خلصت دراسة حديثة إلى أن عددا كبيرا من الأشخاص في الصين أصيبوا ببكتيريا خطرة، مقاومة لمضاد حيوي قوي.

وبفحص عينات أخذت من أكثر من 17 ألف مريض في مستشفيين على مدار ثماني سنوات، توصل باحثون إلى أن واحدا في المئة من العينات كانت مقاومة لعقار كوليستين colistin، وهو أحد أدوية التي يلجأ إليها الأطباء كملاذ أخير.

وكان هؤلاء المرضى مصابين بعدوى بكتيرية شائعة توجد في الأمعاء الغليظة، وذلك في مقاطعتي تشيجيانغ وغوانغدونغ الصينيتين. ونشرت الدراسة في دورية لانسيت الطبية الجمعة، وتعد من بين أول الدراسات التي توثق حجم الإصابات البكتيرية المقاومة للعلاج في أكثر من مقاطعة صينية.

وعلى مدار عقود، استخدمت الصين عقار كوليستين في التصنيع الزراعي، للمساعدة في تسريع نمو المواشي، لكنه لم يكن مستخدما في البشر. وسيحظر استخدام عقار كوليستين في تغذية الحيوانات في الصين العام الجاري، وسيوجه استخدامه لعلاج البشر فقط على أمل الحفاظ على فعاليته، لكن ذلك اثار مخاوف من تفاقم مشكلة مقاومة البكتيريا للعلاج.

ويقول علماء إن الدراسة الأخيرة دليل جديد، على أن الإفراط في استخدام عقار ما في الحيوانات قد تنتقل أضراره إلى البشر. ويقول البروفيسور مارك إنرايت، استاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة مانشستر متروبوليتان والذي لم يشارك في الدراسة: "سيكون من المهم جدا أن نرشد استخدام ذلك العقار، بحيث يقتصر استخدامه حينما يكون ليس هناك بديل آخر".

وحذر مسؤولون طبيون مرارا من أن البكتيريا المقاومة لعقار كوليستين ربما تنتشر بشكل أوسع، بما يمهد الطريق لحالات إصابة بكتيرية خطرة، ستكون نظريا مقاومة للعلاج.

ولم يكتشف من هذه الحالات سوى عدد محدود حول العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة. ودفعت زيادة المخاوف من الجراثيم المقاومة للعلاج الأمم المتحدة، إلى تشجيع الدول على خفض استخدام المضادات الحيوية وتطوير أنواع أخرى من الأدوية.

والأشخاص المصابون بسلالة البكتيريا المقاومة للعلاج تلك يمكن علاجهم عادة بالمضادات الحيوية الحالية، لكن أطباء يحذرون من أن هذه البكتيريا تكتسب مقاومة للأدوية الحالية، ومن ثم فإن حالات الإصابة قد يستحيل علاجها.

وكشف خبراء عن مفاجأة أخرى، وهي السهولة الواضحة التي ينتقل بها الجين المقاوم للعلاج بين البكتيريا، بما في ذلك سلالات مختلفة من البكتيريا.

ويقول "نايغل براون" المتحدث باسم جمعية علم الأحياء الدقيقة في بريطانيا: "يبدو أن هناك إمكانية لانتقال الجين المقاوم للعلاج، وانتشاره بين سلالات مختلفة للبكتيريا"، مضيفا أن ذلك قد يؤدي إلى قفزة في حالات الإصابة.

وفي دراسة منفصلة، نشرت أيضا في دورية لانسيت الطبية، حلل مجموعة من الباحثين الصينيين عينات من مرضى مصابين بعدوى في الدم في 28 مستشفى. ووجد الباحثون أن واحدا في المئة من هؤلاء لديهم جين مقاوم لعقار كوليستين، وهي نسبة أكبر بكثير من تلك المتوقعة في الدول المتقدمة.

ويقول "يونسنع يو" وهو واحد ممن شاركوا في الدراسة، إن استخدام عقار كوليستين في المستشفيات يجب أن يخفض لتجنب المشاكل. وأضاف براون "إنها صيحة تحذير من السيناريو المحتمل، إذ لن يكون لدينا الكثير من الخيارات لمعالجة حالات الإصابة بتلك البكتيريا".

وأوضح "لا اعتقد أننا اقتربنا كثيرا من حدوث ذلك، لكنه احتمال وارد إذا لم نتحلى بالحذر بشأن كيفية استخدام المضادات الحيوية".