كشفت دراسة حديثة أن حوادث المرور وآلام الظهر والرقبة والسكري تسهم في تراجع الوضع الصحي في العديد من دول المنطقة.



كشفت دراسة علمية جديدة بعنوان " الصحة في ظل عدم الاستقرار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، 1990-2013: تحليل منهجي لدراسة عبء الأمراض العالمي 2013" أن حوادث المرور (السير) وآلام الظهر والرقبة والسكري تهدد التقدم في المجال الصحي في العديد من دول الخليج، والتي سجلت ارتفاعاً في متوسط أعمار سكانها مقارنة بعام 1990.
وأوضحت الدراسة أن هناك تراجعاً في الظروف الصحية ومتوسط الأعمار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط خلال العقدين المنصرمين.
وقال د. علي مقداد، مدير مبادرات الشرق الأوسط في معهد مقاييس الصحة والتقييم (IHME) في جامعة واشنطن في سياتل: "تحتاج منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط إلى الاهتمام في هذه المرحلة الصحية الحرجة." وأضاف: "شهدت هذه المنطقة تحسناً في الصحة ومتوسط الأعمار خلال العقد المنصرم، لكن التوتر الحاصل مؤخراً سيؤدي إلى تدهور الوضع الصحي في هذه الدول لسنوات عدة قادمة."
وأوضح د. مقداد: "أحرزت عدة دول من الخليج تحسناً ملحوظة في متوسط الأعمار خلال العقدين المنصرمين. ورغم هذا التقدم الذي أحرزته في معالجة صعوبات كالولادة المبكرة والأمراض القلبية الإقفارية والجهاز التنفسي السفلي، فهناك تحديات جديدة تتعلق بالسمنة والصحة النفسية وتعاطي المخدرات. وإذا لم تعالج هذه المشاكل، سيكون لها عواقب وخيمة."
تناولت الدراسة 22 دولة في وسط آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفترة ما بين 1990 و2013، وهي مبنية على نتائج دراسة العبء العالمي من الأمراض والإصابات وعوامل الخطر (GBD) التي نسقها معهد مقاييس الصحة والتقييم. وتعتبر الدراسة هذه الجهد الأكبر والأكثر شمولية لقياس مستويات وتوجهات الوباء في العالم، وذلك في ظل مشاركة أكثر من 1800 مساهم من 124 دولة.
الأمراض المزمنة العبء الأكبر 
كذلك، وجدت الدراسة، التي تنشر اليوم في دورية The Lancet Global Health، أن الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري تشكل عبئاً أكبر على الصحة من الأمراض المعدية مثل أمراض الإسهال والتدرن في المنطقة.
وكشفت الدراسة أن أكثر خمسة أسباب للعبء الصحي سنة 2013 في الدول ذات الدخل العالي في المنطقة تشمل إصابات الطرق، وآلام الظهر والرقبة، والسكري، وأمراض القلب، والاكتئاب. ويعتبر الارتفاع الكبير في الإصابة بالسكري تحديداً مثير للقلق، ففي السنوات بين 1990 و2013، ازداد عبء مرض السكري في عمان بنسبة 24.4%، وفي الكويت بنسبة 51.7%، وفي السعودية – حيث يعتبر المسبب الرئيسي للإعاقة والوفاة – بنسبة 90.9%.
وانخفض عدد السنوات المفقودة بسبب الأمراض المعدية والاضرابات المتعلقة بالأمومة وحديثي الولادة والتغذية في المنطقة من 109 ملايين إلى 73 مليون خلال السنوات 1990 إلى 2013، وهو ما يتوافق مع المعدلات العالمية. يذكر أن نقص الوزن لدى الأطفال من أكبر المخاطر الصحية في الدول منخفضة الدخل مثل الصومال وأفغانستان واليمن، فيما تعتبر الأمراض غير المعدية من أكبر المخاطر الصحية في الدول عالية ومتوسطة الدخل.
ارتفاع متوسط العمر وسوريا الأعلى في نسبة الوفيات 
وبشكل عام، ارتفع متوسط الأعمار من 65 سنة عام 1990 إلى 71 سنة عام 2013، ما يعتبر مؤشراً على تقدم عام في المنطقة. فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط أعمار الرجال في البحرين من 71 سنة عام 1990 إلى 78 سنة عام 2013، وارتفع لدى النساء من 72 سنة إلى 80 سنة. وتبين الدراسة أن قطر حققت أعلى متوسط أعمار في المنطقة، حيث يصل إلى 81 سنة للرجال و83 سنة للنساء.
تسببت الثورات في سوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس بانخفاض متوسط الأعمار منذ سنة 2010. وبشكل محدد، كان متوسط الأعمار في سوريا أعلى بست (6) سنوات قبل الحرب، كما شهدت سوريا ارتفاعاً في وفيات الأطفال والأمهات، لتكون الدولة الوحيدة التي تسجل أعلى معدلات الوفيات في المنطقة.
وارتفعت مشاكل الصحة النفسية وتعاطي المخدرات في المنطقة بشكل كبير منذ سنة 1990 وتسببت بعدد أكبر من الوفيات، حيث أن الاكتئاب وتعاطي الأفيون كانت من أكثر ستة (6) مسببات للمشاكل الصحية في العديد من الدول سنة 2013، وازدادت المشاكل الصحية بسبب هذين العاملين بشكل كبير خلال العقدين المنصرمين. ففي قطر، يأتي تعاطي الأفيون على قائمة مسببات الإعاقة الصحية والوفاة نظراً لارتفاع مستويات تعاطيه بنسبة 18.9% منذ سنة 1990.
ويقول د. مقداد: " للأسف، لم تعمد معظم هذه الدول لمواجهة هذا الارتفاع بأي استثمار في الوقاية منه؛ حيث تغض وزارات الصحة المحلية والمؤسسات الدولية أو أنظمة التأمين البصر عن هذه المشكلة".
وأضاف :"تتطلب مواجهة ارتفاع نسبة الأمراض غير المعدية والتحديات الناتجة عن أمراض الصحة النفسية وتعاطي المخدرات بلورة توجهات وتأمين مهارات وجهود وقاية جديدة، وعلى الدول الاستثمار في البنية التحتية الصحية وأنظمة المعلومات فوراً لتجنب ظروف صحية أسوأ في المستقبل. ولن يكون تأثير هذه الاستثمارات مقتصراً على المنطقة فحسب، بل سيكون تأثيرها على العالم أجمع."
إصابات السير 
وتشكل إصابات السير "توجهاً مثيراً للقلق"، وهي السبب الرئيسي لخسارة الأرواح أو التعرض لإعاقات دائمة في الدول عالية الدخل. ويقول التقرير: "يحمل ذلك عواقب اقتصادية وخيمة، حيث أن الرجال في هذه المنطقة من العالم هم المعيلين الرئيسيين للأسرة." وفي الدول منخفضة الدخل، حيث تشكل هذه الإصابات مصدر قلق كبير، غالباً ما تصبح العائلات فقيرة بسبب فقدانها مصدر دخلها.
ويشير تقرير" الصحة في ظل عدم الاستقرار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، 1990-2013: تحليل منهجي لدراسة عبء الأمراض العالمي 2013"إلى التحديات البيئية في المنطقة حيث أدى التغير في المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة ومن المتوقع أن يصبح جزءاً كبيراً من المنطقة غير قابل للسكن في المستقبل. إضافة إلى ذلك، يشكل شح المياه تهديداً رئيساً على الأمن في العديد من دول منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.
يشار إلى أن الدراسة شملت أفغانستان وجمهورية مصر العربية والبحرين وجيبوتي والعراق وجمهورية إيران الإسلامية والأردن والمملكة العربية السعودية والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وباكستان وفلسطين وقطر وجمهورية اليمن والصومال والسودان والجمهورية العربية السورية وتونس والإمارات العربية المتحدة.

معلومات اتصال: