انطلاقا من وصية عائلية ابتداء ، واهتماما بالتعليم والتعلم انتهاء ، كرًست امرأة سعودية حياتها لتبنى ودعم ورعاية الطلاب الأذكياء من ذوي الدخل المحدود، حيث أنشأت أول مبادرة مجتمعية بالسعودية متخصصة في تقديم المنح الدراسية لطلاب الصف الابتدائي وهو عكس السائد، حيث تتوفر المنح غالبا للدراسة الجامعية، إلا إن سلافة بترجي ، المدير التنفيذي لمبادرة "دروب" التعليمة ، ترى إن الاستثمار في الأعمار الصغيرة لاسيما من الرابع الابتدائي، يكون أعمق أثرا وتأثيرا من غيره

تقول سلافة بترجي ، في حديثها لـ "إيلاف" إن البداية كانت مع وصية جدها المتوفى منذ 20 عاما ، والذي أوصاها بالاهتمام لرعاية ودعم الطلاب الأذكياء من ذوي الدخل المحدود ، والحرص على بذل كل ما في وسعها للبحث عنهم والتكفل بنفقات دراستهم ، فضلا عن رعايتهم وتنمية مقدراتهم ، وذلك لكي يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع ، حيث أوقف لها هذا العمل صندوقا خيريا يذهب رعيه لتغطية نفقات الطلاب الذين ينجحون في اجتياز الاختبار، حيث تقوم المبادرة سنويا بقبول عشرات الطلاب، وتوفر لهم تغطية التكاليف الدراسية و رعاية خاصة تستمر 9 سنوات 
برنامج "دروب"
وحول أسباب اختيار المبادرة للأطفال الأذكياء فقط ، تقول سلافه إن في كل مجتمع تتواجد نسبة ذكاء اعلى من المتوسط بين الطلاب ، وهم ممن يتميزون بالفضول الزائد و الذاكرة القوية و النضوج في الفهم، مشيرة انه لا يعني بالضرورة أن يكون هؤلاء الطلاب الأكثر تفوّقا بين أقرانهم في المدرسة بل على العكس، بعضهم يمضي دون أن يَتَنبّه إليه أحد، و هو الخطر الذي يتهدد هذا الصنف من الأطفال، والحل يتمثل في مبدأ الفرز و الممايزة، و توفير تعليم يتناسب مع احتياجاتهم الفردية وهو ما يقوم به برنامج "دروب" للمنح الدراسية 

ووفي حديثها عن المبادرة ، قالت سلافة بأن مبادرة دروب تتبنى تنمية الذكاء العلمي لطلاب الدراسيين ضمن المنحة عبر برنامج تعليمي ذاتي، قائم على التعلًم المبني على إعمال العقل، مشيرة إن الطلاب يدرسون مواد الثانوية كالفيزياء والكيمياء، من خلال طرق توظًف قدراتهم ومهاراتهم النمائية عبر أساليب ممتعة وسهلة وجذابة للطفل ، وهي تتفق مع التوجه العلمي و القاعدة التي تقول بأن الكفاءة لن تظهر إلا إذا تم خلق بيئة مناسبة لها" 
و أوضحت سلافة إن منح دروب ، هي منح دراسية تفتح أبوابها سنويا ومتاحة لجميع الطلاب من جميع الجنسيات من فئة أعمار من 8 إلى 10 سنة ، حيث بإمكانهم التقديم على المنح عبر الدخول إلى موقع "دروب" الرسمي 

المنح تكتشف القدرات
و تشير سلافه ، إن الإعلان عن المنح السنوية الهدف منه اكتشاف قدرات الأبناء لاسيما إن أولياء الأمور نادرا ما يستشعرون بوجود نبوغ أو قدرات ذكاء خاصة في أبنائهم، وبالتالي لا تأخذ هذه القدرات والملكات حظها من التطوير والرعاية، ولذاك نحن ندعوا أولياء الأمور سنويا لاكتشاف مواهب وقدرات أبنائهم ، وذلك عبر التقديم على برنامج المنح الدراسية ، سيما إن أولياء الأمور لن يخسروا شيئا فإذا اجتاز أبنائهم الاختبارات حصلوا على المنحة ، وان لم يجتازوا تعرفوا بشكل مباشر على الجوانب التي تحتاج إلى تعزيز في أبنائهم ، وقالت سلافة إن منح دروب تعمل على تمَليك الطالب مهارات القرن الحادي والعشرين عبر برامج تدريبية في شتى التخصصات الإنسانية، والتي من شأنها أن تهيئ الطالب لان يكون أنسانا قياديا ناجحا ، سيما إن الدراسات العلمية أثبتت أن التفوق العلمي، ليس المقياس الوحيد في نجاح الإنسان، فالمتفوق قد يكون عاجزا عن إدارة حياته الخاصة على نحو سليم

وحول هموم التعليم ، شددت سلافة بترجي على أهمية تسليح الطلاب بمهارات القرن الـ21 منذ الصغر، محذرة من أنه من دون ذلك سيكون هناك خريجون عاطلون لا تتطابق مؤهلاتهم مع حاجات سوق العمل، مؤكدة ضرورة تفعيل المدارس لعملية تكامل العلوم المدرسية مع حاجات المجتمع، وتعليم الطالب كيف يستخدم هذا العلم، وليس فقط كيفية الحصول عليه، وقالت إن في عالم التعليم اليوم، يدور النقاش حول كيفية تهيئة طلابنا لوظائف غير موجودة، ولا نعلم عنها حتى الآن، فالحاجات الحالية والمستقبلية ومتطلبات العصر مختلفة تماماً عن الماضي، ولكي نضمن لأبنائنا استعدادهم لهذه الوظائف، هناك حاجة ماسة بأن نسلحهم بمهارات القرن الواحد والعشرين

وأشارت بترجي إلى أن المدارس ما زالت تقدم علوماً أساسية، وتعتقد أن دورها مقصور على ذلك، في حين أن الطالب بات بإمكانه الحصول على تلك العلوم من خلال التواصل العالمي الذي أصبح يتعرض له يومياً من خلال الفضاء المفتوح، ، لذلك لا بد على المدرسة أن تعمل جاهدة على تفعيل هذه المعلومات بعيداً عن طريقة التلقين الاعتيادية، فهناك حاجة لتعليم الطالب كيف يستخدم هذا العلم، وطالبت المؤسسات التعليمية بالنظر للتعليم باعتباره أداة وليس هدفاً بحد ذاته، فهو أداة لتمكين أبنائنا ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم وأن يسدوا حاجات المجتمع