها.

وتقول "الجميع يعتقد أنك حصلت بالفعل على الطفل لذا فإن الأمر أسهل. في الكثير من النواحي إنه أسهل بالتأكيد من عدم وجود طفل، ولكنني أردت طفلا آخر لمصلحة طفلي الحالي".

وبدأت نيكول وزوجها بن، محاولات إنجاب طفلهما الثاني بعد طفلتهما الأولى إيفا. وكانت تدرك تماما مخاطر العملية نظرا لأن عمرها 38 عاما.

أمر رهيب

نيكول وزوجها وطفلاهما.

نيكول أنجبت طفلها جوزيف بعد تخطيها حاجز الأربعين عاما ومازالت تشعر بالقلق على عائلاتها ومستقبلها.

وتضيف "استغرقت وقتا طويلا للحمل، وبعد ذلك شعرت بالقلق جدا لأن الكثير من صديقاتي تعرضن للإجهاض مرة واحدة على الأقل".

وكانت حاملا في توأم، لكن الجنينين توفيا، واحد بعد خمسة أسابيع والثاني بعد سبعة أسابيع على بدء الحمل، وخضعت نيكول لعملية جراحية تحت التخدير الكامل لعلاج الإجهاض.

وعلى الرغم من الصدمة المروعة إلا أنها وزوجها أصرا على محاولة الإنجاب مرة أخرى. وبعد ذلك بشهرين، حملت نيكول، ولكن حملها أجهض أيضا بعد سبعة أسابيع.

وكانت حالتها سيئة للغاية لأن الأطباء أخبروها بضرورة الإجهاض لأنه لا يوجد نبض لدى الجنين، واعطوها أقراصا وطلبوا منها الذهاب للمنزل وانتظار الإجهاض.

وتعبر عن صدمتها بقولها "إنه أمر سيء للغاية، إنه طفلك ويطلب منك أن تتخلصي منه، إنه أمر رهيب". وبعد عدة أشهر وقع الإجهاض الثالث، الأمر الذي سبب معاناة نفسية هائلة.

وتقول "كنت في حالة من الفوضى، في كل مكان أذهب إليه يحاصرني سؤال، متى ستنجبين طفلا آخر؟، رغم أنها لم تسأل أحدا من قبل عن هذا الأمر".

سيدة حامل

اضطراب ما بعد الصدمة يصنف بأنه مرض نفسي يتسبب في اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله والى تشكل أحاسيس العجز لديه. وتوضح أنها فقدت الأمل تماما، واتصلت بمستشارها الطبي وطلبت نصيحته لتخطي الموقف، "كنت أريد فقط أن يخبرني الطبيب أن استسلم لأنني لن أنجب مرة أخرى".

لكن الطبيب أكد لها إمكانية الحمل مرة أخرى وطلب منها الاستمرار في المحاولة.

وهو ما حدث بالفعل بعد شهرين من احتفالها بعيد ميلادها الأربعين، وحملت في طفلها الثاني جوزيف، والذي يبلغ عامين الآن. وأعربت نيكول عن استمرار قلقها كثيرا والحصول على علاج سلوكي معرفي لمساعدتها في التعامل مع حياتها.

وكشفت عن أن سبب قلقها هو الشعور بأن شيئا ما سيحدث يفسد حياة عائلتها الجميلة التي كافحت لبنائها.

اختبارات مشاعر

وتقول الدكتورة جيسيكا فارن برايس، التي أجرت دراسة لموقع بي إم جي أوبن الطبي، على 90 سيدة لخوفهن من الإجهاض أو الحمل خارج الرحم، إن عددا قليلا فقط تعرض لاضطراب ما بعد الصدمة الكامل، لكن الكثيرات عانين مستويات قلق معتدلة أو حادة.

وحتى بعد الحمل الصحي يجري مسح لجميع النساء خوفا من التعرض للاكتئاب خلال الستة أسابيع الأولى، ولكن بعد الإجهاض لا توجد أية اختبارات عاطفية روتينية. ومن جانبها تدرس الدكتورة فارن برايس وزملاؤها المزيد من النساء لمعرفة ما اذا كان يمكنهم تحديد السيدات العرضة للخطر وبحاجة لدعم.

وقالت "هناك بعض المؤسسات الخيرية جيدة ومنظمات يمكن أن تقدم المشورة، والطبيب المعالج هو أفضل شخص للبداية إذا كنتي تريدين بعض المساعدة والدعم".